زيد بن خارجة الأنصاري

مالك محمد

كاتب محترف
زيد بن خارجة الأنصاري






  1. زيد بن خارجة بن زيد بن أبي زهير الخزرجي الأنصاري، صحابي مشهور، شهد بدرًا وبيعة الرضوان، وله رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. توفي في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، ومشهور عنه أنه من تكلم بعد موته، في حديث مشهور رواه ثقات الشاميين والكوفيين.

    زيد بن خارجة اسمه ونسبه
    زيد بن خارجة بن زيد بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث (بلحارث) بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف ابن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، الخزرجي الأنصاري البدري، ويعرف قومه ببني الحارث بن الخزرج أو بلحارث بن الخزرج، ويشتهرون ببني الأغر[1]. قال ابن الأثير: أخرج نسبه ابن منده، وأبو نعيم .. فقالا: زيد بن خارجة بن أبي زهير. وقالا في ترجمة أبيه خارجة بن زيد بن أبي زهير، فأسقطا زيدًا والد خارجة هاهنا، وأثبتاه في أبيه، والصحيح إثباته[2].

    أسرة زيد بن خارجة وأولاده
    تزوج خارجة بن زيد بن أبي زهير رضي الله عنه من الصحابية هزيلة بنت عنبة وقيل هزيلة بنت عتبة بن عمرو بن خديج بن عامر بن جشم بن الحارث بن الخزرج، الخزرجية الأنصارية[3]. فولدت له زيد بن خارجة وحبيبة بنت خارجة، وهزيلة بنت عتبة هي أم سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي الزهير الخزرجي الأنصاري، فيكون زيد بن خارجة وأخته حبيبة أخوين لسعد بن الربيع من أمه[4].

    وذكر ابن منده أن لخارجة بن زيد رضي الله عنه ولدًا سمَّاه "سعد بن خارجة"، استشهد مع والده في غزوة أُحد، قال ابن منده: سعد بن خارجة بن زيد بن أبي زهير، مختلف في اسمه، وهو أخو زيد (زيد بن خارجة)، قتل هو وأبوه يوم أُحد[5].

    وتزوج زيد بن خارجة رضي الله عنه من الصحابية أُنيسة بنت خبيب بن يساف بن عنبة بن عمرو بن خديج بن عامر بن جشم بن الحارث بن الخزرج، فولدت له عبد الله ومحمدًا وأم كلثوم[6].

    إسلام زيد بن خارجة
    لم يرد نص صريح في توقيت إسلام زيد بن خارجة رضي الله عنه، ولكن يبدو أنه من السابقين في الإسلام مثل أبيه، إذ كان أبوه خارجة بن زيد بن أبي زهير رضي الله عنه من كبار الصحابة وأعيانهم ومن السابقين في الإسلام، وهو من الطبقة الأولى من الأنصار[7]، أسلم قبل الهجرة، وشهد بيعة العقبة الثانية، وهو أحد النقباء الاثني عشر الذين جعلهم النبي صلى الله عليه وسلم على قومهم[8]. وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بين والده خارجة وبين أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان منزل أبي بكر عندهم في السُّنْح في عوالي المدينة المنورة[9]، قال محمد بن سعد: نزل أبو بكر على خارجة بن زيد بن أبي زهير وتزوج ابنته، ولم يزل في بني الحارث بن الخزرج بالسُّنْح حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم[10].

    مشاهد زيد بن خارجة وجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
    أسلم زيد بن خارجة رضي الله عنه مبكرًا، لذا كان جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيمًا، فقد شهد غزوة بدر سنة 2هـ = 624م[11]، ثم شهد بيعة الرضوان[12].

    أحاديث زيد بن خارجة
    رَوى زيد بن خارجة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورَوى عنه: موسى بن طلحة بن عبيد الله[13].
    روى النسائي بسنده عن خالد بن سلمة عن موسى بن طلحة قال: سألت زيد بن خارجة، قال: أنا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «صَلَّوْا عَلَيَّ، وَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، وَقُولُوا: اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ». قال الشيخ الألباني: صحيح[14].

