•ღ• فتح القسطنطينية.. خطوة بخطوة .. حتى الفتح •ღ•

دمع العيون

(حكاية وطـن )
بســــمـ الله الرحمـــن الرحيـــمـ


فتح القسطنطينية .. خطوة بخطوة .. حتى الفتح


أولاً: الإعداد للفتح:

لقد اعتنى السلطان محمد الفاتح بإقامة قلعة (رومليحصار) في الجانب الأوروبي على مضيق البسفور في أضيق نقطة منه مقابل القلعة التيأسست في عهد السلطان بايزيد في البر الآسيوي، وقد حاول الإمبراطور البيزنطي ثنيالسلطان الفاتح عن بناء القلعة مقابل التزامات مالية تعهد به إلا أن الفاتح أصر علىالبناء لما يعلمه من أهمية عسكرية لهذا الموقع ، حتى اكتملت قلعة عالية ومحصنة ،وصل ارتفاعها إلى 82 متراً، وأصبحت القلعتان متقابلتين ولا يفصل بينهما سوى 660متتحكمان في عبور السفن من شرقي البسفور إلى غربيه وتستطيع نيران مدافعهما منع أيسفينة من الوصول إلى القسطنطينية من المناطق التي تقع شرقها مثل مملكة (طرابزون ) وغيرها من الأماكن التي تستطيع دعم المدينة عند الحاجة.

أ- اهتمام السلطانبجمع الأسلحة اللازمة
:

اعتنى السلطان عناية خاصة بجمع الأسلحة اللازمة لفتحالقسطنطينية، ومن أهمها المدافع التي أخذت اهتماماً خاصاً منه حيث أحضر مهندساًمجرياً يدعى (أوربان) كان بارعاً في صناعة المدافع فأحسن استقباله ووفر له جميعالإمكانيات المالية والمادية والبشرية، وقد تمكن هذا المهندس من تصميم وتنفيذالعديد من المدافع الضخمة كان على رأسها المدفع السلطاني المشهور، والذي ذكر أنوزنه كان يصل إلى مئات الأطنان وأنه يحتاج إلى مئات الثيران القوية لتحريكه، وقدأشرف السلطان بنفسه على صناعة هذه المدافع وتجريبها
.

ب- الاهتمامبالأسطول
:

ويضاف إلى هذا الاستعداد ما بذله الفاتح من عناية خاصة بالأسطولالعثماني حيث عمل على تقويته وتزويده بالسفن المختلفة ليكون مؤهلاً للقيام بدوره فيالهجوم على القسطنطينية، تلك المدينة البحرية التي لا يكمل حصارها دون وجود قوةبحرية تقوم بهذه المهمة ،وقد ذكر أن السفن التي أعدت لهذا الأمر بلغت أكثر منأربعمائة سفينة
.

ج- عقد معاهدات
:

كما عمل الفاتح قبل هجومه علىالقسطنطينية على عقد معاهدات مع أعدائه المختلفين ليتفرغ لعدو واحد، فعقد معاهدة معإمارة (غلطة) المجاورة للقسطنطينية من الشرق ويفصل بينهما مضيق (القرن الذهبي) ،كما عقد معاهدات مع (المجد) و (البندقية) وهما من الأمارات الأوروبية المجاورة ،ولكن هذه المعاهدات لم تصمد حينما بدأ الهجوم الفعلي على القسطنطينية ، حيث وصلتقوات من تلك المدن وغيرها للمشاركة في الدفاع عن القسطنطينية مشاركة لبني عقيدتهممن النصارى متناسين عهودهم ومواثيقهم مع المسلمين
.
في هذه الأثناء التي كانالسلطان يعد العدة فيها للفتح استمات الإمبراطور البيزنطي في محاولاته لثنيه عنهدفه ، بتقديم الأموال والهدايا المختلفة إليه ، بمحاولة رشوة بعض مستشاريه ليؤثرواعلى قراره ولكن السلطان كان عازماً على تنفيذ مخططه ولم تثنه هذه الأمور عن هدفه ،ولما رأى الإمبراطور البيزنطي شدة عزيمة السلطان على تنفيذ هدفه عمد إلى طلبالمساعدات من مختلف الدول والمدن الأوربية وعلى رأسها البابا زعيم المذهبالكاثوليكي ، في الوقت الذي كانت فيه كنائس الدولة البيزنطية وعلى رأسهاالقسطنطينية تابعة للكنيسة الأرثوذكسية وكان بينهما عداء شديد ، وقد اضطرالإمبراطور لمجاملة البابا بأن يتقرب إليه ويظهر له استعداده للعمل على توحيدالكنيسة الأرثوذكسية الشرقية لتصبح خاضعة له ، في الوقت الذي لم يكن الأرثوذكسيرغبون في ذلك ، وقد قام البابا بناءً على ذلك بإرسال مندوب منه إلى القسطنطينية ،خطب في كنيسة آيا صوفيا ودعا للبابا وأعلن توحيد الكنيستين ، مما أغضب جمهورالأرثوذكس في المدينة ، وجعلهم يقومون بحركة مضادة لهذا العمل الإمبراطوريالكاثوليكي المشترك ، حتى قال بعض زعماء الأرثوذكس : ( إنني أفضل أن أشاهد في ديارالبيزنط عمائم الترك على أن أشاهد القبعة اللاتينية
).

