الابتلاء

غالي الأثمان

كاتب جيد
بسم الله الرحمن الرحيم



السلام عليكم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا

وسبحان خالق الأكوان فيما خلق وقدر
وأعطى كل شئ خلقه ثم هدى
وسبحانه وتعالى كل يوم هو في شأن

أحبتي أخوتي أخواتي بالله موضوع حديثنا اليوم عن الإبتلاء .

أخي الحبيب أختي الفاضلة قبل الذهاب في سطور الموضوع تذكروا أن الأمر لله تعالى وأننا لا نحيط من علمه سبحانه وتعالى إلا بما شاء .

جاء في محكم التنزيل في القرأن الكريم قول ربنا :

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ

وقال تعالى
كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249)

وقال تعالى :
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ

إن الصبر من أعظم الدرجات عند الله تعالى يمتحن بها عباده المقربون منه سبحانه وتعالى .
ويزداد هذا الإبتلاء على قدر قرب هذا العبد من ربه وزيادة ذكره لله تعالى وزيادة الصلاة وزيادة وكثرة الأعمال الصالحة .

لعله يصل بولائه لله تعالى فيكون ولي من أوليائه ، ولكن لا بد لهذا العبد أن يمر بإمتحان على قدر تقربه من الله تعالى .
ولعل هذا الإبتلاء أشبه بخيال لعقول الغير .
عندما يمر هذا العبد المقرب لله تعالى بهذا الأمتحان يتغير مسار حياته
فيما كان وسيكون له وسأشرح هذا تفصيلاً بعون الله تعالى وبه الثقة .

وحتى لا يلتبس على أي أخ أو أخت لنا بالله نذكر كما قال الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام أن الله تعالى كتب الحسنات وكتب السيئات .
والأمر في خيرة ( يختار ) لكل أنسان أراد أن يستثمر كل ثانية في التقرب لله أو عكسها في السيئات .

قال تعالى :

مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40)

فهذا هو أولى دروب المعرفة لكل عبد مسلم أنسي أو جني " أنه متروك ليوم تشخص فيه الأبصار ، ولعل حساب الله تعالى سريع فإن لكل عبد قيامته بموته ، ولعل حساب الظالم بالذات خزي الدنيا وخزي الأخرة .

(( إن كنت أرتكب المعاصي والذنوب قيام وقعوداً في الليل وفي النهار وأرتكب الكبائر ، وأردت أن أتوب لله تعالى قبل فوات الأوان كيف سيكون حالي عند الله تعالى ؟ وهل سيتغير مصير رزقي ؟؟ ))

نعم سيتغير مسار حياتك بشكل كامل .
وسيتغير مصير رزقك .
ولكي افصح لك عن الأجابة أكثر فإن العبد الذي تميز بكثرة الذنوب والمعاصي والأمور العظيمة وتاب لله تعالى ، هو أكثر منزلة في تقربه لله تعالى دون غيره لانه ترك ما كان متوفر بين يديه إبتغاء مرضاة الله تعالى دون غيره من العباد .
إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70)

ولكن لا بد لهذا العبد أن يمر بإمتحان من مدبر الأمور فتختلف حياة هذا العبد ، ولعل الإبتلاء على قدر تقرب عبد الله أو أمة الله من الله تعالى سبحانه وتعالى .
وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)

ولعل هذا القرب من الله تعالى يكون كبيراً ويصل لمراحل لا يعلمها إلا الله تعالى ، فأخبر ربنا سبحانه وتعالى أن عبده هذا سيمر بإبتلاء هو سبحانه وتعالى يختاره له وربما يصل إلا درجة عدم مقدرة الإنسان لتحمل هذا الإبتلاء ولكن لا جدوى فدموع هذا العبد ليل نهار شوق للقاء ربه وإبتسامته في وجه أخوانه ومسارعته للخيرات وقيامه الليل والنهار وكثرة ذكره لله تعالى لا يترك عند الله تعالى إلا بإمتحان وأمتحان لا يقدر عليه عباد الله إلا المقربون منه سبحانه وتعالى فتتزلزل الأرض تحت أقدامهم لشدة البلاء ، ولا يترك بهذا فحسب بل يزداد الإبتلاء في كل حياة هذا العبد من ذكر أو أنثى عازب غير متزوج أو متزوج .

