انتخابات إيران.. الشرخ بين الإصلاحيين يعزز فرص رئيسي

تعيش التجربة الإصلاحية في إيران أحلك أيامها منذ وصولها إلى الكرسي الرئاسي في 1997 مع محمد خاتمي، وذلك نتيجة إبعاد مرشحين إصلاحيين ومعتدلين من الصف الأول عن انتخابات الغد، بواسطة مجلس صيانة الدستور. وترى الأوساط السياسية الإيرانية أن قرارات المجلس هي استغلال لصلاحياته القانونية بهدف هندسة الانتخابات لصالح مرشح المتشددين إبراهيم رئيسي.

وخلافاً لتشتت صفوف الإصلاحيين، يوحّد المتشددون صفوفهم خلف مرشحهم إبراهيم رئيسي مستخدمين إمكانيات هائلة للترويج الدعائي له.

يذكر أن عدم وجود مرشح من الصف الأول للإصلاحيين، والمعتدلين، أربك الحراك الإصلاحي في إيران. وبالرغم من الاجتماع المطوّل لـ"جبهة الإصلاحات" يوم الثلاثاء، فلم تتوصل هذه الجبهة إلى اتخاذ قرار موحد بخصوص دعم أحد المرشحين. ويبدو أن النقاش كان محتدماً حول دعم أحد المرشحين، عبد الناصر همتي أو محسن مهر علي زاده، لكن دون التوافق على أي منهما.

"ائتلاف الجمهور"​


بعد ذلك وفي نفس اليوم، ظهر ائتلاف إصلاحي جديد "في الوقت الضائع" قبل الانتخابات، يحمل اسم "ائتلاف الجمهور"، متجاوزاً الإصلاحيين الذين فضلوا مقاطعة الانتخابات "صامتين". ومن أبرز الأحزاب المنضوية تحت هذه المظلة الإصلاحية: "الثقة الوطنية" و"كوادر البناء" و"سلطة الشعب" و"جمعية النساء الإصلاحيات" و"نداء الإيرانيين" و"التنمية الوطنية".

وأصدر "ائتلاف الجمهور" أول بيان له معلناً فيه تأييده للمرشحين عبد الناصر همتي ومهر علي زاده. بعدها، جرت اتصالات من خلف الكواليس مع علي زاده فاقتنع بالانسحاب لصالح همتي، لكن دون أن يعلن ذلك.

وانتقد بيان "ائتلاف الجمهور" مجلس صيانة الدستور بسبب إبعاده أهم المرشحين الإصلاحيين والمعتدلين، وأضاف: "مع الإبعاد الواسع للمرشحين الصالحين الذين خرجوا من رحم حركة الإصلاح والاعتدال، فقد أصبح هامش الشعب الإيراني في انتخابات 18 يونيو أضيق من أي وقت مضى".

وتابع البيان: "في الوقت الذي لأحد التيارات السياسية (المتشدد) خمسة مرشحين، حُرم التيار الآخر من ترشيح رموزه البارزة من قبيل محمد جواد ظريف وإسحاق جهانغيري ومسعود بزشكيان".

وواصل البيان في نقده لمجلس صيانة الدستور قائلاً: "في الوقت الذي لم يتحمل مجلس صيانة الدستور والمرشحون المعتدلون من قبيل علي لاريجاني، ولم يأخذ بعين الاعتبار تعليمات المرشد الأعلى لإعادة النظر في الإجحاف الذي مارسه، تعلن أحزابنا الإصلاحية، باسم الدفاع عن جمهورية النظام، دعمها لأحد المرشحين الإصلاحيين، وهو الدكتور عبد الناصر همتي".

113 شخصية تستنجد بكبار الإصلاحيين​


وفي 14 يونيو، أي 4 أيام قبيل الانتخابات، شعر 113 ناشطاً إصلاحياً بالخمول الذي أصاب هذا التيار نتيجة للضربات التي تلقاها من مجلس صيانة الدستور والمتشددين معاً، فوجهوا رسالة إلى كبار الشخصيات الإصلاحية من قبيل الرئيس الأسبق محمد خاتمي، وعلي أكبر ناطق نوري، وهادي خامنئي شقيق المرشد، وحسن خميني حفيد المرشد المؤسس للنظام، ومحمد هاشمي رفسنجاني نجل الرئيس الإيراني الأسبق، وعلي لاريجاني الرئيس السابق للبرلمان، ومحمد رضا عارف المرشح الإصلاحي السابق، وبهزاد نبوي أحد أبرز زعماء الإصلاحيين، ودعوهم إلى دعم المرشح عبد الناصر همتي.

وذكر الناشطون في رسالتهم لهؤلاء القياديين: "نحن ننتفض من أجل مكافحة الإحباط والجمود السياسي والاجتماعي واليأس المخيم على جموع الناس. وفي هذا الدرب، نتكل على شعار الثورة، وهو "استقلال، حرية، جمهورية إسلامية"، للحد من مساعي البعض لإضعاف الجمهورية"، معتبرين أن تحركهم يهدف للحؤول دون "الانسداد السياسي" و"تفشي الإحباط".

وذكر الناشطون أن "التيار الإصلاحي جرّب مرارة التشتت والفرقة في انتخابات 2005 ولاحظ الجميع النتائج المضرة لذلك، لذا ندعو قادة الإصلاحات والاعتدال والعقلاء في إيران لأن ينزلوا فوراً إلى الساحة ويعلنوا خيارهم الجماعي ويقنعوا ويشجعوا الشعب الإيراني بغية المشاركة في الانتخابات والتصويت لهذا المرشح".

إلى ذلك انسحب المرشح الإصلاحي محسن مهر علي زاده من الانتخابات، وأعلنت شخصيات إصلاحية بارزة دعمها للمرشح عبد الناصر همتي، من قبيل المرجع دستغيب وشيخ الإصلاحات بهزاد نبوي ونائب رئيس البرلمان السابق المحافظ المعتدل علي مطهري. كما أعلن محمد جواد ظريف قبوله بمنصب وزير الخارجية مجدداً في حال فاز عبد الناصر همتي بالرئاسة.

بدوره، دعا الرئيس الأسبق الإصلاحي محمد خاتمي إلى المشاركة في الانتخابات، قائلاً: "إنهم يحاولون من خلال التهديد والقضاء على حرية الناس أن يأتوا بتيارهم إلى الحكم.. يجب على الناس عرقلة ذلك" في إشارة ضمنية لمنع فوز إبراهيم رئيسي والتصويت لصالح عبد الناصر همتي، دون أن يذكرهما بالاسم.

وضمن تصريحاته اليومية تقريباً، كرر الرئيس الإيراني حسن روحاني صباح اليوم الخميس خلال اجتماع مجلس الوزراء دعوته للناس إلى التصويت لمن "هو موجود في القائمة وقريب لمن تم حذفه" من بين المرشحين. وتم تفسير هذا التصريح على أنه إشارة إلى عبد الناصر همتي.
 
أعلى