ثانياً: الهجوم:


كانت القسطنطينية محاطة بالمياه البحرية في ثلاث جبهات، مضيقالبسفور، وبحر مرمرة، والقرن الذهبي الذي كان محمياً بسلسلة ضخمة جداً تتحكم فيدخول السفن إليه، وبالإضافة إلى ذلك فإن خطين من الأسوار كانت تحيط بها من الناحيةالبرية من شاطئ بحر مرمرة إلى القرن الذهبي، يتخللها نهر ليكوس، وكان بين السورينفضاء يبلغ عرضه 60 قدماً ويرتفع السور الداخلي منها 40 قدماً وعليه أبراج يصلارتفاعها إلى 60 قدماً، وأما السور الخارجي فيبلغ ارتفاعه قرابة خمس وعشرينقدماًوعليه أبراج موزعة مليئة بالجند، وبالتالي فإن المدينة من الناحية العسكريةتعد من أفضل مدن العالم تحصيناً، لما عليها من الأسوار والقلاع والحصون إضافة إلىالتحصينات الطبيعية، وبالتالي فإنه يصعب اختراقها، ولذلك فقد استعصت على عشراتالمحاولات العسكرية لاقتحامها ومنها إحدى عشرة محاولة إسلامية سابقة.

كانالسلطان الفاتح يكمل استعدادات القسطنطينية ويعرف أخبارها ويجهز الخرائط اللازمةلحصارها ، كما كان يقوم بنفسه بزيارات استطلاعية يشاهد فيها استحكامات القسطنطينيةوأسوارها ، وقد عمل السلطان على تمهيد الطريق بين أدرنة والقسطنطينية لكي تكونصالحة لجر المدافع العملاقة خلالها إلى القسطنطينية ، وقد تحركت المدافع من أدرنةإلى قرب القسطنطينية ، في مدة شهرين حيث تمت حمايتها بقسم من الجيش حتى وصلتالأجناد العثمانية يقودها الفاتح بنفسه إلى مشارف القسطنطينية في يوم الخميس 26ربيع الأول 857هـ الموافق 6 أبريل 1453م ، فجمع الجند وكانوا قرابة مائتين وخمسينألف جندي ، فخطب فيهم خطبة قوية حثهم فيها على الجهاد وطلب النصر أو الشهادة ،وذكرهم فيها بالتضحية وصدق القتال عند اللقاء ، وقرأ عليهم الآيات القرآنية التيتحث على ذلك ، كما ذكر لهم الأحاديث النبوية التي تبشر بفتح القسطنطينية وفضل الجيشالفاتح لها وأميره ، وما في فتحها من عز الإسلام والمسلمين ، وقد بادر الجيش بالتهليل والتكبير والدعاء
.

وكان العلماء مبثوثين في صفوف الجيش مقاتلينومجاهدين مما أثر في رفع معنوياتهم حتى كان كل جندي ينتظر القتال بفارغ الصبر ليؤديما عليه من واجب
.

