الإرهاب يعود لأفغانستان.. والأميركيون يخططون للحرب عن بعد

يقترب الانسحاب الأميركي من أفغانستان بسرعة ومؤشرات الخطر المقبل كثيرة وما أعلنه قائد المنطقة المركزية الجنرال فرانك ماكنزي أكثر من مرة، يعكس حقيقة المخاطر التي ستواجه العالم بعد أشهر من الانسحاب.

فجميع المسؤولين الأميركيين يتفقون على أن طالبان احترمت فقط وعدها بعدم شنّ هجمات على الأميركيين إلى أن يتمّوا انسحابهم، لكن حركة طالبان أخلّت حتى الآن بجميع الوعود الأخرى خصوصاً لجهة علاقتها بتنظيم القاعدة.

جسم واحد​


بحسب الاتفاق المبرم بين طالبان والأميركيين العام الماضي، على طالبان فك العلاقة مع القاعدة، وعدم السماح للتنظيمات الإرهابية بالحصول على موطئ قدم في أفغانستان، لكن جهاز الاستخبارات العسكرية التابع لوزارة الدفاع الأميركية قدّم تقديراً منذ أسابيع ويقول إن "القاعدة تتابع الاعتماد على حركة طالبان لتلقي الحماية". ويضيف التقرير أن القاعدة وطالبان شدّدتا من أواصر العلاقات بينهما خلال السنوات العشر الماضية "ما يجعل فكّ الارتباط التنظيمي أكثر صعوبة".

"العربية.نت" تحدّثت إلى أكثر من مصدر رسمي معني بالانسحاب وبالخطط الأميركية في المستقبل، وقد عبّروا عن إحباط من أن حركة طالبان لم تُعلن حتى الآن أنها تفكّ هذه العلاقة مع القاعدة، خصوصاً أن الإعلان والتصريحات الصادرة عن مسؤولي حركة طالبان لها وزن وتأثير خصوصاً لجهة الموقف من القاعدة.

الأخ الأكبر​


يعتبر الأميركيون أن هذا الصمت من قبل طالبان مريب، ويؤكد أن العلاقة الوثيقة بين التنظيمين لن تنفكّ، وأن حركة طالبان تريد التأكيد لمؤيديها وعناصرها أنها ملتزمة بالمبادئ الجوهرية التي تجمعها بتنظيم القاعدة وفي صلبها "التطرف الديني واستعمال العنف للوصول إلى السيطرة".

وتتهم الحكومة الأفغانية طالبان بضمّ عناصر من القاعدة إلى صفوف مقاتليها، ويوافق الأميركيون على هذا الاتهام وقد وصف أحد المتحدثين العلاقة بين طالبان والقاعدة بـ"علاقة الأخ الأكبر بالأخ الأصغر"، فطالبان تمنح الحماية للتنظيم الإرهابي وتنسّق معه تصرفاته وتحميه من خلال إعطائه الغطاء التنظيمي والعمل من ضمن خيمة طالبان.

يعتبر الأميركيون تصرفات طالبان أنها "براغماتية"، حيث يريد التنظيم الإمساك بالأوراق، ومنها أوراق التنظيمات الإرهابية، في حين يتابع كسب الجولات الأمنية والسياسية خصوصاً تحوّل طالبان إلى تنظيم شرعي، وهو الآن في طريقه إلى أن يكون السلطة، أو أقلّه جزءاً من أي سلطة وحكومة مقبلة في أفغانستان.

الإرهاب المقبل​


ما يثير مخاوف الأميركيين هو ما حدث خلال الأشهر المنصرمة، وما هو مرتقب في الأشهر والسنوات المقبلة، وقناعة المسؤولين الأميركيين في الإدارة والاستخبارات وفي الكونغرس أن تنظيمي القاعدة وداعش، تضاءلا عدداً خلال السنوات الماضية "لكنهما زادا قوة وحدّة"، كما قال أحد مصادر "العربية.نت"، ومع تراجع الحضور الأميركي والأطلسي في أفغانستان سيكون حتمياً برأي الأميركيين أن تستغل هذه التنظيمات العلاقة مع طالبان والصراع المقبل مع القوات الحكومية، وأن تسيطر هذه التنظيمات على مساحات من الأراضي الأفغانية وتعمل على شنّ هجمات إرهابية و"تهدد الولايات المتحدة".

الإصرار على الانسحاب​


"إنه جو مؤات".. بحسب ما قال أحد المتحدثين الأميركيين، ولكن على رغم كل الإنذارات و"العلامات الحمراء" يصرّ الأميركيون على قرار الانسحاب ويقدّمون "العمليات عبر الأفق" بديلاً عن الانتشار البرّي في أفغانستان.

تقوم فكرة "العمليات عبر الأفق" على حضور عسكري كبير في البحر وفي البرّ، وهذا يعني الإبقاء على قوات عسكرية محمولة في منطقة بحر العرب والخليج العربي، بالإضافة إلى استعمال القواعد العسكرية خصوصاً في أراضي دول مجلس التعاون الخليجي.

يعمل الأميركيون الآن على إعادة ترتيب القوات في المنطقة، ويتفاوضون أيضاً مع باكستان ودول وسط آسيا للحصول على تعاونها اللصيق استعداداً للمرحلة المقبلة.

الحرب عن بعد​


أما من الناحية العسكرية البحتة، فإن تطبيق استراتيجية "العمليات عبر الأفق" ستحتاج إلى 3 خطوات متصلة وهي "الاستخبارات والمراقبة والقصف" وبمفهوم العسكريين، هذا يعني التمكن من استخدام القدرات لدى الأميركيين وحلفائهم لرصد أي تهديدات من أفغانستان. وتبدأ التحديات في تطبيق هذه الاستراتيجية من إرسال طائرات ومسيرات لمراقبة الأهداف، والتأكد من استمرار وجودها إلى أن يتمّ تنفيذ الهجوم لضرب هذه الأهداف على الأراضي الأفغانية.

وجود الأميركيين على الأراضي الأفغانية وفّر لهم لسنوات قواعد على مسافة عشرات الكيلومترات لرصد ومراقبة وضرب الهدف، لكن الخروج من أفغانستان سيعني تحديات تقنية كبيرة، فالمسافة بين قاعدة انطلاق طائرات المراقبة ستكون بآلاف الكيلومترات وبالساعات، كما أن إرسال الطائرات للقصف سيكون أيضاً بآلاف الأميال، وسيزيد ذلك من صعوبة العمل ويرفع المسافة الزمنية بين الرصد والهدف و"يزيد التكلفة المالية".
 
أعلى