جِنينْ
شعر: د.عبالرحمن صالح العشماوي
خبِّريْنا يا قلوبَ الوالهينْ *** عن جراحٍ ودموعٍ وأنينْ
خبِّريْنا عن جريحٍ لم يزلْ *** يلفظ الأنفاسَ بين الراحلينْ
وعن الأجساد لما أصبحت *** قِطَعاً تُغْمَس في ماءٍ وطينْ
وعن الرُّعب الذي نُبصرُهُ *** كلَّ يومٍ في وجوه النازحينْ
عن صغارٍ أصبحوا في فَزَعٍ *** تحت زخَّاتِ رصاص الغاصبينْ
وعن الأنقاضِ ماذا تحتَها *** من ضحايا قُتِلُوا مُسْتَبسلينْ
وقفوا وِقْفةَ حُرّ صامدٍ *** يتلقَّون رصاصَ المعتدينْ
سألوا عنّا فلَّما علموا *** أننا نحيا حياة الغافِلينْ
قدَّموا أنفسهم في جولةٍ *** صمدوا فيها صمودَ الفاتحينْ
ربحوا فيها حياةً حُرَّةً *** عند من يرفعُ قدرَ الصادقينْ
خبِّريْنا عن بقايا دُورِهِم *** ما الذي تُخفيه في أرض «جِنينْ»
خبِّريْنا يا قلوبَ الوالهينْ *** عن بطولاتِ رشيدٍ وأَمينْ
خبِّريْنا عن فتاةٍ فَجَّرتْ *** نفسَها. هزَّتْ قلوبَ الواهمينْ
هي في عمر الصَّبايا خَرجتْ *** حرَّةً من نظرات الحالمينْ
غرَّدتْ للموت لمَّا أبصرتْ *** قومَها بين قتيلٍ وسَجينْ
ورأتْ جُرحَ أخيها نازفاً *** غسلتْهُ الأُمُّ بالدمعِ السَّخينْ
أَنِفَتْ أنْ تُسْنِدَ الأمرَ إلى *** وَعْد شُذَّاذِ اليهودِ الخائنينْ
أو إلى تدبيرِ غَرْبٍ لم يزلْ *** يجد العُذْرَ لشارونَ اللَّعينْ
يَدُها الناعمةُ امتدَّتْ إلى *** جَذْوةٍ تَشوي وجوهَ الحاقدينْ
قدَّمتْ زَهْوَ صِبَاها ثمناً *** غالياً في نُصْرَةِ المستضعفينْ
ما دَهاها؟، إسألوا عن حالِها *** حزنها القاسي على الشعب الرَّهينْ
من رأى الأشلاءَ مِنْ أَحبابِهِ *** أصبح الموتُ له خيرَ قرينْ
رُبَّ ظُلْمٍ حوَّلَ الظَّبْيَ إلى *** أسدٍ مُفترسٍ للظالمينْ
خبِّريْنا يا قلوبَ الوالهينْ *** عن بطولاتِ الأُباةِ الصَّامدينْ
عن سؤالٍ حائرٍ، يُشعِلُهُ *** أَلَمٌ قاسٍ، ووجدٌ، وحَنينْ
أين ليلى؟ ما بها لم تَلْتَفِتْ *** لصغيرٍ عمرُه بضْعُ سنينْ؟
ما لها قد أعرضتْ عن طفلها *** وهو يُلقي صَرْخة الباكي الحزينْ؟
أين ليلى؟، جُثَّةٌ هامدةٌ *** بين آلافِ الضَّحايا البائسينْ
أقسم الفجرُ الذي أَبصرها *** دون رِجْلٍ وذراعٍ وجبينْ:
أنَّها كانتْ مثالاًً صادقاً *** لهدوء الطبع والعقل الرَّزينْ
قتلوها، هَدَموا منزلَها *** والدُّجَى يخفي وجوه الغادرينْ
سرقوا العِقْدَ الذي قدَّمَهُ *** زوجُها رَمْزَ وفاءِ العاشقينْ
آهِ منّا يا قلوبَ الوالهينْ *** آهِ منا كيف صرْنا حائرينْ
آهِ من ضعفٍ، أرى أُمَّتَنا *** رضيتْ في ظلِّه أََنْ تَستكينْ
يا قلوبَ الوالهينَ الصامِدِينْ *** لا تَتِيهي بينَ غَثّ ٍوسمينْ