وفي اليوم التالي قام السلطان بتوزيع جيشه البري أمامالأسوار الخارجية للمدينة، مشكلاً ثلاثة أقسام رئيسية تمكنت من إحكام الحصار البريحول مختلف الجهات، كما أقام الفاتح جيوشاً احتياطية خلف الجيوش الرئيسية، وعمل علىنصب المدافع أمام الأسوار، ومن أهمها المدفع السلطاني العملاق الذي أقيم أمام بابطب قابي، كما وضع فرقاً للمراقبة في مختلف المواقع المرتفعة والقريبة من المدينة،وفي نفس الوقت انتشرت السفن العثمانية في المياه المحيطة بالمدينة، إلا أنها لمتستطع الوصول إلى القرن الذهبي بسبب وجود السلسلة الضخمة التي منعت أي سفينة مندخوله بل وتدمر كل سفينة تحاول الدنو والاقتراب، واستطاع الأسطول العثماني أنيستولي على جزر الأمراء في بحر مرمرة
.

وحاول البيزنطيون أن يبذلوا قصارىجهدهم للدفاع عن القسطنطينية ووزعوا الجنود على الأسوار، وأحكموا التحصينات، وأحكمالجيش العثماني قبضته على المدينة، ولم يخلُ الأمر من وقوع قتال بين العثمانيينالمهاجمين والبيزنطيين المدافعيين منذ الأيام الأولى للحصار، وفتحت أبواب الشهادةوفاز عدد كبير من العثمانيين بها خصوصاً من الأفراد الموكلين بالاقتراب منالأبواب
.

وكانت المدفعية العثمانية تطلق مدافعها من مواقع مختلفة نحوالمدينة، وكان لقذائفها ولصوتها الرهيب دور كبير في إيقاع الرعب في قلوبالبيزنطيين، وقد تمكنت من تحطيم بعض الأسوار حول المدينة، ولكن المدافعين كانواسرعان ما يعيدون بناء الأسوار وترميمها
.

ولم تنقطع المساعدات المسيحية منأووربا، ووصلت إمدادات من (جنوة ) مكونة من خمس سفن وكان يقودها القائد الجنوي ( جستنيان) يرافقه سبعمائة مقاتل متطوع من دول أوربية متعددة، واستطاعت سفنهم أن تصلإلى العاصمة البيزنطية العتيقة بعد مواجهة بحرية مع السفن العثمانية المحاصرةللمدينة، وكان لوصول هذه القوات أثر كبير في رفع معنويات البيزنطيين، وعين قائدها ( جستنيان ) قائداً عاماً للقوات المدافعة عن المدينة
.

وقد حاولت القواتالبحرية العثمانية تخطي السلسلة الضخمة التي تتحكم في مدخل القرن الذهبي والوصولبالسفن الإسلامية إليه ، وأطلقوا سهامهم على السفن الأوروبية والبيزنطية ولكنهمفشلوا في تحقيق مرادهم في البداية وارتفعت الروح المعنوية للمدافعين عنالمدينة
.

ولم يكل القس ورجال الدين النصارى، فكانوا يطوفون بشوارع المدينة،وأماكن التحصين ويحرضون المسيحيين على الثبات والصبر، ويشجعون الناس على الذهاب إلىالكنائس ودعاء المسيح والسيدة والعذراء أن يخلصوا المدينة، وأخذ الإمبراطور قسطنطينيتردد بنفسه على كنيسة أيا صوفيا لهذا الهدف
.

ثالثاً: مفاوضات بين محمدالفاتح وقسطنطين:


استبسل العثمانيون المهاجمون على المدينة وعلى رأسهم محمدالفاتح، وصمد البيزنطيون بقيادة قسطنطين صموداً بطولياً في الدفاع، وحاولالإمبراطور البيزنطي أن يخلص مدينته وشعبه بكل ما يستطيع من حيلة، فقدم عروضاًمختلفة للسلطان ليغريه بالانسحاب مقابل الأموال أو الطاعة، أو غير ذلك من العروضالتي قدمها.

