تعرف على الطريق إلى التوبة

مالك محمد

كاتب محترف
الطريق إلى التوبة

التوبة إلى الله


من الطباع الموجودة في الإنسان الخطأ، والضعف، والغفلة، والنسيان، فربّما يغفل العبد أحياناً عن إدراك الصواب في الأمر، وربّما يرتكب الخطأ في تنفيذ شيءٍ ما، وعمر الإنسان قصير، ولا يعلم متى يفارق الحياة ويحين موعد أجله، لذلك كان من رحمة الله تعالى بعباده أن فتح لهم باب التوبة، وحثّ عليها الجميع، ودعا لها في كثيرٍ من الآيات الكريمة في القرآن الكريم، ليتوب كلّ غافلٍ، ومخطئٍ، ونادمٍ عمّا فعل، ويعود لله تعالى قبل دنوّ أجله، فقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّـهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ)،[١] والتوبة تجب على كلّ إنسانٍ حال ارتكابه للذنوب، سواءً كان الذنب الذي اقترفه صغيراً أو كبيراً، حيث قال الله تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّـهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)،[٢] وتعرّف التوبة بأنّها اعتراف العبد بارتكابه للذنب، وإقلاعه عنه، ويعود العبد إلى الله تعالى بتركه ما نهى الله عنه، وفعله لما أمر به، وأعظم توبةٍ هي التوبة من الشرك والكفر بالله تعالى، والعودة إلى الإيمان به وحده، ثمّ تليها التوبة من البدع، ثمّ التوبة من الذنوب العظيمة والكبيرة، ثمّ تأتي التوبة من الذنوب الصغيرة.[٣][٤][٥][٦]

الطريق إلى التوبة


الطريق إلى التوبة ليس ذو صعوبةٍ بالغةٍ، إنّما هو طريقٌ بسيطٌ مشروعٌ لكلّ من نوى التوبة الصادقة، يسيرةٌ على من اتبع خطواتها بجدٍّ، وأملٍ، ورجاءٍ في عفو الله تعالى عنه، فقد ذكر في القرآن الكريم ما يدلّ على أنّ الطريق إلى التوبة مفتوحٌ أمام الجميع، فعلى الإنسان فقط اتّباع خطوات الطريق للوصول إلى النتيجة،[٧] فقد قال الله تعالى: (وَإِنّي لَغَفّارٌ لِمَن تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا ثُمَّ اهتَدى)،[٨] فخلال سعي الإنسان في طريقه نحو التوبة، وحتى يصل للتوبة الصحيحة التي يحبّها الله تعالى، والتي تمحو ما قبلها، عليه تحقيق شروط التوبة النصوح، واتّباع الوسائل التي قد تُعينه في طريقه نحو التوبة، حتى يحقّق بذلك توبةً صادقةً، تغفر فيها ذنوبه بإذن الله تعالى، وفيما يأتي بيان لتلك الشروط والوسائل:

شروط التوبة النصوح


إنّ التائب إلى الله تعالى لا يكون تائباً صادقاً إلّا إذا حقّق شروط التوبة، وهي:[٧][٩]

  • إخلاص النيّة لله تعالى، فيسعى العبد لتكون توبته خالصةً لوجه الله تعالى، لا يريد بها رياءً، أو سمعةً، بل يريد بها العودة إلى الله، وطلب العفو والمغفرة منه.
  • ترك العبد للمعصية والذنوب التي اقترفها، فلا يعود لها مرّةً أخرى أبداً، وإن حدث ذلك وارتكب المعصية مرّةً أخرى، فعليه من جديد البدء بتوبةٍ أخرى.
  • اعتراف التائب بأنّ ما ارتكبه كان ذنباً ومعصيةً.
  • شعور العبد بالندم على ما اقترف من معاصي وذنوب، وأن يكون ندمه صادقاً، بحيث لا يجاهر بمعاصيه أمام أحدٍ، ويسعى لمغفرة الله تعالى لها وهو نادمٌ.
  • ردّ العبد الحقوق إلى أصحابها، فإذا كان للتائب حقٌّ لأيّ عبدٍ، وجب عليه ردّه إلى صاحبه؛ لأنّ التوبة لا تُقبل ما دام في حوزة التائب حقٌّ لآخرٍ.
  • توبة العبد في الوقت المخصّص لها، ووقت التوبة مفتوح دائماً، إلّا عندما تطلع الشمس من مغربها، وعندما يغرغر الإنسان، فلا تُقبل التوبة حينها.

الوسائل المُعينة على التوبة


هناك بعض الوسائل التي تعين الإنسان على تحقيق التوبة بعد استيفاء شروطها، حتى تكتمل توبته، وهي:[٧][١٠]

  • استحضار الجزاء المترتّب على ارتكاب الذنوب والمعاصي، في الحياة الدنيا والآخرة.
  • تذكّر عظمة الله تعالى، وقدرته، وفضله على عباده.
  • مراقبة النفس ومحاسبتها، حيث يدفع ذلك إلى استحضار أفعال الإنسان، وبالتالي الإكثار من فعل الخير، وترك الشر.
  • استحضار الموت في أيامه، وعدم الغفلة عنه، وتذكّر ما يحدث من أهوالٍ.
  • تذكّر يوم القيامة، والأحداث التي تقع فيه.
  • الخوف من عذاب الله تعالى، وما أعدّ من عقابٍ وجزاءٍ للمسيئين.
  • استشعار رحمة الله تعالى بعباده، الشاملة لكلّ مناحي الحياة، وأنّ الله تعالى برحمته يقبل التوبة من عباده، ويغفر ذنوبهم.
  • الانشغال بما هو مفيدٌ، والحرص على عدم فراغ الأوقات.
  • التفكّر في النعيم الذي أعدّه الله تعالى لعباده في جنّات النعيم، والدرجات العلا فيها.
  • الحرص على أداء الصلوات في وقتها، والمداومة على أداء الفرائض التي أمر بها الله تعالى.
  • الابتعاد عن الأماكن التي من الممكن اقتراف المعاصي فيها.
  • الإكثار من النوافل، التي بفعلها يتقرّب المسلم من الله تعالى، وينال الأجر والثواب العظيمين.
  • المواظبة على ذكر الله تعالى، في كلّ يومٍ، وكلّ وقتٍ، فيحرص على قراءة القرآن الكريم، وتدّبره، ويستغفر الله تعالى، ويحمده.
  • الاستعانة بأخبار الأمم السابقة، التي تابت إلى الله تعالى، والبحث في سيرها.
  • الاقتراب من الرفقة الصالحة، التي تحثّ على الخير، وحبّ الله تعالى، والقرب منه، والابتعاد عن الرفقة السيئة.
  • الاستعانة بالدعاء؛ بأن يثبّت الله تعالى المسلم على فعل الخير، وعدم العودة لارتكاب الشر.

فضل التوبة


ما من خيرٍ يفعله المسلم، إلّا وله آثارٌ إيجابيّةٌ تعود عليه، فتوبة العبد لله تعالى لها فضائلٌ عديدةٌ، منها:[١٠][٧][١١]

  • نيل محبّة الله تعالى، فالله تعالى يحبّ العبد التائب، ويفرح بتوبته.
  • تكفير السيئات، وإبدالها بالحسنات.
  • النجاح في الدنيا والآخرة.
  • الفوز بجنّات النعيم، والنجاة من نار جهنّم.
  • نزول البركات من السماء، وزيادة القوّة، حيث قال الله تعالى: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ).[١٢]
 

مواضيع مماثلة

أعلى