    وروى الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح، أن عبد الحميد بن عبد الرحمن (هو ابن زيد بن الخطاب العدوي)، دعا موسى بن طلحة حين عَرَّسَ على ابنه، فقال: يا أبا عيسى، كيف بلغك في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال موسى: سَأَلْتُ زيد بن خارجة عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال زيد: أنا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسي: كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكَ؟ قال: «صَلُّوا وَاجْتَهِدُوا، ثُمَّ قُولُوا: اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»[15].

    وروى ابن قانع في معرفة الصحابة بسنده عن عبد الله بن يزيد، عن زيد بن خارجة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو: «اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالصِّحَّةَ وَالْأَمَانَةَ وَحُسْنَ الْخُلُقِ وَالرِّضَا بِالْقَدَرِ»[16].
    وروى الطبراني بسنده في المعجم الكبير، عن حمران بن أعين عن أبي الطفيل عن زيد بن خارجة قال: لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم وفاة النجاشي، قال: «إِنَّ أَخَاكُمْ قَدْ تُوُفِّيَ»، فخرج، فصففنا خلفه فصلينا، وما نرى شيئًا[17].

    وفاة زيد بن خارجة رضي الله عنه
    توفي زيد بن خارجة رضي الله عنه في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه[18]، وحدد ابن منده تاريخ وفاته بسنة 27هـ = 647م [19]. وقد خلط ابن منده في كتابه "معرفة الصحابة" بين زيد بن خارجة وأبيه، فقال: «خارجة بن زيد بن أبي زهير الخزرجي، الذي تكلم بعد موته، توفي في زمن عثمان رضي الله عنهما، أخرجه البخاري في زيد بن خارجة»[20]، وما ذكره البخاري هو الصحيح المشهور. والغريب أن أبا نعيم الأصبهاني وقع فيما وقع فيه ابن منده، وكأنه نقل عنه، فقال: «خارجة بن زيد الخزرجي شهد بدرا، توفي في أيام عثمان، وهو الذي تكلم على لسانه بعد الموت، مختلف فيه، فقيل: زيد بن خارجة، وقيل: خارجة بن زيد وأراه المتقدم صاحب أبي بكر»[21]. وهذا وهم كبير، فإن خارجة بن زيد رضي الله عنه استشهد في أُحد سنة 3هـ = 625م. وقد استدرك أبو نعيم خطأه فيما بعد، فقال: «زيد بن خارجة بن أبي زهير الخزرجي شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، توفي في خلافة عثمان»[22].

    زيد بن خارجة المتكلم بعد موته
    ومما هو مشهور عن زيد بن خارجة رضي الله عنه أنه تكلم بعد موته زمن خلافة عثمان رضي الله عنه، وذلك أنه غشي عليه قبل موته، وأسري بروحه، فسجَّى عليه بثوبه، ثم راجعته نفسه، فتكلم بكلام حُفظ عنه في أبي بكر، وعمر، وعثمان، ثم مات في حينه[23]، وقد وقع الاختلاف عند البعض، فذكروا أن من تكلم بعد موته هو خارجة بن زيد بن أبي زهير، وقال آخرون: بل هو زيد بن خارجة بن أبي زهير، قال ابن الأثير: وهذا زيد (زيد بن خارجة) هو الذي تكلم بعد الموت في أكثر الروايات، وهو الصحيح، وقيل: إن الذي تكلم بعد الموت أبوه خارجة، وليس بصحيح، فإن المشهور في أبيه أنه قتل يوم أُحد [24].

