نساء غزة وفتيان , يعيدون تصنيف التاريخ بلغة معاصرة

عبدالحي عداربه

كاتب جيد جدا
نساء غزة وفتيانها , يعيدون تصنيف التاريخ بلغة معاصرة

بســم الله الرحــمن الـــرحيم
نساء غزة وفتيانها , يكتبون تاريخ الأمة بلغة عصرية
والعالم يصنفها ضمن القصص والموروث الإنساني
وشباب الأمة يختزنها ليوم التحرير العظيم
تحرير الأقصى , ونهاية دولة إسرآئيل
وزوالها من مصنف التاريخ
البشري

قصة تضحية تاريخية
تكررت في غزة
أورد ابنُ الجوزي
في صفة الصفوة عن
رجل من الصالحين اسمه
أبو قــــــــــدامة الشـــــــــامي
وكان رجلاً قد حبب إليه الجهاد
والغزو في سبيـل الله ، انـه قال
خرجت مرة مع أصحاب لي لقتال
الصليبيين على بعض الثغور فمررت
في طريقي بمدينة الرقة في العراق على
نهر الفرات واشتريت منها جملاً أحمل عليه
سلاحي ، ووعظت الناس في مساجدها وحثثتهم
على الجهاد والإنفاق في سبيل الله ، فلما جن عليّ
الليل اكتريت منزلاً أبيت فيـه , فلما ذهب بعض الليل
فإذا بالباب يطرق عليّ ، فلما فتحت الباب فإذا بامرأة
متحصنة قد تلفعت بجلبابها
فقلت
ما تريدين ؟
قالت
أنت أبو قدامة ؟
قلت
نعم
قالت
أنت الذي جمعت المال اليوم للثغور ؟
قلت
نعم

