تعريف التجارة الخارجية وأحد أشكالها

هدير نصر

كاتب جيد
إستكمالا للمقالة السابقة التي تحدثنا فيها عن بعض أشكال التجارة الخارجية، مثل الاستيراد و التصدير و الترانزيت، نستعرض اليوم أشكال اخري من التجارة الخارجية بين بلدان الإتحاد الأوروبي و بلدان العالم:

١. نقل البضائع عبر الحدود بهدف التعديل أو التغيير أو التحسين Refinement transport.
إن هذا النوع من التجارة الخارجية يحتاج غالباَ إلى موافقة أو تصريح مسبق من الجمارك. إن التعديل يقصد به أن المادة التي تم استيرادها أو تصديرها تبقى كما هي في بنيتها الأساسية و لكن قد يتم العمل على تعديل شكلها الخارجي أو تركيبها مع مادة أخرى.

مثال على ذلك: عندما يراد صناعة آلة ما فإنه قد يتم صنع القطع المكونة لها في عدة بلدان و من ثم تصديرها و تركيبها في بلد آخر ومن ثم إعادة تصديرها إلى بلد ثالث.

في هذه الحالة في بلد التركيب لا يتم تغير البنية الأساسية للقطع المكونة للآلة و إنما يتم فقط تركيبها مع بعضها البعض.

أما التغير فيتم العمل على تغير البنية الأساسية للمادة المستوردة أو المصدرة و ليس فقط شكلها الخارجي أو خصائصها. على سبيل المثال استيراد المادة الأولية و من ثم استخدامها في صناعة مادة جديدة تماما و العمل على تصدير المادة الجديدة إلى بلد ثالث.

أما في حالة التحسين فهو عادة ما يكون بهدف الإصلاح و مثال على ذلك هو استيراد آلة معطلة و من ثم إصلاحها مرة أخرى ومن ثم إعادة تصديرها إلى نفس الشركة.

على الرغم من وجود عملية التصدير و الاستيراد الاختيارية في هذا النوع من التجارة الخارجية إلا أن مؤسسة الجمارك في أوروبا تتعامل مع هذا النوع من النشاط بشكل مختلف.

على سبيل المثال: في حال قامت شركة ما باستيراد ألة معطلة إلى ألمانيا بدون إبلاغ الجمارك بأنها تهدف إلى إصلاحها و من ثم إعادتها إلى العميل فعلى الشركة دفع ضرائب الاستيراد وكذلك ضرائب إعادة التصدير.

أما في حال تم الإبلاغ بأن الهدف من الإستيراد هو تصليح الألة فإن الشركة تستطيع أن توفر الكثير من المال لأنها ليست مضطرة بأن تدفع ضرائب الاستيراد في هذه الحالة على سبيل المثال.

ولكن على الشركة أن تعيد تصدير نفس الألة مرة آخرى ضمن مدة محددة إلى خارج الاتحاد الأوروبي مرة آخرى و لاتسطيع استخدامها أو بيعها في داخله.

إن لهذا النشاط التجاري تفرعات و تصنيفات كثيرة من وجهة نظر مؤسسة الجمارك تتعلق بالمكان والزمان والمدة ونوعية البضائع ونوع التصريح الممنوح للشركة.

٢. الإمتيازات و اتفاقيات الترخيص.
في هذا النوع من النشاط التجاري تقوم شركة داخل الإتحاد الأوروبي بإعطاء ترخيص أو امتياز لشركة خارج الإتحاد الأوروبي (تصدير) أو العكس (استيراد) لإنتاج و بيع مادة ما أو تصريح استخدام المعرفة التقنية أو ترخيص لاستخدام خطط و استراتجيات البيع أو ترخيص استخدام الماركة الخاصة بالشركة الرئيسية.



تهدف الشركات إلى هذا النوع من النشاط التجاري للإستفادة من خبرة الشركات المحلية في السوق الداخلية و توفير تكاليف نقل المادة من بلد المنشأ و تقليل مخاطر نقل رأس المال و غيرها من المخاطر الآخرى.

إلا أن هذا النوع من النشاط له مخاطره و مشاكله و لاسيما في ما يتعلق بنقل المعلومات التكنولوجية الحديثة و التي تفرض الدول المتقدمة الكثير من الشروط المسبقة التي قد تخلق تعقيدات في العقود بين الطرفين و ذلك لمنع سوء استخدام هذه التكنولوجيا الأمر الذي قد يؤدي إلى الإساءة إلى سمعة الشركة المقدمة للتصريح أو الإمتياز.

٣. الاستثمار المباشر.
في هذا النشاط التجاري تقوم شركات من الإتحاد الأوروبي بالإستثمار المباشر في بلد خارج الإتحاد الأوروبي عن طريق نقل جزء من رأس مال الشركة من داخل الإتحاد الأوروبي إلى البلد المراد الاستثمار به.