    ونص الحديث كما رواه الطبراني بسنده عن عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال: بينما زيد بن خارجة يمشي في بعض طرق المدينة إذ خرَّ ميتًا بين الظهر والعصر، فنُقل إلى أهله وسجي بين بردتين وكساء، فلما كان بين المغرب والعشاء اجتمع نسوة من الأنصار يصرخنَّ حوله، إذ سمعوا من تحت الكساء، يقول: "أنصتوا أيها الناس"، مرتين فحسروا عن وجهه وصدره، فقال: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي الأمي خاتم النبيين، كان ذلك في الكتاب الأول، ثم قيل على لسانه: صدق أبو بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم القوي الأمين، كان ضعيفا في بدنه قويا في أمر الله، كان ذلك في الكتاب الأول، ثم قيل على لسانه: صدق صدق ثلاثا، والأوسط عبد الله عمر أمير المؤمنين الذي كان لا يخاف في الله لومة لائم، وكان يمنع الناس أن يأكل قويهم ضعيفهم، كان ذلك في الكتاب الأول، ثم قيل على لسانه: صدق صدق صدق، ثم قال: عثمان أمير المؤمنين رحيم بالمؤمنين، خلت اثنتان وبقي أربع، ثم اختلف الناس ولا نظام لهم، وأبيحت الأحماء -يعني تنتهك المحارم- ودنت الساعة، وأكل الناس بعضهم بعضًا" [25].

    وفي رواية أخرى عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال: "لما توفي زيد بن خارجة انتظر به خروج عثمان رضي الله عنه، فقلت: يصلي ركعتين، فكشف الثوب عن وجهه، وقال: السلام عليكم السلام عليكم، قال: وأهل البيت يتكلمون، قال: فقلت: وأنا في الصلاة: سبحان الله سبحان الله، فقال: أنصتوا أنصتوا، محمد رسول الله كان ذلك في الكتاب الأول، صدق صدق صدق، أبو بكر الصديق ضعيف في جسده قوي في أمر الله، كان ذلك في الكتاب الأول، صدق صدق صدق، عمر بن الخطاب قوي في جسده قوي في أمر الله، كان ذلك في الكتاب الأول، صدق صدق صدق، عثمان بن عفان مضت اثنتان وبقي أربع، وأبيحت الأحماء، بئر أريس وما بئر أريس، السلام عليك، عبد الله بن رواحة، هل أحسست بي، خارجة وسعدًا ؟ قال شريك: هما أبوه وأخوه"[26].

    ورواه ابن عبد البر بسنده عن سليمان بن بلال، عن يحيى، عن سعيد ابن المسيب، أن زيد بن خارجة الأنصاري، ثم من بني الحارث بن الخزرج. توفي زمن عثمان بن عفان، فسجي بثوب، ثم إنهم سمعوا جلجلة في صدره، ثم تكلم فقال: أحمد أحمد في الكتاب الأول، صدق صدق، أبو بكر الصديق، الضعيف في نفسه، القوي في أمر الله، كان ذلك في الكتاب الأول، صدق صدق، عمر بن الخطاب القوي الأمين في الكتاب الأول، صدق صدق، عثمان بن عفان على منهاجهم، مضت أربع سنين وبقيت اثنتان، أتت الفتن، وأكل الشديد الضعيف، وقامت الساعة، وسيأتيكم خبر بئر أريس [بئر بالمدينة ثم بقباء مقابل مسجدها]، وما بئر أريس. قال يحيى بن سعيد: قال سعيد بن المسيب: ثم هلك رجل من بني خطمة فسجى بثوب فسمعوا جلجلة في صدره، ثم تكلم فقال: إن أخا بني الحارث بن الخزرج صدق صدق[27].

    قال ابن عبد البر ونقل عنه الذهبي: روى حديثه هذا (أي التكلُّم بعد الموت) ثقات الشاميين عن النعمان بن بشير، ورواه ثقات الكوفيين عن يزيد بن النعمان بن بشير، عن أبيه. ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب [28].
 

walaa yo

كبار الشخصيات
طاقم الإدارة
يعطيك العافيه على كل ماتقدميه
 

مواضيع مماثلة

أعلى