تعثر للدبلوماسية.. واشنطن تدرس تغيير نهجها مع طهران

يبدو أن هناك مؤشرات كثيرة على فشل الدبلوماسية الأميركية في منع إيران من امتلاك سلاح نووي، ما دفع واشنطن وفريق الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البحث عن مخرجات أخرى.

ففي تحليل مطول بني على مقابلات مع المبعوث الأميركي روبرت مالي، بالإضافة إلى خبراء في الانتشار النووي، ومسؤولين إسرائيليين وغيرهم، ونشر في مجلة "نيويوركر" الأميركية بعددها الحالي (الأسبوع الأول من يناير)، استنتج أن الإدارة الأميركية باتت تدرس تغيير تعاملها مع طهران، لا سيما أن الدبلوماسية والمحادثات النووية التي انطلقت في فيينا بدوراتها الثماني منذ أبريل الماضي (2021) لم تثن السلطات الإيرانية عن وقف أنشطتها النووية المتسارعة.

وبحسب ما قاله جميع من جرت مقابلتهم، فإنهم باتوا الآن في موقع لا يحسد عليه، إذ إنهم لا يعرفون ماذا يفعلون.

"يلعبون بالنار"​


إلى ذلك، اعتبر مالي أن ما وصفها بـ "الدبلوماسية الغريبة" الجارية بين الأطراف المعنية بالاتفاق النووي الإيراني، بدت ملحة بشكل كبير خلال شهر نوفمبر الماضي. وقال: "لقد رأينا البرنامج النووي الإيراني يتوسع، ورأينا طهران تصبح أكثر عدوانية في أنشطتها الإقليمية".

كما أضاف متحدثا عن السلطات الإيرانية: "إنهم يخطئون في الحسابات، ويلعبون بالنار".

إلى ذلك، أوضح أن "الجولات الست الأولى من المحادثات النووية حققت تقدمًا حقيقيًا.. ففي يونيو، قدمت حزمة نووية تضمنت إنهاء معظم العقوبات التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترمب على إيران.. وكان الإحساس العام للجميع -الأوروبيين والروس والصينيين ولكن أيضًا الوفد الإيراني في ذلك الوقت - هو إمكانية رؤية الخطوط العريضة لاتفاق يلوح في الأفق..إذا كان كل جانب مستعدًا لتقديم التنازلات اللازمة".

"تجاوز القيود"​


إلا أن الأمور انقلبت بعد ذلك، فقد توقفت المفاوضات في يونيو الماضي عقب انتخاب الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي. ولم تنطلق بدورتها الثامنة إلا في 29 نوفمبر.

وتعليقا قال مالي: "في أواخر نوفمبر كان برنامج إيران قد تجاوز كل القيود التي فرضها الاتفاق النووي الموقع عام 2015".

كما أضاف "مع تلك الخروقات النووية، عمد الإيرانيون إلى إفراغ الصفقة تدريجيا من مزايا حظر الانتشار النووي التي تفاوضنا سابقا من أجلها".

"إحياء جثة"​


وتابع: "لن نوافق على صفقة أسوأ من التي أبرمت عام 2015، لأن إيران قامت أصلا ببناء برنامجها النووي.. وفي وقت قريب، ستكون محاولة إحياء الاتفاق بمثابة محاولة لإحياء جثة ميتة".

إلى ذلك، لفت إلى أنه "قد يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها بعد ذلك التصدي لبرنامج نووي إيراني جامح!".

رغم فيينا!​


بدوره، اعتبر زوهار بالتي، مدير المخابرات السابق في جهاز الموساد، والذي يعمل حاليا في وزارة الدفاع الإسرائيلية، أن بلاده مدركة لتطور طهران النووي. وقال "لا نريد أن نصل إلى مرحلة نسأل فيها أنفسنا كيف سُمح لإيران بالتخصيب بنسبة تصل إلى تسعين في المئة؟!"، في إشارة إلى تسارع النشاط النووي الإيراني رغم المحادثات في فيينا.

كذلك، حذر مسؤول كبير في الإدارة الأميركية من اقتراب السلطات الإيرانية من إنتاج القنبلة النووية، معتبرا أن الفترة التي تفصلها عن السلاح النووي تقلصت بشكل كبير من سنة إلى 3 أسابيع، قائلا "إنها فترة قصيرة جدا، بشكل غير مقبول". كما أضاف:" كل يوم يقومون بتدوير أجهزة الطرد المركزي، وكل يوم يخزنون فيه اليورانيوم، يستمر التقلص".

أمام هذا الواقع لم يعد أمام الإدارة الأميركية على ما يبدو سوى النظر في وسائل بديلة في حال فشلت المفاوضات في فيينا. وقد تشمل تلك الخطط فرض عقوبات أقسى، وغيرها أيضا من الخطوات المؤلمة.

يذكر أن المحادثات النووية كانت استؤنفت في العاصمة النمساوية في نوفمبر، بعد 7 جولات سابقة أفضت إلى تفاهمات على بعض المسائل، إلا أن العديد من المواضيع المعقدة بقيت عالقة.

وقد أكد الوفد الإيراني أن المحادثات التي ستبدأ مجددا غدا الاثنين، بعد استراحة أيام بسبب عيد رأس السنة، ستركز على رفع العقوبات الأميركية التي فرضت على طهران، بالإضافة إلى بنود الالتزام بالاتفاق النووي.
 
أعلى