ذكّري الليلَ بما تبصرهُ *** مُقْلَةُ المؤمِن من فجر اليقينْ
حدِّثي الدنيا حديثاً صادقاً *** يسْتِقي من مَنْبعِ الوحي المبينْ:
لَمْ يَمُتْ مَنْ ماتَ يحمي دينَه *** هو حيٌّ عند ربِّ العالمين
بيان من أشلاء طفل
بمناسبة الأحداث الدامية في الأرض المحتلة
شعر:الدكتور عبد الرحمن العشماوي
آه منا آه ياشهر المحرم ** آه من عملاقنا كيف تقدم
آه من احلامنا صارت سراباً ** آه من صرح المروأتِ تهدم
آه من الف قتيل وقتيل من عظام في ربى الاقصى تُهشم
آه من دبابة تقتل طفلاً ** آه من نار على الأحباب تضرم
آه من امتنا كيف استحالت ** كفراش في لظى النار تقحم
آه منها تمنح الاعداء شهداً ** وهي لا تشرب إلا كأس علقم
تطلب العدل من الباغي عليها ** وتنادي من إذا جاوب تمتم
أي عدل يرتجى ممن تغابا ** ولما يصنعُ شارون تفَهّم
لم يزل يعلن ليلاً ونهارا ** ان شارون من الأطفال يظلم
اه من باءٍ وواوٍ ثم شينٍ ** رسمَت صورة وجهٍٍ يتجهم
يعلن العطف على الباغي ويأبا ** ان يرى المأساة في اجفان يتم
غارق في صمتهِ حتى إذا ما ** هبت الاحداث بالجور تكلم
لست ادري إي وربي لست ادري ما الذي يجعل ذهن الصخر يفهم
عبثاً ان نسأل اليل إذا ما ** غمر الدنيا لماذا اليل اظلم
اين قومي لاتسل عن حال قومي سترى مَن خفض الرأس وغمغم
سترى مَن اغمض العينين لما ** طارت الأشلاء في الدرب الملغم
واقع يجري على الأرض يرينا ** صنم الأوهام في قومي تحطم
ويُرينا صورة الأمة لما ** اصبحت في مأتم من بعد مأتم
قل لمن يروي لنا آثار لخم ** وجذام والعماليق وخثعم
إنما المجد إباءُ ُ وشموخ ** وبطولات أمام القدس ترسم
حرك المعتصمُ الجيش انتصاراً ** لفتاة صوتُها الباكي تظلم
خاضها معركة كبرى اعادت ** هيبةُ ُ في نفسِ من خان وأجرم
انضج السيف جلود الروم فيها ** قبل ان تنضُج اعناب وتصرم
وارى أمتنا اليوم خنوعاً ** ثغرها بالخوف والذل مكمم
صرفت عن صرخة الأيتام وجهاً ** وكأن الناطق المفصح ابكم
ويحكم يا ألف مليون انرضى ** ان نرى الأزهار للجاني تقدم
يا ربوع المسجد الأقصى لدينا ** خبر عن جرح لمياء وهيثم
عن الوف سمعوا الرشاش لما ** اعلن الموت على الطفل ودمدم
ورأوا دمعة أم تتسامى ** حينما ودعها الطفل الملثم
لم تودعه الى الملعب حتى ** يحرز الفوز وبالكأس يكرَّم
إنما ودعة الطفل ليلقى ربه ** في ساحة الموت ويغنم
روض الأحداث متناً وامتطاها ** حينما لم يبصر شجاعاً يتقدم
حينما لم يبصر من الأمة إلا ** من تغظا ، وتغافا ، وتبرم
ورأوا بنت ربيع العمر اقوى ** من رجال آثروا الصمت وأكرم
اعلنت اشلاؤها فينا بياناً واضحاً اسمى من القول واعظم
ابلغت مالم يبلغه رجالُ ُ ** سيفُهم في نُصرة الحق ملثم