إن هذا الاستثمار قد يظهر على شكل فتح فرع جديد للشركة في البلد الثاني أو شراء شركة محلية أو الاستثمار في شركة محلية على سبيل المثال.

من أهم مميزات الاستثمار المباشر هو الإستفادة من الأسعار الرخيصة للمواد أو اليد العاملة الرخيصة في بلد الاستثمار بالإضافة إلى الوجود المباشر للشركة في السوق المحلية مما يساعد على توفير سوق جديدة لها.

كما يمكن تجنب مخاطر و نفقات الاستيراد و التصدير والنقل واختلاف صرف العملة بين البلدين.

من مساوئ أو متطلبات الاستثمار المباشر هو الحاجة لوجود رأس مال كبير نسبياَ بالإضافة إلى خطة استراتيجية طويلة الأمد لهذا الاستثمار.

في بعض البلدان النامية قد يكون هناك صعوبة في إيجاد اليد العاملة المدربة و المؤهلة علميا.

إن المخاطر الناتجة عن اختلاف النظام السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي و القانوني يجب أن يتم أخذها بعين الاعتبار و دراستها بشكل جيد.

٤. التعاون المشترك.
هذا النشاط يتمثل بتحالف استراتيجي طويل الأمد بين الشركاء و ذلك بهدف تقوية فرص المنافسة في الأسواق الخارجية و العالمية عن طريق مشاركة المخاطر و الموارد.

إن التعاون بين الشركات يكون له تأثير كبير في الأسواق الخارجية لا سيما في حالة المشاريع الكبيرة والعقود و المناقصات طويلة الأجل. إن هذا التعاون قد يأخذ أشكال متعددة.

على سبيل المثال قد تقوم شركة بإنتاج سلعة ما و من ثم نقلها إلى مخازن شركة آخرى و التي ربما تعمل على انتاج سلع مختلفة عن سلعة الشركة الأولى مما يؤدي إلى توفير نفقات التخزين على الشركتين.

مثال آخر: ممكن أن تقوم شركة انتاج سيارات في أوروبا بالتعاون مع شركات آخرى خارج الإتحاد الأوروبي لإنتاج أجزاء أو قطع معينة تدخل في تركيب السيارة بأسعار أرخص أو جودة أفضل مما يساعد على زيادة فرص المنافسة أمام شركات السيارات الآخرى.

من مساوئ هذا النوع من النشاط هو خسارة أحد الشركاء لهوية منتجاته كما هو في المثال السابق حيث أن ماركة السيارة هي الأساس عند البيع.

أما القطع المكونة لأحد أجزاء السيارة التي قد تكون من صنع شركات آخرى فإنها قد لا تظهر للمستهلك في أغلب الآحيان. بالإضافة إلى ذلك في حالة التعاون تكون القدرة على اتخاذ القرارات المستقلة لأحد الشركاء محدودة.

٥. المقايضة.
في هذه الحالة يقوم المستورد بدفع ثمن بضاعته عن طريق تصدير سلعة آخرى أو تقديم خدمة تجارية يتم الاتفاق عليها بين المستورد و المصدر بدلا من تسديد ثمن البضاعة بدفع المال.

قد تكون المقايضة بين الشركاء مباشرة أو عن طريق طرف ثالث أو عدة أطراف خارجية. ومن أفضل الأمثلة على هذا النوع من التجارة هو قيام شركة ألمانية ببيع آلاتها لشركة روسية على سبيل المثال من أجل إنتاج سلعة معينة تحتاج إلى مواد أولية قد تكون ذات سعر رخيص أو موجودة بوفرة في روسيا.

بدلاَ أن تقوم الشركة الألمانية باستيفاء ثمن الآلات نقداَ تقوم باستيراد منتجات الشركة الروسية أو قسم منها و تقوم ببيعها في الأسواق الألمانية أو الأوروبية مقابل ربح معين إلى حين استيفاء كامل سعر الآلات.

وقد تكون للتجارة الخارجية أشكال آخرى و معقدة تختلف باختلاف البلدان و القوانين…الخ. على سبيل المثال يمكن تصدير السلع إلى بلد ما من أجل عرضها في المعارض المتخصصة ومن ثم إعادتها إلى بلد المنشأ بعد إنتهاء المعرض.

وفي بعض الحالات الآخرى تقوم إحدى الشركات في الاتحاد الأوروبي بارسال أحد العاملين (تقني أو فني مختص) إلى دولة خارج الإتحاد الأوروبي من أجل القيام بعملية إصلاح إحدى الآلات التي قامت شركة ما بشرائها مسبقاَ.
port-metro-vancouver-20130510.jpg
 

مواضيع مماثلة

أعلى