عِندمّا يُحب الفراش و يَحتّرقّ

LEGENDS

كاتب محترف
142788540_9fc72c4227_m.jpg


يحكى في قريب الزمان بعيد المكان..

أن رجلا: هو سراج وهّاج من نور..

وامرأة: هي فراشة من شـِعر وشعور..

جمعهما القدر في قصة حب كقصص الخيال..

حب هو أكبر وأرقى من الحب ..

و آه من القدر ..

كأنه أحس أن بين القلبين رابطا فريدا أزليا

ما كان و لن يكون الا بينهما ..

فأبى إلا أن يكون له دور يذكر في هذه القصه ..

شاء لهما أن يتعارفا..

لتعرف فيه برعما أخضر على غصن العمر المتيبس..

جنةً على الأرض..

وليعرف فيها

اختا

وصديقة

ورفيقة

وحبيبة..


هي الحنان متخذا صورة حسية في جسد انسان..

كانت تعرف أنها ليست له..


وأنه لم ولن يكون لها .. ابدا

فما الذي دفع بالفراشة الى التهلكة حول اللهب ..


فالفراش يحترق من الدوران حول الوهج..

اجابت من منظورها القلبي: هي صدفة ربانية ..

دفء وسكن في برد العمر المظلم..

ولقد تلمست في يديه إذ صافحته دفء العشق..


لم تكن متزوجة وهو كذلك..

لكنه قد ارتبط بخطبة ابنة عمه مسبقا ..

زواج قضاء وقدر.. بحكم روابط عائلية وعادات العُرف..

كانت هي - و اعني هنا فراشتنا - اكبر سنا ..

ثم خذ في الاعتبار انهما كانا من بيئتين مختلفتين بينهما بون اجتماعي

شاسع.. و كانت.. و كان.. وكانا .. عدد الاسباب

ولتعلم انك ستخطئ العد..

لكنه..

لم يكذب عليها ولا قطع لها الوعود الوردية راسما هالة من نور دافئ..

ولا هي تصرفت كما مراهقة صغيرة وتصورت بأمل الوهم انه سيترك

الدنيا لأجلها..

هي فقط..

عرفت فيه الحب الذي كانت تنتظره مذ اتت لشقاء عالمها..

وانها لن تعرف بعده دفأ خياليا من هذا النوع..

أدركت منذ البداية انها ليست محور حياته

وليست حب العمر بالنسبة اليه ..

ليست محطة نهاية..

بل محطة ظهرت في طريقه نحو غد الحياة..

كان هو الفرح الذي غمر في عمرها كل الارصفة و الطرقات..

هو الحاضر والماضي وما هو آت..

هو عشقها الأزلي حتى الممات..

كان هو حاضرها الذي ازاح عنها قسوة برد الماضي

وأزهر به مستقبلها

الذي ستعيش من اجله اجمل ذكريات العمر..

وكانت هي حاضره الذي سيصبح ماضيا بلا مستقبل ..

نسيا منسيا لا غد له..

قالت العرب قديما: أطيش من فراشة..
ضاربة بالفراش المثل في طيشه ورعونته..
لكني سأضرب بها مثل الاخلاص و الوفاء..
احبت النور وعشقت دفأه فاحترقت بحرارته..
ولكم أن تقولوا عنها أي شيء سوى انها عاقلة فالحب يأكل العقل ويهنأ به..
انها عاشقة حد الجنون والاحتراق..
فراشة عاشت سعيدة بالدفء وستعيش سعيدة بالاحتراق .. نالت من الحب ما كفاها وزاد..
زاد لبقية العمر..

حان زواجه..
وأزف الفراق ..

ودعته و وقفت ترقبه من بعيد يركب قطار الرحيل..
مـُتجها لمحطة عائلية..
ثم توارت خلف حرائقها الكاوية..

فتذكرت ما همس لها به ذات نقاء وصدق: أحبكِ يا غالية.. فأنت أروع من عرفت
مجنون هو ذاك الذي يستطيع سبيلا لقربكِ ثم ينشد بعدكِ..

تذكرت أغنياته و أشعاره و أوراقه تشي بأسراره القديمة و المحدثة..
في قرارة نفسها تقول كم عشقها..
ذرفت تنهيدة ملتاعة على أنقاض ليلة وداع..
قضتها تضاجع أوراقاَ كانت له..
تتنفس منها عطر وجوده..