حزمت بالنار والبارود جسماً ** هزت الباغي بهِ واللهُ يرحم
انه القهر رماها فاستحالت **جذوة تعصف بالقول المرجّم
أيها الأقصى ايا مسرى نبيًّ ** ارشد الدنيا الى الخير واعلم
نحن اولى بك آمنا بموسى ** ونبي الله طه وابن مريم
أمتي أكبر مماصار لكن ** حطمتها قولة الكفر المنظم
لو بعثنا واحداً من كل الف ** لمشا جيش الى القدس عرمرم
أيها الأقصى ايا ساحة حشرٍ ** للبرايا يا أخا البيت المحرم
عندنا والله احساس كبير ** بمآسيك ورب البيت اعلم
ان يكن اضمأك الباغي فإنا ** سوف نسقيك غداً من ماء زمزم
من لكِ ؟؟
شعر: د. عبدالرحمن العشماوي
مَنْ لي، ومَنْ لصغيرتي وصغيري ** في زحمةِ الغاراتِ والتفجيرِ؟
مَنْ لي، إذا هَجَم الظلامُ، وليس لي** إلاَّ رُكام المنزلِ المطمور
مَنْ لي، إذا جُنَّ الرَّصاص وأتقنتْ ** لغةُ المَدافعِ لهجةَ التدمير؟
وإذا تبدَّلتِ المعالمُ كلُّها ** وتحيَّرتْ في الأمر عينُ بَصيرِ؟
وإذا تراءى وجهُ كلِّ رزيَّةٍ ** والأهلُ بين مُجندَلٍ وأَسير؟
يا عصرَ مَرْكَبَةِ الفَضاءِ، أما ترى ** في الأرض وجهَ فقيرةٍ وفقيرِ؟!
أَوَما ترى في الأرض بغياً ظاهراً ** يبني على المأساة دارَ فجورِ؟!
أَوَ ما تشاهد في الملاجئ صورةً ** للبؤس تغلب صَبْرَ كلِّ صَبور؟
يا عَصْرَ مركبةِ الفضاءِ، إلى متى ** تغزو الفضاءَ بعقلكَ المغرور؟
وإلى متى تجتازُ حدَّكَ غافلاً ** عمَّا وراءَ الكونِ من تدبيرِ؟
انْظُرْ إلى الأرض التي أشعلتَها ** بالمُوبقاتِ وبالهوى المَسْعور
لا تَنْسَ أنَّ الأرضَ تحتَكَ تشتكي ** من بَغْي طاغوتٍ وكُفْر كَفورِ
يا مَنْ رفعتم للفضاءِ رؤوسَكم ** والأرض منكم في أشدِّ نُفور
صوغوا قوانينَ الحروب لبعضكم ** لكنْ، دعوا عيشي بلا تكدير
أنا والصِّغارُ على الرَّصيفِ، وأنتمو** تتدارسونَ وسائلَ التَّغييرِ
وتناقشون بدايةَ الحربِ التي ** ستزيد من قتلٍ ومن تَهجير
فَلْتعقدوا آلافَ مؤتمراتكم ** وَلْتُلْحِقُوا التقريرَ بالتقريرِ
لكنْ، هَبُوني كسرةً من خبزةٍ ** نَسيتْ متى خرجتْ من التنُّور
وإذا تكرَّمْتُم برُبْعِ وسادةٍ ** وإذا تكرَّمْتُم برُبْعِ وسادةٍ
فأنا أَنام على الجنادلِ والثَّرى ** وعلى رَصاص الغارةِ المنثور
يا عصرَ مَرْكَبَةِ الفَضاءِ إلى متى** تلقى مآسينا بموتِ ضَمير؟
وإلى متى يبقى فؤادُكَ قاسياً ** وإلى متى تبقى بغيرِ شعورِ؟
هلاَّ قرأتَ ملامحَ الأمِّ التي ** ذَبُلَتْ محاسنُ وجهها المذعورِ
هلاَّ استمعْتَ إلى بكاءِ صغيرها ** وإلى أَنينِ فؤادها المفطورِ
هلاَّ نظرتَ إلى دموع عَفافها ** وإلى جناحِ إبائها المكسور
أنا يا دُعاةَ الحربِ أُمٌّ، يا تُرى **هل تفهمون دِلالةَ التَّعبيرِ؟!
