قلب أنقرة على اتفاقاتها بليبيا.. أتصمد بعد رحيل السراج؟

بدت تركيا مطمئنة حيال مصير الاتفاقيات المهمّة التي وقعتها مع حكومة الوفاق الليبية حتى بعد رحيل رئيسها فايز السراج واستلام السلطة التنفيذية الجديدة التي يجري التفاوض حولها ومهامها بين طرفي النزاع، لكن الحراك الداخلي الليبي يؤشر على أن تلك التفاهمات قد تكون عرضة للتطورات السياسية المستقبلية في البلاد، والتي قد تسير عكس ما تشتهيه أنقرة.

وكانت الرئاسة التركية أعلنت الاثنين أن الاتفاقيات التي وقعتها مع حكومة الوفاق "ستبقى نافذة ولن تتأثر باستقالة السراج من منصب رئيس حكومة الوفاق"، وذلك رغم الشكوك التي تحيط بقانونية وشرعية تلك الاتفاقيات، والرفض الداخلي لهذا التعاون الثنائي.

اتفاق الحدود البحرية​


وفي نوفمبر 2019، وقع السراج اتفاقية مثيرة للجدل مع أنقرة ترسم حدودا بحرية مشتركة في شرق البحر الأبيض المتوسط في منطقة تطالب بها اليونان، ومنذ ذلك الحين، استخدمت تركيا هذا الاتفاق كأساس لإجراء أنشطة التنقيب عن الغاز في المياه المتنازع عليها، مما زاد التوترات بين تركيا والعديد من الدول الأوروبية في الأشهر الأخيرة.

الشركات التركية​


كما أعقب هذا الاتفاق، نقاطا أخرى للتعاون بين أنقرة وطرابلس خاصة في المجال الأمني والاقتصادي والمالي، استأنفت بمقتضاه الشركات التركية أعمالها في ليبيا ودخلت شركات أخرى للسوق الليبية، لكن مع الاستقالة المرتقبة للسراج يرى عدد من المراقبين، أن السلطات الجديدة لديها القدرة على تجميد هذه الاتفاقيات أو إلغائها، خاصّة أن توقيعها حصل في ظروف غير مستقرّة بليبيا وفي ظل تنازع وانقسام بين السلطات داخلها.

"مخالفة للقوانين"​


في هذا السياق، اعتبر رئيس لجنة السيولة بالمصرف المركزي بالبيضاء (شرق) رمزي رجب الآغا، أن جميع الاتفاقيات التي تم إبرامها بين تركيا وحكومة طرابلس، هي في الأساس "مخالفة للقواعد القانونية، حيث أنها لم تعتمد من السلطة التشريعية حسب القانون الليبي أي من البرلمان، كما وقعت دون مراعاة للقواعد الديبلوماسية والقانونية"، مضيفا أنّ أغلب المعاهدات أبرمت بشكل منفرد من قبل السراج، وهوما يتعارض مع الاتفاق السياسي الموقّع في الصخيرات، الذي ينصّ على أن المجلس الرئاسي مقيّد في إصدار قراراته بالإجماع بين أعضائه.

وأضاف الآغا في تصريح لـ"العربية.نت"، أنه باستلام الحكومة القادمة لمهامها واضطلاعها بمسؤولياتها، "يجب أن يكون مصير هذه الاتفاقيات سلّة المهملات".

في المقابل، رأى المحلل السياسي أبو يعرب البركي، أن هذه النتيجة لا يمكن أن تتحقق إلا إذا وصلت حكومة مناهضة لتركيا إلى السلطة في ليبيا، يقوم رئيسها بإلغاء جميع الاتفاقيات وجميع الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة السابقة تجاه أنقرة، بمجرّد تسلّمه المنصب.

أنقرة وورقة الإخوان​


وفي هذه الحالة، رجح البركي في تصريح للعربية.نت، أن "تعرقل تركيا التوصل لأي حل سياسي لا يضمن وجود شركائها وحلفائها (من الإخوان المسلمين) في السلطة، الذين ستستخدمهم للحفاظ على المكاسب التي حققتها في ليبيا وتحصيل المزيد".

في حين، اعتبر المحلل الاقتصادي الليبي رمزي الجدي في تصريح لـ"العربية.نت"، أن اتفاقيات تركيا مع حكومة الوفاق "لن تبطل أو تلغى مع تنحي السراج"، موضحا أنه وفقا لمعادلات القانون الدولي، تم توقيع الاتفاقيات بين السلطات التركية الرسمية وحكومة ليبية معترف بها، وبالتالي سوف تستمر في كل الأحوال أو تتحول إلى قضايا دولية في حال تمّ العمل على إنهائها، تلزم ليبيا بدفع تعويضات.

"لم تصدق في البرلمان"​


لكن النائب بالبرلمان علي التكبالي، قال إن حكومة الوفاق التي أبرمت هذه التفاهمات مع تركيا "معترف بها دوليا ولكن غير معترف بها ليبيا ولا شعبيا"، لافتا إلى أن جميع الاتفاقيات ومذكّرات التفاهم التي وقّعتها "لم يتمَّ إقرارها أو المصادقة عليها من قبل البرلمان بصفته الجسم الوحيد المنتخب في البلاد".

ورأى في تصريح لـ"العربية.نت"، أن مصير اتفاقيات تركيا مع السراج والعلاقات الثنائية المستقبلية بين البلدين، "يتوقف على هوية رئيس الوزراء القادم وشكل الحكومة المرتقبة وكذلك على مدى الضغط الدولي وخاصة الأميركي لبقاء هذه الاتفاقيات، خاصة أن الليبيين لا يريدونها أن تبقى قائمة وقابلة للتنفيذ".

يذكر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كان عبّر سابقا عن انزعاجه من قرار السراج التخلي عن السلطة نهاية الشهر القادم، في إشارة على ما يبدو أنه لم يحصل على الضمانات الكافية لتنفيذ مشاريعه المستقبلية في ليبيا وعلى مخاوف من أن تفقد بلاده سيطرتها تدريجيا على ليبيا بعد رحيل السراج. وأعلن أمس الاثنين أن "وفودا تركية قد تجري محادثات مع حكومة الوفاق لتوجيه هذه القضية إلى الاتجاه الذي يجب أن تسلكه".
 

walaa yo

كبار الشخصيات
طاقم الإدارة
يعطيك العافية
 

مواضيع مماثلة

أعلى