تَفَكَّر في يَومِ القِيَامَةِ

البراء111

كاتب جيد
.
تَفَكَّر في يَوم القيامة
إخواني تفكروا في الحشر والمعاد وتذكروا حين تقوم الأشهاد‏:‏ إن فيالقيامة لحسرات وإن في الحشر لزفرات وإن عند الصراط لعثرات وإن عند الميزان لعبراتوإن الظلم يومئذ ظلمات والكتب تحوى حتى النظرات وإن الحسرة العظمى عند السيئات فريقفي الجنة يرتقون في الدرجات وفريق في السعير يهبطون الدركات وما بينك وبين هذاإلاَّ أن يقال‏:‏ فلان مات وتقول‏:‏ رَبِّ ارجعوني فيقال‏:‏ فات روى البخاريومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلمقال‏:‏ ‏(‏يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً ويلجمهمحتى يبلغ آذانهم‏)‏ وأخرجا جميعاً من حديث أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلىالله عليه وسلم قال في حديث‏:‏ ‏(‏ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهراني جهنم فقيل‏:‏ يارسول الله وما الجسر قال‏:‏ مدحه ومزلة عليه خطاطيف وكَلاليب وحسك المؤمن يعبر عليهكالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل فناج مسلم وناج مخدوش حتى يمرّ آخرهم يُسحبسحباً‏)‏ لله درَ أقوام أطار ذكر النار عنهم النوم وطال اشتياقهم إلى الجنانالصوم فنحلت أجسادهم وتغيرت ألوانهم ولم يقبلوا على سماع العذل في حالهم واللومدافعوا أنفسهم عن شهوات الدنيا بغد واليوم دخلوا أسواق الدنيا فما تعرضوا لشراء ولاسوم تركوا الخوض في بحارها والعوم ما وقفوا بالإِشمام والروم جدوا في الطاعةبالصلاة والصوم هل عندكم من صفاتهم شئ يا قوم قالت أُم الربيع أُم حيثم لولدها‏:‏يا بني أَلا تنام قال‏:‏ يا أُماه من جَنَّ عليه الليل وهو يخاف الثبات حق له أن لاينام فلما رأت ما يلقى من السهر والبكا قالت‏:‏ يا بني لعلك قتلت قتيلاً قال‏:‏نعم قالت‏:‏ ومن هذا القتيل حتى نسأل أهله فيغفرون فوالله لو يعلمون ما تلقى منالسهر قيل لزيد بن مزيد‏:‏ ما لنا لم نزل نراك باكياً وجلاً خائفاً فقال‏:‏ إن اللهتوعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في النار والله لو لم يتوعدني أن يسجنني إلا فيالحمام لبكيت حتى لا تجف لي عبرة وكان آمد الشامي يبكي وينتحب في المسجد حتى يعلوصوته وتسيل دموعه على الحصى فأرسل إليه الأمير‏:‏ إنك تفسد على المصلين صلاتهمبكثرة بكائك وارتفاع صوتك ولو أمسكت قليلا ً فبكى ثم قال‏:‏ إن حزن يوم القيامةأورثني دموعاً غزاراً فأنا أستريح إلى ذرها‏:‏ يا عاذلَ المُشتاق دَعهُ فَإِنَّهيطوى عَلى الزَّفَرات غير حشاكا لَو كانَ قَلبُكَ قَلبه ما لمتُهُ حاشاك ممَّاعِندَهُ حاشاكا وعوتب عطاء السلمى في كثرة البكاء فقال‏:‏ إني إذا ذكرت أهل الناروما يُنزلُ بهم من عذاب الله تعالى مثلت نفسي بينهم فكيف لنفس تغلّ يدها وتسحب إلىالنار ولا تبكي وقيل لبعضهم‏:‏ ارفق بنفسك فقال‏:‏ الرفق أطلب وقال أسلم بن عبدالملك‏:‏ صحبت رجلاً شهرين وما رأيته نائماً بليل ولا نهار فقلت‏:‏ ما لك لا تنامقال‏:‏ إن عجائب القرآن أطرن نومي ما أخرج من أُعجوبة إلا وقعت في أخرى كثر فيكاللوم فأين سمعي وهم قلبي واللوم عليك منجد ومتهم قال‏:‏ أسهرت والعيون الساهراتنوم وليس من جسمك إلا جلدة وأعظم وما عليهم سهري ولا رقادي لهم وهل سمان الحبإلّا سهر وسقم خذ أنت في شأنك يا دمعي وخل عنهم
ابن الجوزي
 
المواضيع المتشابهة

*حمزة*

مشرف عام
رد: تَفَكَّر في يَومِ القِيَامَةِ

ألف شكر على نقل

مودتي وحترامي جعله الله في ميزان حسناتك نشاء الله
 
أعلى