خوفي على الأطفالِ أحرق مُهجتي** فأنا وهم في خندقٍ محفورِ
زوجي تَخطَّفه الرَّصاصُ عشيَّةً ** فمضى بفرحةِ خاطري وسروري
وأبي العزيزُ تناثرتْ أَشلاؤه ** في يومِ قَصْفٍ غاشمٍ مَسْعورِ
أنا أمُّ أَطفالٍ صغارٍ، لم تَزَلْ ** مأوى، ولم تَظْفَرْ بعطفِ مُجيرِ؟
هرَبتْ من القَصْف الشديد فواجهتْ ** شَبَحَ الفَناءِ وظُلْمةَ الدَّيْجور
أنا أمُّ أطفالٍ صغارٍ لم تجدْ ** مأوى، ولم تَظْفَرْ بعطفِ مُجيرِ؟
أوَما سمعتم صرختي وتوجُّعي ** أوَما فهمتم ما يقول صغيري؟
إني أقول لكلِّ صاحبِ حكمةٍ ** فيكم، وكلِّ مفوَّضٍ وسَفيرِ:
أَتُعاقبونَ بنا الجُناةَ، أَما لكم ** وعيٌ يقوِّم منهجَ التَّفكير؟!
أَيُحارَبُ الإِرهابُ بي وَبِصِبْيَتي ** وبقطع أعناقٍ وطَعْنِ ظُهور؟!
أَوَ كلَّما ارتكبَ الجُناةُ جريمةً **هُدِمَتْ على درب الأنين جُسوري؟!
وتحطَّمتْ آمالُ أَطفالي بما ** نَلْقاه من رُعْبٍ ومن تَقتير؟
ماذا يُفيد غذاؤكم، إنْ لم أجدْ ** أَمْناً، ولم أسمعْ نَشيدَ طيورِ؟
عَجَباً لكم، أَمِنَ الحَضارةِ ما أرى ** من حَمْلةِ الإِرجافِ والتَّشهيرِ؟
أنا لستُ أعرفُ للحضارة صورةً ** مرسومةً بالوهم والتزويرِ
أَنا أمُّ أطفالٍ صغارٍ فارحموا **- معنى الأمومةِ واعذروا ( تَقصيري )
أختاه يا أُمَّ الصِّغار تعلَّقي ** باللهِ، إنَّ اللهَ خَيْرُ نَصير
في لحظةِ اليأس العميقةِ، حينما ** نهفو إليه، يجود بالتيسير
قولي معي أُختاه قَوْلَة مؤمنٍ ** لا ينثني لوسائل التخدير:
كم أُمةٍ سكرتْ بكأسِ غرورها ** ذَهَبَ الإله بجيشها الأُسطوري
ذات حصار
شعر: د.عبد المعطي الدالاتي
في أرضٍ تُمطَر أحجارْ
تُنبِت أزهارَ الصبّارْ
سار القلمُ
سار جريحاً ليلَ نهارْ
فبدتْ قِممُ
هو لا يَعبأ بالأخطارْ
هو لا يشكو لهب النارْ
هو يبتسمُ
قالوا يوماً ذاتَ حصارْ
دربُك أعوجْ
قد حوصرتَ فما تختارْ ؟
حولك عوْسجْ
لم يتلفّت للأشرارْ
مهما ظلموا
قلمي يدري أين المخرجْ
هو لا يعرف غيرَ المنهجْ
خلف الأوسِ و خلف الخزرجْ
قلمي سارْ
قُدُماً في ركب الأنصارْ
سار القلمُ ..
غزة تعشق حبات المطر
عادل سالم
جلست غزة على شاطئ البحر
وحيدة تنظر إلى الشفق
تراقب أمواج البحر
والأفق البعيد
تنتظر حبيبها المسافر منذ زمن
كانت أمواج البحر العاتية
تزيد دقات قلبها
خوفا على المسافر العائد
وسط الأمواج العاتية
لكنها تعرف حبيبها جيدا
يحب المخاطر، ويقتحم الصعاب لأجلها
يركب الأمواج والأهوال والخيل، ورأسه
كانت أشعة الشمس المختفية وراء الأفق
البعيد تقول وداعا
ويرخي الليل سدوله عليها
كيف سيأتي حبيبها بالليل؟
وكيف ستراه، ومصباحها قصفه أحد نسور الجو
وهل سيلمحها
تجلس وحيدة على تلك الصخرة
الجاثمة على رمال الشاطئ لا تحركها الرياح
غزة لا زالت تذكر حبيبها حينما قال لها:
أشم رائحة عطرك عن بعد أميال
لكنها لم تعد تتعطر بعد سفره
ولم تعد تلبس ملابس الأعياد والأفراح
كئيبة أيامها
كل يوم يمر دون رؤيته لا تحسبه في حياتها
ما هذه الغيوم الملبدة في السماء؟
أتمطر رغم صيف تموز؟
أتمطر يا رب في هذا الشاطئ في عز الصيف؟!