فدفعت إلي رقعة وخرقة مشـدودة
وانصرفت

باكية ، نظـرت إلى الرقعـــة , فإذا هي تقول
إنك دعوتنا إلى الجـــــهاد , ولا قــدرة لي
على ذلك , فقطعت أحسن ما فيَّ , وهما
ضفيرتاي , وأنفذتهما إليك لتجعلهما
قيد فرسك , لعل الله يرى شعري
قيد فرسك في سبيله , فيغفر لي
***********************
قال أبو قدامة
فعجبت والله من حرصــها وبذلها
وشدة شوقها إلى المغفرة والجنة
*************************
فلما أصبحنا خرجت أنا وأصحابي من الرقة
فلما بلغنا حصن مسلمة بن عبد الملك , فإذا
بفارس يصيح وراءنا وينادي
يقول
يا أبا قدامة يا أبا قدامة ، قف عليَّ يرحمك الله
قال أبو قدامة فقلت لأصحابي تقدموا عني وأنا
أنظر خبر هذا الفارس
فلما رجعت إليه ، بدأني بالكلام وقال الحمد لله
الذي لم يحرمني صحـــبتك ولــــم يردني خائباً
فقلت ::
ما تريد ؟
قـــال ::
أريد الخروج معكم للقتال !!
فقلت ::
أسفر عن وجهك أنظر إليــــــــك فإن كنت كبيراً يلزمك
القتال قبلتك ، وإن كنت صغيراً لا يلزمك الجهاد رددتك
فكشف اللثام عن وجهه , فإذا بوجه مثل القمر وإذا هو
غلام عمره سبع عشرة سنة
فقلت ::
يا بني , عندك والد ؟
قال أبي قد قتـــــــــله الصليبيون
وأنا خارج أقاتل الذين قتلوا أبي
قلت ::
أعندك والدة ؟
قال :: نعم
قلت ::
ارجع إلى أمك فأحسن صحبتها
فإن الجـــــــنة تحت أقــدأمـــها
فقال ::
أما تعرف أمي ؟
قلت ::
لا
قال ::
أمي هي صاحبة الوديعة
قلت ::
أي وديعة ؟
قال ::
هي صاحبة الشكال
قلت ::
أي شكال ؟
قال سبحان الله ما أسرع ما نسيت !
أما تذكر المرأة التي أتتك البارحة
وأعطتك الكيس والشكال ؟
قلت :: بلى
قال
هي أمي ، أمرتني أن أخرج إلى الجهاد
وأقسمت عليَّ أن لا أرجع وإنها قالت لي
يا بني إذا لقيت الكفار فلا تولهم الدبر
وهَب نفسك لله واطلب مجاورة الله
ومساكنة أبيك وأخوالك في الجنة
فإذا رزقك الله الشهادة فاشفع فيَّ
ثم ضمتني إلى صــدرها ، ورفعت
بصرها إلى السماء
وقالت ::
إلهي
وسيدي ومولاي ، هذا ولدي ، وريحانةُ
قلبي ، وثمرةُ فؤادي ، سلمته إليك فقربه
من أبيه وأخواله
ثم قال ::
سألتك بالله
ألا تحرمني الغزو معك في سبيل الله
أنا إن شاء الله الشهيد ابن الشـــهيد
فـإني حــــــــــــــــــــافظ لكتـــاب الله
عارف بالفروسية والرمي
فلا تحـقرَنِّي لـــصغر سني
********************
قال أبو قدامة
فلما سمعت ذلك منه أخذته معنا
فوالله ما رأينا أنشط منه ، إن ركبنا
فهو أسرعنا ، وإن نزلنا فهو أنشطنا
وهو في كل أحواله لا يفتر لسانه عن
ذكر الله تعالى أبداً
**************
فنزلنا منزلاً وكنا صائمين وأردنا أن نصنع فطورنا
فـأقسم الغلام أن لا يصـــنع الفطور إلا هــو , فذهب
يصنع الفطور , وأبطــــأ علينا فـــذهبت لارى مــا به
فلما , وصلت اليه فإذا الغلام قد أشعل النار بالحــطب
ووضع من فوقها القدر ثم غلبه التعب والنوم ووضع
رأسه على حجر ثم نام , فكرهت أن أوقظه من منامه
وكرهت أن أرجع الى أصحابي خالي اليدين , فقــمت
بصنع الفطور بنفسي , وكان الغلام على مرأى مني
فبينما هو نائم لاحظته بـــدأ يتبسم ثم اشتد تبسمه
فتعجبت , ثم بدأ يضــــحك , ثم اشتد ضحكة ثــم
استيـــــــقظ , فلـــــــــما رآني فـــــــزع الغــلام
وقال ياعمي , أبطأت عليكم دعني أصنع الطعام
أنا خادمكم في الجهاد
فقال أبو قدامة
لا والله لست بصانع لنا شيء حتى تخبرني
ما رأيت في منــامك وجعلك تضحك وتتبسم
فقال :: يا عمي هــذه رؤيا رأيتها
فقلت :: أقسمت عليك أن تخبرني
فقال :: دعها بيني وبين الله تعالى
فقلت ::
أقسمت عليك أن تخبرني
قال الغلام
رأيت ياعمي في منامي أني دخلت إلى الجنة
فهي بحسنها وجمالها كما أخبر الله في كتابه
فبينما أنا أمشي في الجـــنة , وأنـا بعـجب شديد
من حسنها وجمالها، إذ رأيـت قصــراً يتلألأ أنواراً
لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وإذا شُرفاته من الدرّ
والياقوت والجوهر، وأبوابه من ذهب , فـإذا بجارية
كأحسن ما أنت رائي من الجواري وإذ بها تشـير إلي
وتحــــــدث صاحبتها وتقول , هذا زوج المرضية هذا
زوج المرضية , فقلت لها أنتي المرضية ؟فقــــالت أنا
خادمة من خدم المرضية.. تريد المرضية ؟ ادخــل إلى
القصر.. تقدم يرحمك الله , فإذا في أعلى القصر غرفة
من الــذهب الأحمر عليها سرير من الــزبرجد الأخضر
قوائمه من الفضة البيضاء ، عليه جارية وجهـها كأنه
الشمس ، لولا أن الله ثبت علي بصري , لذهب وذهب
عقـلي مـــن حسن الغـــــرفــة وبـــهاء الجــــــــارية
فلما رأتني الجارية قالت , مرحباً بولي الله وحبيبه
أنا لك وأنت لي
فلما سمعت كلامها اقتربت مها , وكدت ان أضع يدي عليها
قالت : يا خليلي يا حبيبي أبعد الله عــنك الخناء , قد بقي لك
في الحياة شيء , وموعدنا معك غدًا , بعد صـــــــلاة الظهر
فتبسمت من ذلك , وفرحت منه يا عم
فقلت ::
رأيت خيرًا إن شاء الله
*****************
ثم إننا أكلنا فطورنا ومضينا الى أصحابنا
المرابطــــين في الثغور , ثم حضر عدونا
وصف الجيوش قـــــائدنا وبينـما أنا أتأمل
في الناس , فإذا كـل منهم يجمع حولـــــه
أقاربه وإخوانه ,إلا الغــــــلام فبحثت عنه
ووجدته في مقـــدمة الصفوف فذهبت إليه
وقلت يا بني هل أنت خبير بأمور الجهاد ؟
قال لا يا عم :: هــــذه والله أول معركة لي
مع الكفار
فقلت يا بني :: إن الأمـر خـــــــلاف ذلــــك
إن الأمر قتال ودماء , يا بني كـــن في آخر
الجيش فان انتصرنا , ــــــــ أنت معنـــا من
المنتصرين , وإن هُزمنا لم تكن أول القتلى
فقال :: متعجبا أنت تقول لي ذلك؟
قلت :: نعم أنا أقول ذلك !!!!!!!!!!
قال :: يا عم أتود أن أكون من أهــل النار ؟
قلت أعوذ بالله , لا والله , والله مـا جئنا إلى
الجهاد إلا خوفًا منها
فقال الغلامُ
هل تريدني أوليهم الأدبار , فأكـــون من أهل النــــار؟
فعجبت والله من حرصه وتمســـكه بالجهاد , وأبى ان
يرجع , فأخذت بيده أُرجعه إلى آخر الصفـوف , وأخذ
يسحب يده عني فبـــــدأت الحرب وحـــالت بيني وبينه
******************************************
فجالت الأبطال ، ورُميت النبال ، وجُرِّدت السيوف
وتكسرت الجماجم ، وتطايرت الأيدي والأرجل
واشتد علينا القتال , حتى اشتغل كلٌ بنفسه
حتى دخل وقت صـــــلاة الظهر
فهزم الله جل جــلاله الصليبين
فلما انتصرنا جمـــعت أصحابي
وصلينا الظهر ,وبعد ذلك ذهب
كل منا يبحث عن أهله وأصحابه
إلا الغلام فليس هنالك من يسأل عنه
فذهبت أبحث عنه , فبينمــاــ أنا اتفقده
وإذا بصوت يقول أيها الناس ابعثوا إليّ
عمي أبا قُدامة ابعثوا إلي عمي أبا قدامة
فالتفت إلى مصدر الصوت فإذا الجسد جسد
الغلام وإذا الرماح قد تسابقت إليه والخيلُ قد
وطئت عليه فمزقت اللحمان ، وأدمّـــت اللسان
وفرقت الأعضاء ، وكسرت العظام وإذا هو يتيم
مُلقى في الصحراء , فأقبلت إليه ، وانطرحت بين
يديه ، وصرخت ها أنا أبو قدامة .. ها أنا أبو قدامة
فقال الحمد لله الذي أحياني إلـــــــى أن أوصي إليك
فاسمع وصيتي
قال أبو قدامة
فبكيت والله رحمة به
ورحمةً بأمه التي فجعت عـــــــــام أول بأبيه
وأخواله وتفجع الآن به ، أخذت طرف ثوبي
أمسح الدم عن وجهه
فقال الغلام :: تمسح الدم عن وجهي بثوبك !
بل امسح الدم بثوبي لا بثوبك ، فثوبــــي أحق
بالوسخ من ثوبك
قال أبو قدامة :: فبكيت والله ولم أحد جواباً
فقال
يا عم ::

