رحيق الزهور
الإدارة
- إنضم
- 21 فبراير 2008
- المشاركات
- 24,814
- النقاط
- 4,901
الشهيد القائد المجاهد
يحيى عياش
المهندس رقم ( 1 )
كتائب الشهيد
عز الدين القسام
لم يستطع "شمعون رومح" -أحد كبار العسكريين الصهاينة- أن يخفي إعجابه بيحيى عياش حين قال: "إنه لمن دواعي الأسف أن أجد نفسي مضطرا للاعتراف بإعجابي وتقديري بهذا الرجل الذي يبرهن على قدرات وخبرات فائقة في تنفيذ المهام الموكلة إليه، وعلى روح مبادرة عالية وقدرة على البقاء وتجديد النشاط دون انقطاع".. ولم يكن شمعون وحده هو المعجب بالرجل، لكن وسائل الإعلام الصهيونية كلها شاركته الإعجاب حتى لقبته: "الثعلب" و"الرجل ذو الألف وجه" و"العبقري"…
ولهم الحق في احترامه والخوف منه، فحين نزف الدم الفلسطيني بغزارة على أرض الحرم الإبراهيمي في خليل الرحمن، في الخامس عشر من رمضان المبارك 1414هـ، غلت الدماء في قلوب المسلمين في كل مكان.
لكن قلبًا واحدًا قرَّر أن يغلي بطريقة أخرى ومميزة، تلقن الحقد اليهودي درسًا لا يمكن نسيانه، كان ذلك قلب المهندس "يحيى عيَّاش" الذي أسَّس مدرسة ما زال طلابها يتخرجون فيها بتفوق على الرغم من غياب ناظرها!
قبل الكتائب.. حياة عادية وذكاء ملحوظ
وُلِد يحيى عيَّاش في نهايات مارس 1966، نشأ في قرية "رافات" بين نابلس وقلقيلية لعائلة متدينة تصفه بأنه حاد الذكاء، دقيق الحفظ، كثير الصمت، خجول هادئ.
بدأ يحفظ القرآن الكريم في السادسة من عمره، حصل في التوجيهي على معدل 92.8% -القسم العلمي، ليلتحق بجامعة بيرزيت- قسم الإلكترونيات، وظلَّ على حبه الأول للكيمياء التي أصبحت هوايته، أصبح أحد نشطاء الكتلة الإسلامية، وبعد تخرجه حاول الحصول على تصريح خروج للسفر إلى الأردن لإتمام دراسته العليا، ورفضت سلطات الاحتلال طلبه، وعلق على ذلك "يعكوف بيرس" رئيس المخابرات قائلاً: "لو كنا نعلم أن المهندس
سيفعل ما فعل لأعطيناه تصريحًا بالإضافة إلى مليون دولار".
بدأت عبقريته العسكرية تتجلى مع انطلاق شرارة الانتفاضة الأولى 1987م، كتب أبو البراء رسالة إلى كتائب الشهيد عزّ الدِّين القسَّام يوضح لهم فيها خطةً لمجاهدة اليهود عبر العمليات الاستشهادية، وأُعطي الضوء الأخضر، وأصبحت مهمة يحيى عيَّاش إعداد السيارات المفخخة والعبوات شديدة الانفجار.
ولكن الولادة الحقيقية للمهندس وعملياته العبقرية كانت إثر رصاصات باروخ جولدشتاين وهي تتفجر في رؤوس الساجدين في الحرم الإبراهيمي في رمضان عام 1994م.
ففي ذكرى الأربعين للمجزرة كان الرد الأول؛ حيث فجَّر الاستشهادي "رائد زكارنة" (عكاشة الاستشهاديين) حقيبة المهندس في مدينة العفولة؛ ليمزق معه ثمانية من الصهاينة ويصيب العشرات.
وبعد أسبوع تقريبًا فجَّر "عمار العمارنة" نفسه؛ لتسقط خمس جثث أخرى من القتلة.
وبعد أقل من شهر عجَّل جيش الاحتلال الانسحاب من غزة، ولكن في 19-10-94 انطلق الشهيد "صالح نزال" إلى شارع ديزنغوف في وسط تل أبيب ليحمل حقيبة المهندس ويفجرها ويقتل معه اثنين وعشرين صهيونيًّا.
أهم العمليات التي تنسب للمهندس الشهيد يحيى عياش
18/05/2002
عبقرية القائد "يحيى عياش" نقلت المعركة إلى قلب المناطق الآمنة التي يدّعي الإسرائيليون أن أجهزتهم الأمنية تسيطر فيها على الوضع تماماً؛ فبعد العمليات المتعددة التي نُفذت ضد مراكز الاحتلال والدوريات العسكرية نفذ مقاتلو حماس بتخطيط من قائدهم عياش عدداً من العمليات أهمها:
* 6 نيسان 1994: الشهيد "رائد زكارنة" يفجر سيارة مفخخة قرب حافلة صهيونية في مدينة العفولة؛ مما أدى إلى مقتل ثمانية صهاينة، وجرح ما لا يقل عن ثلاثين. وقالت حماس: إن الهجوم هو ردها الأول على مذبحة المصلين في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل.