ها هي الأمطار تنزل بغزارة!!
تبللت ثيابها،
لم يعد يخيفها البلل، فقد تعودت عليه
حتى عشقته
غزة بدأت تسير على الشاطئ
تمتع نفسها بمياه الأمطار
التي جعلت ثيابها تلتصق بجسدها
آه ما أجمل السير تحت الأمطار
وما أروع أن يفتح المرء فمه للأعلى
ليلتقط حبات المطر النازلة من السحاب
غزة لن يخيفها الغرق،
لأنها لو غرقت
سيأتي حبيبها ليتقذها على بساط الريح
لكأنها تعودت على الماء حتى صار
جزء من حياتها
مثل شجرة الجميز التي
تستقبل الأمطار،
بمزيد من الثمار
حُكومَةُ إسماعيلَ ما رَفَّ رِمشُها
بقلم: الدكتور جهاد بني عودة
هذه القصيدة قيلت في جامعة النجاح في حفل تخريج طلابها دعماً لحكومة الحق
أقولُ وقد نالَ الشَّبابُ الأكارمُ
تليقُ بطلّاب النجاحِ المكارمُ
هنيئاً لِفِتيانِ النجاح نجاحُهم
(وتأتي على قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ)
فأنتُم لهذا الصّرح فينا ركيزة
وأنتُم لأرضِ المَكرُماتِ دعائمُ
وأنتُم بَنوها تدعمون بناءها
إذا عزَّ في دُنيا الحَضَارَةِ داعِمُ
حُكومَةُ إسماعيلَ ما رَفَّ رِمشُها وكيدُ البَرايا حولَها مُتلاطم
تَحَزَّبَت الأحزابُ من كُلِّ دولةٍ
عَلَيها وقامَت تَصطَليها العَواصِمُ
وينفُثُ أهلوها وأبناءُ عمّة
كما تَنفُثُ السُّمَّ الزُّعافَ الأراقم
وَتَرمي بِها الأردُنَّ والعُربُ فِريةً
وتَضرِبُ من كَيدِ الحِصارِ أعاجِمُ
فَكم قامَ في شَرِّ المَجامِعِ شامتٌ
وكَم راحَ يَجتاحُ الشَّوارِعَ شاتِمُ
ألا لا أعادَ اللّهُ من كان قبلها فَمَخزونُ أموالِ الحُكومَةِ غارِمُ
فَصارَت بُطونُ النَّاسِ تَلوي بِِجُو عِهاوتقتات ما لاكَ الحَشا وتُقاسمُ
فهذي وجوهُ الزّاغبات كوالِحٌ
وهذي دُموعُ الثَّاكِلاتِ سواحِمُ
أما ثارَ من هذي المَهانَةِ فارِسٌ
ألم يُفتِ في هذي الفَضيحَةِ عالِمُ
أما في عباءات الحِجازِ حميّةً
فَيَهشِمَ في يومِ المَجاعَةِ هاشِمُ
إذا لَم يُثرها جوعُ أبناء دينها
فكيف تُراها تُستَثارُ العمائِمُ
وكيفَ تُطيقُ العربُ عاراً يَلُفُّهَا
وَهَل ترتَضِي العارَ الرِّجالُ الصَّلادِمُ
فإنّا لفي دنيا تجوعُ أسودُها
وتَشْبَعُ فيها السائباتُ البهائم
وأنّا أناسٌ لا نبالي بحالنا
تَجوعُ الحَوايا أو تضيعُ الدَّراهِمُ
نموت ولكن لا يُحلّ حريمُنا
نَجوعُ ولا نَالَ الوِصَايةَ غاشِمُ
فقد جرّبتنا الداهمات ببأسِها
وتعْرفنا في النازلات العزائمُ
عِظاماً وآثارُ العِظام عظيمةٌ