أقسمت عليـــك إذا أنا مت , أن ترجع إلى الرقــــة
ثم تبشر أمـــي بأن الله قد تقبل هديتهــــــــــا إليــه
وأن ولدها قد قُتل في سبيل الله مقبلاً غــــير مدبــر
وإن الله , أن كتبني في الشهداء , فإنــــي سأوصل
سلامها إلى أبي وأخوالي في الجنة
ثم قال
يا عم إني أخاف ألا تصدق أمي كلامك , فخذ معك
بعض ثيابي التي فيها الدم ، فإن أمـــــي إذا رأتها
صدقت أني مقتول ، وقل لهــــــا إن الموعد الجنة
إن شاء الله
الله خليفة الشهيد في بيته
يا عم إنك إذا أتيت إلى بيتنـا ستجد أختاً لي صغيرة
عمرها تسـع سنوات ما دخلتُ المنزل إلا استبشرتْ
وفرحتْ ، ولا خرجتُ إلا بكتْ وحزنتْ ، وقد فجعت
بمقتل أبي عام أول , وتفجع بمقتلي اليوم ، وإنهــا
قالت لي عندما رأت علي ثياب السفر : يا أخــــي لا
تبطئ علينا وعجل الرجوع إلينــا
فإذا رأيتهـا فطيب صدرها بكلمات
وقل لها
يقول لك أخــوكِ
الله خليفته عليكِ

