نيويورك تايمز: الانسحاب الأميركي من أفغانستان يقلق الصين

نادرًا ما تضيع الحكومة الصينية فرصة اتهام الولايات المتحدة بالمغامرة العسكرية والهيمنة حول العالم. لكن في حالة أفغانستان فقد غيرت لهجتها، محذرة من أن واشنطن تتحمل الآن المسؤولية عن النهاية المتعجلة لحربها التي استمرت عقدين هناك.

وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، هذا الشهر في منتدى في بكين: "يجب على الولايات المتحدة، التي خلقت القضية الأفغانية في المقام الأول، أن تتصرف بمسؤولية لضمان انتقال سلس في أفغانستان"، مضيفا "لا ينبغي لها ببساطة أن تنقل العبء إلى الآخرين وتنسحب من البلاد مع ترك الفوضى وراءها دون معالجة".

وبينما لم تطالب الصين الرئيس بايدن بالتراجع عن الانسحاب العسكري الذي أمر به أوضحت تصريحات كبار المسؤولين أنهم سيلقون باللوم على الولايات المتحدة في أي حالة من انعدام الأمن تنتشر في المنطقة.

وأثار الزعيم الصيني شي جين بينغ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين مخاوفهما بشأن الانسحاب في مكالمة هاتفية في 29 يونيو، مستشهدين "بالوضع الأمني المعقد والخطير بشكل متزايد وفقا لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

وأدى انفجار سيارة إلى مقتل تسعة عمال صينيين في باكستان يوم الأربعاء مما رفع مخاوف الصين من عدم الاستقرار الإقليمي في أعقاب الانسحاب العسكري الأميركي النهائي من أفغانستان والفوضى التي تنتشر الآن في جميع أنحاء البلاد.

وسارعت الصين إلى وصف الانفجار بأنه عمل إرهابي ووصفته باكستان لاحقًا بأنه حادث، لكن التفاصيل لا تزال غامضة. وقال وزير الإعلام الباكستاني فؤاد تشودري يوم الخميس إن المحققين عثروا على آثار متفجرات، يفترض أن تكون في الحافلة التي تقل العمال الصينيين. وكتب على "تويتر": "لا يمكن استبعاد الإرهاب".

وعلق بارنيت روبين المسؤول السابق في وزارة الخارجية ومستشار الأمم المتحدة لشؤون أفغانستان، وهو زميل بارز في مركز التعاون الدولي بجامعة نيويورك: "إنهم بالتأكيد يشعرون بالتوتر".

وعمدت طالبان بشكل مطرد إلى توسيع سيطرتها السياسية مع انهيار القوات الحكومية الأفغانية أو تراجعها. وهذا الشهر، استولت قوات طالبان على بدخشان المقاطعة التي تصل الحدود الجبلية الصينية عبر ممر واخان.

وفي حين أن هذه المنطقة الضيقة لا تشكل تهديدًا أمنيًا مباشرًا يذكر، تخشى الصين من أن انهيار النظام في أفغانستان يمكن أن يمتد إلى دول مجاورة أخرى، بما في ذلك طاجيكستان وكازاخستان وباكستان.

ويسافر وزير خارجية بكين الى آسيا الوسطى هذا الأسبوع مع وضع الوضع الأفغاني على رأس جدول الأعمال.

وقال لي وي، المحلل في معاهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة، وهي منظمة بحثية في بكين تابعة لوزارة أمن الدولة: "لا نريد أن نرى بلدًا مضطربًا من حولنا يصبح أرضًا للأنشطة الإرهابية".

وعندما حكمت طالبان أفغانستان قبل هجمات 11 سبتمبر 2001، أعطت ملاذًا لبعض مقاتلي الإيغور الذين يقاومون الحكم الصيني في شينجيانغ المقاطعة ذات الأغلبية المسلمة في غرب الصين والتي يسميها المقاتلون تركستان الشرقية.

وقال روبين: "إذا كان هناك المزيد من الاضطرابات في أفغانستان فإنه يمكن للإيغور الحصول على موطئ قدم مرة أخرى أوأكبر".

ووفقًا للأمم المتحدة، حافظت جماعة الإيغور على صلات بالقاعدة ونظمت هجمات على أهداف داخل الصين وخارجها، بما في ذلك هجمات في شينجيانغ أسفرت عن مقتل 140 شخصًا في عام 1998.

وقال ليو يون فنغ، مدير مكتب مكافحة الإرهاب بوزارة الأمن العام ، هذا الأسبوع في مؤتمر صحفي إنه بينما لم يكن هناك هجوم إرهابي كبير في الصين في السنوات الأربع الماضية، استمرت حركة تركستان الشرقية الإسلامية في الترويج للإرهاب من الخارج وتدريب المقاتلين "للتسلل إلى أراضينا".

وأضاف: "ما زلنا بحاجة إلى التحلي بدرجة عالية من اليقظة".

وبعد أن ندد المسؤولون الصينيون في البداية بالحادث يوم الأربعاء في باكستان على أنه هجوم إرهابي، خففوا من تصريحاتهم عندما أصدرت وزارة الخارجية الباكستانية بيانًا قالت فيه إن الانفجار الذي أدى إلى سقوط شاحنة في واد كان ناتجًا عن عطل ميكانيكي. لكن ما حدث بالضبط لا يزال غير واضح.

وقتل على الأقل جنديان باكستانيان من القوات شبه العسكرية ومدنيان آخران، فيما أصيب أكثر من 40 شخصًا.

ولم يتضح ما إذا كان الجنود يحرسون العمال أثناء سفرهم إلى مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية الذي تشيده الصين في داسو، وهي مدينة في الريف الشمالي الغربي للبلاد على بعد حوالي 100 ميل من العاصمة إسلام أباد.

وبعد التحدث مع وزير الخارجية الباكستاني حول الانفجار يوم الأربعاء، دعا السيد وانغ، وزير الخارجية، إلى اتخاذ تدابير أمنية أكبر لمشاريع البناء الصينية في باكستان، حيث يتم بناء العديد منها في إطار مبادرة "الحزام والطريق" الصينية.
 
أعلى