مسكينة صديقتي طارت ولعبت حول سراج رأت فيه زهرة عمرها..

سألتها ذات صفاء: مالذي دفع بك إلى لهب هذا الاحتراق..
فقالت: قلت لـ لائم ٍ في الحب أفق.....لا تـُهوِّن طعم شيءٍ لم تذق
يكفيني أني عرفته وقد قاربت على فقدان اللأمل في صدق اسطورة حب البشر..
حبه يا صديقتي لن أناقش آلآمه وعذابه وحرمانه لانه حب نضوج واختيار و نقاء..
ولقد رضيت من الدنيا بهذا النصيب الصغير الموجز من الحب..
فكفاني..

ثم وضعت يدها اليمنى على قلبها ..
وبادرتني بالسؤال: ترا أ هناك يا صديقة ما هو أشد وخزا من وجع الفراق؟؟
وأي فراق.. إنه فراق بعهد واتفاق..
بنود عهدنا وشروطه مكتوبه على ورق حب وتضحية واخلاص ..
بدم من نزف القلب..
موعدنا ..
دار الخلود..
كما كان يُنشد لي دوماً:
لئن لم نلتقِ يوماً وفرّق بيننا كأس المنون
فـ موعدنا غداً جنات خلدٍ بها يحيا الحنون مع الحنون

آآآآه .. فما قبل الآه؟ وما بعدها؟..
وما بين الاف و الهاء؟..
مُد ذلك المسمى حبا


استرسلت -صديقتي- في حديثها وكأنها مخاطبة روحها:
ما التقارب الظرفي مقياس للتفاهم والانجذاب ..
ولا التبعاد مقياس للاختلاف و التنافر..
فقد نستمر مع البعض قضاء وقدرا تحت سقف الشكليات..
ونبتعد عن البعض على انهم ملكوا منا القلب والروح والعقل..
نتصل في اللا محدود كما تواصلنا في المحدود..
هكذا هو سراج قصتي ..
ذهب بعيدا ..
فذهب معه نوري ..
وبقيت أنا وحدي احترق ..
بدون حبيبي..
ولا عشقه الذي يحميني ..

ها أنا ما عدت اقوى على البكاء..
يا صديقتي ابكيني..
جفت عيناي .. بحرقة ولهي و حنيني..

ضاق الوجود عن أضلعي..
واحسست باتساع الفراغ من حولي ..
تناقضات شتى..
كتناقض الحب والـ لا حب
والآن هل تقولين عني فراشة ..
أم رماد ذكرى ؟؟
ذكرى تمحوها السنون ..
ورماد تذريه ريح الشجون..
لأصبح مجرد حكايه على لسان العاشقين...
يصنعون منها عجين حديث .. شموع امسيات أو حتى عطر سنين..
انا جسد بقلب محترق تفوح منه رائحة الموت..
وروحي تحوم فوقها نسور الالم تتلقفها وتنبشها بسكوت..

ما زلت اصر على انها فراشة ..
فقد امتلكت اجنحة عشق حملتها إليه ببراءة..
حين دنت منه اغراها صمت الدفء ..
جذبها غموض الضوء..
لتلملم جراحها ..
لترسم شتاتها..
فأقتربت أكثر..
واغراها أكثر..
فأقتربت أكثر وأكثر..
طافت بحلقات دائرية راقصة..
بكل غنج الانوثة..
تتفاخر بجمالها ..
بأجنحتها الملونه باطياف المشاعر..
أقتربت أكثر وأكثر وأكثر..
من الضوء..
ثم ..

احترقت الفراشة عندما لامست اجنحتها السراج..
احترقت ايضا ببراءة..

أطيش من فراشة


وكما يقول محمود درويش:
الفراشة تنسج من إبرة الضوء
زينة ملهاتها

الفراشة تولد من ذاتها
والفراشة ترقص في نار مأساتها..

اتعلمون لما ضربت بها مثل الوفاء .. وسأقول أوفى من فراشة عشقت سراجا ..

لأن القلب الطاهر النقي الحر لا ينسى قلبا احبه..

بل يتصل بالمعدوم اتصاله بالموجود.. هكذا هو قلبها..
مسكينة الفراشة التي تطوف حول نور الحلم.. فتحترق بنار الواقع..