* 13 نيسان 1994: مقاتل آخر من حركة "حماس" هو الشهيد عمار عمارنة يفجر شحنة ناسفة ثبتها على جسمه داخل حافلة صهيونية في مدينة الخضيرة داخل الخط الأخضر؛ مما أدى إلى مقتل 5 صهاينة وجرح العشرات.
19 تشرين أول 1994: الشهيد صالح نزال -وهو مقاتل في كتائب الشهيد عز الدين القسام- يفجر نفسه داخل حافلة ركاب صهيونية في شارع "ديزنغوف" في مدينة تل أبيب؛ مما أدى إلى مقتل 22 صهيونياً وجرح ما لا يقل عن 40 آخرين.
25 كانون أول 1994: الشهيد أسامة راضي -وهو شرطي فلسطيني وعضو سري في مجموعات القسام- يفجر نفسه قرب حافلة تقل جنوداً في سلاح الجو الصهيوني في القدس، ويجرح 13 جنداً.
22 كانون ثان 1995: مقاتلان فلسطينيان يفجران نفسيهما في محطة للعسكريين الصهاينة في منطقة بيت ليد قرب نتانيا؛ مما أدى إلى مقتل 23 جندياً صهيونياً، وجرح أربعين آخرين في هجوم وُصف أنه الأقوى من نوعه، وقالت المصادر العسكرية الصهيونية: إن التحقيقات تشير إلى وجود بصمات المهندس في تركيب العبوات الناسفة.
* 9 نيسان 1995: حركتا حماس والجهاد الإسلامي تنفذان هجومين استشهاديين ضد مواطنين يهود في قطاع غزة؛ مما أدى إلى مقتل 7 مستوطنين رداً على جريمة الاستخبارات الصهيونية في تفجير منزل في حي الشيخ رضوان في غزة، أدى إلى استشهاد نحو خمسة فلسطينيين، وبينهم الشهيد "كمال كحيل" أحد قادة مجموعات القسام ومساعد له.
* 24 تموز 1995: مقاتل استشهادي من مجموعات تلاميذ المهندس "يحيى عياش" التابعة لكتائب الشهيد "عز الدين القسام" يفجر شحنة ناسفة ثبتها على جسمه داخل حافلة ركاب صهيونية في "رامات غان" بالقرب من تل أبيب؛ مما أدى إلى مصرع 6 صهاينة وجرح 33 آخرين.
* 21 آب 1995: هجوم استشهادي آخر استهدف حافلة صهيونية للركاب في حي رامات أشكول في مدينة القدس المحتلة؛ مما أسفر عن مقتل 5 صهاينة، وإصابة أكثر من 100 آخرين بجروح، وقد أعلن تلاميذ المهندس يحيى عياش مسؤوليتهم عن الهجوم.
مجموع ما قُتل بيد "المهندس" وتلاميذه ست
وسبعون إسرائيليا، وجرح ما يزيد عن أربعمائة آخرين.
عذابات من أجل اللقاء
تعتبر فترات الملاحقة في حياة الشهيد من الفترات المجهولة في حياة فارسنا؛ فمنذ 25 أبريل 1993م عرفت مخابرات العدو اسم عيَّاش كمهندس العبوات المتفجرة، والسيارات المفخخة التي أقضت مضاجع العدو، وتروي زوجته "أسرار" ملاحقة جيش الاحتلال لأسرة المهندس.
قالت زوجته: "مكثت في بيت عمي في بداية فترة مطاردة يحيى متخفية عن أنظار الجيران حتى إذا ذهبت لزيارته لا يشك بذلك أحد، وقبل ذهابي إلى غزة أرسل إليَّ يحيى رسالة مكتوبة بخط يده الذي أميزه بين آلاف الخطوط يستشيرني في إمكانية مغادرتي الضفة الغربية، وتشاورت في الأمر مع والد زوجي، وقررت الذهاب إلى زوجي، ثم اصطحبني أحد الإخوة المجاهدين عن طريق كلمة سر قالها لي لا يعرفها أحد سواي أنا ويحيى، فاصطحبني الشاب ووالدة يحيي وابني البراء، وكان الشاب يحمل معه العديد من البطاقات الشخصية المزيفة ليسهّل علينا دخول الحواجز".
لقد كانوا يجتازون كل حاجز إسرائيلي باسم مستعار مختلف وبسيارة أخرى غير السيارة الأولى، حتى يتخفوا على جنود الاحتلال، كما أن الشاب كان يمتلك قدرة فائقة على التنكر حسب شكل الصورة التي كانت تحملها البطاقة الشخصية المزيفة.
أما بالنسبة لأم البراء ووالدة المهندس فقد كان الأمر سهلا؛ لأن قوات الاحتلال لم تكن آنذاك تدقق كثيرًا في صور النساء.
وتذكر أم البراء: "لم يكن يمكث عندنا في الأسبوع سوى ساعات معدودة، ثم يخرج دون أن أعلم إلى أين مقصده، فحياة المطاردة وإن كانت مليئة بالأخطار فهي تمتاز بحلاوة الجهاد التي لا يمكن لأحد أن يتذوقها غير المجاهد".