قال تعالى :
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ (157)

وهذا الأمتحان هو لفئة من عباد الله تعالى غير محددة من أراد الألتحاق بركبها ألتحق فربنا سبحانه وتعالى ترك الطريق مفتوح لكل عباده .

في هذا الإبتلاء يرتقي عبد الله إلى ربه وأكثرهم خشية لله من تعرفوا على الله تعالى وعرفوا قدره . (( سبحان الله عما يصفون )) .
بعد هذا الإبتلاء بفترة لا يعلمها إلا الله تعالى يأتي الفرج منه سبحانه وتعالى .

قال تعالى :
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (6)

أما عباد الله تعالى الذين نالوا في هذا الإبتلاء كرامة من ربهم ، واستمروا بالذنوب أو عادوا إلا الذنوب وتركوا طريق الهداية الذي أناره الله تعالى لهم يكون حالهم في قوله تعالى :

قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنْ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنْ الْعَالَمِينَ (115)

ولكن الطريق مفتوح أمامهم للتوبة فهم الذين عرفوا كيف يكون القرب من الله سبحانه وتعالى أكثر من غيرهم ، وذلك بفضل الله تعالى عليهم .
والجزاء يكون عاجلاً من الله جل في علاه على قدر العمل لعباده في هذا الإبتلاء .

فالصبر درجات عند الله تعالى
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)

الصبر أولها وتصبير الصبر على الصبر نفسه ( سبحان الله عما يصفون ) وهذا لدرجة أعلى في البلاء ، ورابطوا الثبات على هذا البلاء واتقوا الله يصل لمرحلة أنه يخشى من الله تعالى في نقطة الماء المهدورة والأدنى منها ، هنا يأتي قوله تعالى لهؤلاء العباد الذين تعرفوا على حقيقة التقرب من الله تعالى بقوله سبحانه :
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

وبهذا يكون عبد الله قد نال المنزلة عند ربه وهو كلما تقرب كانت مخشية لله تعالى أكبر وأكثر .
قال تعالى :
هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163)

هكذا يكون عباد الله وهكذا يكون حالهم وهكذا هم وما كان ربنا ليخبرنا عن قصص كان ياما كان وضرب لنا امثلة كافية لهؤلاء العباد وعن صبرهم وعن درجاتهم .

وكانت أولاها للأنبياء والمرسلين عليهم السلام .

وأخذ أمثلة منها باذن الله .

السيدة مريم كلما دخل عليها زكريا وجد عندها رزقا
سيدنا يوسف عليه السلام سجن وصبر وأحتسب فخرج وحكم البلاد .
سيدنا نوح عليه السلام صبر وأحتسب فأغرق الله تعالى الدنيا لدعاء عبده
وجميع الأنبياء والمرسلين أصابهم بلاء وأمامهم سيدنا محمد رسول الله ونبيه عليه السلام أوذي وعذب وأخرج من دياره وجاهد وحكم الدنيا لدرجة صبره .

وعباد نالوا الكرامة والعلم من الله وفضله ففاقوا الأنبياء رغم كونهم ليسوا بالأنبياء ولا المرسلين بقوله تعالى :
قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)

وقوله تعالى :

قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (68)

هذا وصلى الله تعالى وسلم على الحبيب المختار سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا

هذا وإن كان خيراً فإنه من الله تعالى برحمته وفضله سبحانه وإن كان غير ذلك فهو من نفسي والشيطان .

دمتم بحفــــــــــــظ الله تعالى ورحمته
 

عاشق الليل

مُديّرْ المُنتَدىَ
طاقم الإدارة
رد: الابتلاء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أن شاء الله في ميزان حسناتك يا رب
 

رحيق الزهور

الإدارة
رد: الابتلاء

9948js1.gif
 

مواضيع مماثلة

أعلى