سمعتها ذات حداء تدندن:

وصحى الليل مظنونك أغاني

قصّت جناح الثواني غيبتك

وصارت الساعة أماني

أنا حروفي في غيابك

لا هي حكي ولا هي قصيد
أكتب الظلمة وأعيد

وإنت يـ الفجر البعيد
نامت عيونك


أدركت حينها ..

انها ما زالت ترى في ذلك السراج نور الفجر البعيد..

لا تعتبوا على الفراشة رقة احساسها و ندى روحها..

فهذه فطرة الفراش ..يسعى دوماً إلى النار بحثاً عن الدفء

.. فتكون النهاية هي الاحتراق..

ولا تلومو السراج على دفء شعاعه.. فهذا من طبيعة مادة ضوئه الحارقة..

وتظل النهاية احتراق الفراشة عطاءا.. دون انطفاء السراج وفاءا..

ثم تذكروا انه هذا هو قدر الفراش مذ خرجت

من الشرنقة.. جمال .. حرية.. رقة وعنفوان..

عمر قصير على ابعد الاحتمالات شهران..

مسكينة هي الفراشة.. تعيش وهي تعلم بواقع نهياتها في الحسبان..

هكذا حالنا مع الحب ..
نبقى ندور حوله ..
نهمّّّ ..


نتراجع ..
نعود للدوران ..

و نعود للاحتراق..
مثل فراشة..

حول الضوء ..
حول النار ..

كلما طفئت لنا نار وتفحمنا.. ابدلنا هذا القلب جلودا غير جلودنا ..
واوقدنا نارا غيرها لنذوق العذاب.. لنحترق في اللهب .. لا لنموت..

جذوة على هامش حرائقها:

لا تـُخفِ ما صنعت بك الاشواق.....واشرح هواك فكلنا عشاق

فعسى يعينك من شكوت له الهوى....في حمله فالعاشقون رفاق

واصبر على هجر الحبيب فربما......عاد الوصال وللهوى اخلاق


:wub:​

ليش يلي منحبون ما بيكونو ألنا ! ؟
 

ترانيم العشق

كبار الشخصيات
رد: عِندمّا يُحب الفراش و يَحتّرقّ

[frame="13 85"]

وقدرنا هو قدر الفراشات...
نعشق الاحتراق بنار العشق والهوى
نلتصق بالضوء الوهاج الحارق
طلبا لدفء الحب
فنحترق بلهيب الشوق والانتظار وربما الفراق..غالبا
وتصبح الذكريات رمادا وضوءا خافتا
يتسلل الى مخيلتنا بين فترة واخرى
ليقض مضجعنا بذكريات الماضي الاليم
ونعيد الكرة مرارا وتكرارا...
دون ملل ..
علنا نلمس الحب يوما دون ان تحترق اصابعنا
وتدمى قلوبنا...
هاني الغالي
كل الود لنقاء روحك
وشفافيتك
رائع انت في كل ما تطرح...!!

[/frame]
 

آنفآس آلمطر

كبار الشخصيات
رد: عِندمّا يُحب الفراش و يَحتّرقّ

[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-color:black;border:10px ridge darkred;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
تتصافح القلوب على المحبة

وتتراكم ثلوج الصدور ,,

علّها تطفئ نيران اللهب المتطاير من فوهة بركان

لا يطفقُ أن تثور نيرانه لاتحرق ليس تلك الفراشة فحسب ..!
بل كل ما يكون حوله ..
هي الحياة ياصديقي العزيز ..
فيها النار وفيها النور
وياا ويلنا عندما يتحول النور لنار ! ,,
تحيتي لكَ ولشفافية طرحتك ,,


f386b8f05.jpg



[/ALIGN]
[/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
 

امل الرياحين

كاتب جيد
رد: عِندمّا يُحب الفراش و يَحتّرقّ

[type=224698]
كلما طفئت لنا نار وتفحمنا.. ابدلنا هذا القلب جلودا غير جلودنا ..
واوقدنا نارا غيرها لنذوق العذاب.. لنحترق في اللهب .. لا لنموت..
[/type]
طرح مميز مشكووووووووووووووووووووووور
 

GARDENIA

كاتب جيد جدا
رد: عِندمّا يُحب الفراش و يَحتّرقّ

وتظل النهاية احتراق الفراشة عطاءا.. دون انطفاء السراج وفاءا..
رائع بما طرحت
سلمت يداك
 

مواضيع مماثلة

أعلى