ثم تحامل الغلام على نفسه وقـال
يا عمّ صدقت الرؤيا ورب الكعبة
والله إنـــــي لأرى المرضــــــــية
الآن عند رأسي , وأشم ريـــحها
ثم انتفض وتصبب العرق
وشهق شـهقات ، ثم مات
********************
فأخذت بعض ثيابه لما دفناه
لم يكن عندي هم أعظم من أن
أرجعَ إلى الرقة وأبلغَ رسالته لأمه
فرجعت إلى الرقة
وأنا لا أدري ما اسم أمه وأيــن تسكن
فبينما أنا أمشي وقفت عند منزل تقف
على بابه فتاة صغيرة ما يمر أحد مــن عند
بابهم وعليه أثر السفر , إلا سألته يا عمي
من أيــن أتيت ؟ فيقـول من الجهاد
فتقــول لـــــــــــه معكم أخـــــــي ؟
فيقول ما أدري مَن أخــوك ويمضي
وتكرر ذلك مرارًا مع المارة ويتكرر
معها نفس الرد فبكت أخيرًا
وقالت ::
مالي أرى الناس يرجعون
وأخي لا يرجع ؟
فلما رأيت حالها أقبلت عليها
فرأت علي أثر السفر
فقالت ::
يا عم من أين أتيت ؟
قلت من الجــــــــهاد
فقالت معــكم أخي ؟
فقلت أين هي أمك؟
قالت في الداخل
ودخلت تناديها
فلما أتت الأم
وسمعت صوتي
عرفتني وقالت ::
يا أبا قدامة أقبلت معزيًا أم مبشرًا ؟
فقلت كيف أكون معــــزيًا ومبشرًا ؟
فقالت ::
إن كنت أقبلت تخبرني أن ولـدي
قُتل في سبيل الله مقبل غير مدبر
فأنت تبشرني بأن الله قد قبل هديتي
التي أعدتها من سبعة عشر عامًا ، وإن
كنت قد أقبلت كي تخبرني أن ابنـي رجع
سالمًا معه الغنيمة , فإنك تعزيني
لأن الله لم يقبل هديتي إليه
فقلت لها
بل أنا والله مبشر
إن ولدك قد قتل مقبل غير مدبر
فقالت ما أظنك صادقًا وهي تنظر إلى الكيس
ثم فتحت الكيس وإذ بالدماء تغطـــــــي المــلابس
فقلت لها أليست هذه ثيابه التي ألبستيه إياها بيدك؟
فقالت :: الله أكبر , الله أكبر , الله أكبر , وطارت فرحا
********************************************
أما الصغيرة فقد شهقت لــما سمعت الخبـــــر
ثم وقعت على الأرض , ففزعت أمها ودخلت
تحضر لها ماء , لتسكبها على وجهها
أما أنا فجلست أقرأ القرآن عند رأسهـا
ووالله ما زالت تشهق وتنـــادي باسم
أبيها وأخيها , ومــا غادرتها إلا ميتة
فأخذتها أمها وأدخلتها وأغلقت الباب
وسمعتُها تقول
اللهم إني قد قدمت زوجي
وإخواني وولدي في سبيلك
اللهم أسألك أن ترضى عني
وتجمعني وإياهم في جنتك
********************
الله خليفة الشهيد في بيته
بل والخارج في سبيـل الله
نساء غزة وفتيانها , يكتبون تاريخ الأمة بلغة عصرية
والعالم يصنفها ضمن القصص والموروث الإنساني
وشباب الأمة يختزنها ليوم التحرير العظيم
تحرير الأقصى , ونهاية دولة إسرآئيل
وزوالها من مصنف التاريخ
البشري
****
قال الله في علاه
"
وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
(169)
فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ
وَيَسْتَبْشِرُونَ
بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ
أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
(170)
يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ
وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ
(171)
"
***
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
"
يُشَفَّعُ الشَّهِيدُ
فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ
"


 

ملائكة الحب

مُديّرْ المُنتَدىَ
رد: نساء غزة وفتيان , يعيدون تصنيف التاريخ بلغة معاصرة

الله يفك اثر غزة يا رب
 

مواضيع مماثلة

أعلى