وتأتي على قَدرِ العِظامِ العظائِمُ
تَفوقُ مقامات الملوك رؤوسُنا
وتَعلو على هام الوُلاةِ القوائِمُ
أمِنّا ستُبتزُّ المواقفُ عُنوةً
مَتى كانَ يُبتزُّ الكمِيّ المُقاوِمُ
إذا لَم تَكُن فينا الكرامةُ الإبا
فلا قَامَ يَحمِي الأرضَ والبيتَ قائِمُ
فإنّا إذا ما الجوعُ عضَّ بنابِه نَصولُ كما صالت بِغَابٍ ضراغِمُ
تُطاردُ ما بينَ الخليل وغزّةٍ
فلا قَرَّ مَظلومٌ ولا قرَّ ظالمُ
فإنّ الّذي بينَ السياسةِ شعرةً
وما دونها هذا الحَديدُ الصَارمُ
فلسنا نُداريه بهذا وإنما
نُجانِبُ أحياناً وأخرى نُصادِمُ
فإمّا أرادوها جحيما فحبّذا
فَواللّهِ لا غنّت لِقومٍ حمائِمُ
فمَن عَيَّ لم يَفهَم بيانَ سكوتنا فإنّ المَنايا عن قريبٍ تَراجِمُ
فَصَبراً إلى يومٍ عبوسٍ مُقمطرٍ
تَكونُ نَذيرُ القَومِ فيهِ الجماجِمُ
حرامٌ عَلينا الاعتراف بجسمِهِم
وتَحرُمُ في عُرفِ الأباةِ المَحارِمُ
نجوع ولا نأتي بقولٍ يُقرُّهم
ونَعرَى ونَصرُ اللهِ لا بُدَّ قادِمُ
نُساوِمُ أحشاءً لنا وحواصلاً
ولَسنا على أرضِ الرِّباطِ نُساوِمُ
وإمّا أرادوها سلاماً فإنّما
يعودون من حيثُ استَقَلُّوا فَنُسالِمُ
ستُهزَمُ أمريكا لوقع صمودنا
وتَهتَزُّ فيها النّاطحاتُ المعالِمُ
وَيَقصُرُ من قد كان فيها مُطاولاً
ويصغُرُ من قد كان فيها يُعاظِمُ
تَزولُ كما زالت ممالكُ قبلها
وتُفضي كم أفضَت مُلوكٌ خَضارِمُ
لَكِ اللهُ يا خَيرَ الحُكوماتِ عاصِمٌ فَهل لأوروبّا من اللهِ عاصِمُ
تَسودينَ في كُلِّ المواقفِ رفْعةً
كما سادَ في كُلِّ المَكارِمِ حاتِمُ
فقد قلّدَت جُندُ الحَماسِ بِناءَها
كَما قَلَّدَت جيدَ الحِسانِ التمائِمُ
فَمن قالَ عنهُم تارِكونَ مُخرّفٌ
ومن قالَ عَنهُم ذاهِبونَ فحالِمُ
سيأتي إليهَا المالُ من كلِّ قيعةٍ
على أنفِ أمريكا وذا الأنف راغِمُ
ويأتي إلى بَيتِ الرَّشيدِ خَراجُهُ
وَتُمطِرُ في أرضِ العِراقِ الغَمائِمُ
فإنَّ الذي أغنى الممالك رازِقٌ
وإنَّ الّذي أقنَى العوالِمَ قاسِمُ
سَيأتي إلى كُلِّ الحُكوماتِ موعِدٌ
وهُنَّ إلى البَيتِ القَصِيِّ حواكمُ
فَصَبراً على ظلمِ الحَضارَةِ رَيثَما يُفَرِّجُ من عُسرِ الأمورِ الرّاجمُ
فَلن يَغلِبَ اليُسريْن عسْرٌ عَارضٌ
ولَن يَقهَرَ الأحرار فردٌ حاكمُ
أيا فتية العِلم الرّفيع بناؤُهُ
وتُبنىَ على دَرَجِ العُلومِ السّلالمُ
هنيئاً لكم هذا التّفرُّق كلّما
سَرَت من ضِفافِ البَحرِ هذي النسائِمُ
(((4)))
انتهى