زيارة غير معلنة لقاآني إلى أربيل.. محاولة إنقاذ أخيرة!

قبل يوم واحد أو بالأحرى ساعات من لقاء رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي ورئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اليوم الاثنين، أجرى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني مساء أمس زيارة غير معلنة إلى أربيل شمال بغداد، في مسعى أخير على ما يبدو لرأب الصدع بين القوى السياسية العراقية، لاسيما الشيعية، ومحاولة حلحلة موقف الصدر الساعي لتشكيل حكومة "أغلبية وطنية"، وفق ما أكد مراقبون للعربية.نت.

فقد أتت زيارة قاآني هذه بعد جولة سابقة استهلها بزيارة إلى مدينة سامراء.

فيما اعتبر مصدر مطلع أن "زيارة قاآني إلى أربيل هدفت إلى لقاء القوى السياسية الكردية، لاسيما زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، من أجل تقريب وجهات النظر في ملف تشكيل الحكومة الجديدة ومحاولة الضغط على الحزب بعد أن وصل الاتفاق بين الصدر والإطار التنسيقي الموالي لإيران إلى طريق مسدود".

الفرصة الأخيرة​


وفي نفس السياق، رأى أستاذ القانون الدولي في جامعة جيهان مهند الجنابي أن زيارة قاآني تبدو وكأنها زيارة الفرصة الأخيرة قبل حسم المرحلة الثانية من تشكيل الحكومة (وانتخاب رئيس الجمهورية)، لاسيما أن المساعي السابقة لتقريب وجهات النظر بين الصدر والإطار التنسيقي (يضم أحزابا وفصائل شيعية موالية لإيران، أهمها تحالف الفتح وكتلة نوري المالكي) باءت بالفشل.

كما اعتبر في تصريحات للعربية.نت أن الزائر الإيراني التقى مسعود بارزاني إما لاقناعه بترك تحالفه مع الصدر مقابل دعم الإطار التنسيقي له، أو بقاء هذا التحالف مقابل التنازل عن رئاسة الجمهورية لصالح حزب الاتحاد الكردستاني (مرشحه لرئاسة الجمهورية برهم صالح).

تراجع دور قاآني​


وأضاف الجنابي أن قاآني يدرك صعوبة التأثير على الصدر ودفعه إلى ضم كل أطياف الإطار التنسيقي ضمن الكتلة الأكبر (من صلاحيتها تشكيل الحكومة)، لذا يعمل على الالتفاف على هذا الأمر، من خلال إقناع الكرد باستحداث منصب نائب رئيس الجمهورية ومنحه إلى المالكي الذي يرفض التيار الصدري ضمه للحكومة المزمع تشكيلها، من أجل أن يضمن دخول كامل أطراف الإطار إلى الحكومة المقبلة

إلى ذلك، أشار إلى أن مؤشرات هذه الزيارة وقبلها لا تظهر فشل مهمة قاآني فحسب، إنما تؤكد أن محور الحرس الثوري في العراق يعاني من سوء تقدير للمتغيرات السياسية، إذ إن الحزب الديمقراطي الكردستاني ليس بحاجة لدعم الإطار التنسيقي لتمرير مرشحه.

كما أظهرت تراجع دور قائد فيلق القدس في التأثير على المشهد السياسي.

الضغط على حلفاء الصدر​


من جانبه، قال المحلل الاستراتيجي والباحث في شؤون الجماعات المسلحة، فراس إلياس للعربية.نت إن إيران حرصت منذ إعلان نتائج الانتخابات النيابية المبكرة، على دفع الفصائل الموالية لها إلى قبولها.

إلا أنه أشار إلى مساعي قاآني في الوقت عينه خلال زياراته السابقة، للضغط على الصدر من أجل ضم أطياف الإطار إلى الحكومة.

وأكد أن هذه الزيارة إلى أربيل أمس أتت كخطوة إيرانية للضغط على حلفاء الصدر، بعد فشل الضغط عليه مباشرة، ولربماعرقلة عملية انتخاب رئيس الجمهورية في 7 فبراير المقبل، معتبرا أن فيران لا تريد أن يُعزل حلفاءها الأكراد لاسيما الاتحاد الوطني الكردستاني، بذات الشكل الذي عزلت به قوى الاطار، وبالتالي نجاح الصدر بتشكيل نظام سياسي يبتعد بشكل واضح عن طهران.

وتابع قائلا إن "مشكلة إيران ليست بأزمة نفوذها في العراق فقط، بل ترتبط بفشل قاآني في تحقيق المهمة الإيرانية هناك على أكمل وجه، كما كان عليه الحال في زمن قاسم سليماني".

زائر الشرق​


بدوره، رأى الكاتب الصحافي والمحلل السياسي حسين العنگود أن زائر الشرق الحالي إلى أربيل لم يعد كما سبق، بمعنى أنه فقد الصرامة والنفوذ اللذين كان يتمتع بهما سلفه سليماني.

كما اعتبر أن قاآني لا يمتلك براعة ونفوذ سليماني، وبالتالي لم يعد النفوذ الإيراني في البلاد قادرا على تغيير الخرائط والتحالفات كالسابق. وأشار إلى أن زيارة قائد فيلق القدس مجرد محاولة ضخ جرعة أكسجين في الجسد السياسي الشيعي عن طريق الزعيم الكردي مسعود بارزاني، الذي يحتفظ بعلاقة جيدة مع جميع الأطراف.

يذكر أن الصدر كان حاز على 73 مقعداً نيابياً، وهو عدد أكبر مما حصل عليه أي فصيل آخر في المجلس المتشرذم الذي يضم 329 مقعدا.

ويتعين الآن تشكيل حكومة جديدة خلفاً لحكومة مصطفى الكاظمي، وغالبا ما يتم ذلك عبر الكتلة الأكبر، إلا أن العملية لا تخلو من تعقيدات، حيث لا يتمكن عادة تيار واحد في البلاد من الاستحواذ على السلطة التنفيذية، ما يدفع الفائز عامة إلى محاولة تقاسم السلطة مع غيره من التيارات والفصائل.

إلا أن التيار الصدري ألمح مرارا في السابق إلى رفضه ضم المالكي إلى الحكومة التي يعتزم تشكيلها.
 
أعلى