بم يعيش الناس قصة قصيرة

قيثارة

كاتب جيد جدا

قصة "قصيرة" لتولستوي
كان سيمون صانع أحذية لا يملك من الأرض قيد شبر، وكان يقطن كوخاً لأحد الفلاحين ويعيش من كسب يده، لقد كان العمل إذ ذاك كاسداً وحركته خامدة، وزاد الطين بلة أن سبل العيش كانت مجهدة، ونار الغلاء متأججة في كل حاجيات الحياة؛ لذلك كان كل ما يقبضه سيمون ثمنًا لعرق جبينه ينفقه في سبيل الحصول على قوت يتبلغان به هو وزوجه، لم يكن لذلك الشيخ وزوجه إلا غطاء جلدي يتقاسمانه سويٍّا؛ ليدفع عنهما قر الشتاء، ولقد استنهرت فتوق ذلك الغطاء فكان هذا هو العام الثاني الذي احتاجا فيه إلى شراء غطاء آخر، لذلك خرج سيمون متوكئًا على عصاه موليًا وجهه شطر القرية؛ حيث يمكنه أن يجمع من بعض القرويين ما هم مدينون به من النقود، فوفى له بعضهم، وأمهله البعض، ونقده أحدهم عشرين كوبكاً، فلم يكن ذلك المبلغ كافيًا لشراء الغطاء، ولكنه كاف لأن يدفعه سيمون ثمنًا لبعض كؤوس من الفوتكا، بعدئذ قفل راجعا إلى منزله كسير القلب، وأخذ يهذي في طريقه؛ تارة عن غضب زوجه وسخطها عليه، وآونة يخاطب القروي الذي أعطاه العشرين قائلا ً: «قف قليلا! وانقدني كل ما أنت مدين به، إنك أعطيتني عشرين، فقط وادعيت الفاقة، ولكن ماذا يهمني وماذا عساي أن أفعل بهذا املبلغ، إنك تملك دوراً وماشية، أما أنا فلا أملك إلا ما أسد به الرمق، إنك تملك الحقول الغنية بالحب والثمر، وأما أنا فأشتري كل حبة من قوت يومي، وإنك تستزيد من كل شيء، وأما أنا فأحتاج إلى أقل شيء؛ فأنت مترف ذو نعمة، وأنا شقي ذو متربة، إذن يجب أت تدفع، هلم لا تتردد» وما وصل من هذيانه إلى هذا الحد حتى كان قد انتهى إلى معبد مقام عند منعطف الطريق، فنظر وإذا به يرى شبحاً أبيض يلوح وراء المعبد فلم يتبينه تماماً لأن طلائع الليل أخذت تطرد جيوش النهار من تلك البطاح والوديان ثم أخذ يسائل نفسه: «ما عسى أن يكون هذا الشبح؟ إنه حجر أبيض، ولكني لم أشاهد هنا حجرا قبل الآن، ألا يكون نورا إذًا؟ ولكن لا، فإن رأسه تماثل رأس الإنسان إلا أنها ناصعة البياض وما عسى أن يفعل الإنسان هناك.» ثم اقترب من الشبح قليلا ً قليلًا حتى تجلت أمامه حقيقته، وزال ما خامر فؤاده من الريب .





10481170_802468056484965_5502466492154724681_n.jpg






 

مواضيع مماثلة

أعلى