ولكن الفاتح رحمه الله يرد بالمقابل طالباً تسليم المدنيةتسليماً، وأنه في هذه الحالة لن يتعرض أحد من أهلها ولا كنائسها للأذى، وكان مضمونالرسالة: ( فليسلم لي إمبراطوركم مدينة القسطنطينية وأقسم بأن جيشي لن يتعرض لأحدفي نفسه وماله وعرضه، ومن شاء بقي في المدينة وعاش فيها في أمن وسلام، ومن شاء رحلعنها حيث أراد في أمن وسلام أيضاً
).

كان الحصار لا يزال ناقصاً ببقاء مضيقالقرن الذهبي في أيدي البحرية البيزنطية، ومع ذلك فإن الهجوم العثماني كان مستمراًدون هوادة حيث أظهر جنود الانكشارية شجاعة فائقة، وبسالة نادرة، فكانوا يقدمون علىالموت دون خوف في أعقاب كل قصف مدفعي، وفي يوم 18 أبريل تمكنت المدافع العثمانية منفتح ثغرة في الأسوار البيزنطية عند (وادي ليكوس) في الجزء الغربي من الأسوار،فاندفع إليها الجنود العثمانيون بكل بسالة محاولين اقتحام المدينة من الثغرة، كماحالوا اقتحام الأسوار الأخرى بالسلالم التي ألقوها عليها، ولكن المدافعين عنالمدينة بقيادة (جستنيان) استماتوا في الدفاع عن الثغرة والأسوار، واشتد القتال بينالطرفين، وكانت الثغرة ضيقة وكثرت السهام والنبال والمقذوفات على الجنود المسلمين ،ومع ضيق المكان وشدة مقاومة الأعداء وحلول الظلام أصدر الفاتح أوامره للمهاجمينبالانسحاب بعد أن أثاروا الرعب في قلوب أعدائهم متحينين فرصة أخرىللهجوم
.

وفي اليوم نفسه حاولت بعض السفن العثمانية اقتحام القرن الذهبيبتحطيم السلسلة الحاجزة عنه، ولكن السفن البيزنطية والأوروبية المشتركة، إضافة إلىالفرق الدفاعية المتمركزة خلف السلسلة الضخمة من المدافعين عن مدخل الخليج،استطاعوا جميعاً من صد السفن الإسلامية وتدمير بعضها، فاضطرت بقية السفن إلى العودةبعد أن فشلت في تحقيق مهمتها
.

رابعاً: عزل قائد الأسطول العثماني وشجاعةمحمد الفاتح
:

بعد هذه المعركة بيومين وقعت معركة أخرى بين البحرية العثمانيةوبعض السفن الأوروبية التي حاولت الوصول إلى الخليج، حيث بذلت السفن الإسلاميةجهوداً كبيرة لمنعها، أشرف الفاتح بنفسه على المعركة من على الساحل وكان قد أرسلإلى قائد الأسطول وقال له: (إما أن تستولي على هذه السفن وإما أن تغرقها، إذا لمتوفق في ذلك فلا ترجع إلينا حياً) لكن السفن الأوروبية نجحت في الوصول إلى هدفهاولم تتمكن السفن العثمانية من منعها، رغم الجهود العظيمة المبذولة لذلك، وبالتاليغضب السلطان محمد الفاتح غضباً شديداً فعزل قائد الأسطول بعد ما رجع إلى مقر قيادتهواستدعاه وعنف محمد الفاتح قائد الأسطول ( بالطه أوغلي ) وعنفه واتهمه بالجبن،وتأثر( بالطة أو غلي ) لهذا قال: (إني استقبل الموت بجنان ثابت، ولكن يؤلمني أنأموت وأنا متهم بمثل هذه التهمة. لقد قاتلت أنا ورجالي بكل ما كان في وسعنا من حيلةوقوة، ورفع طرف عمامته عن عينه المصابة). أدرك محمد الفاتح عند ذلك أن الرجل قدأعذر، فتركه ينصرف واكتفى بعزله من منصبه، وجعل مكانه حمزة باشا
.

خامساً: عبقرية حربية فذة:


لاحت للسلطان فكرة بارعة وهي نقل السفن من مرساها في (بشكطاش) إلى القرن الذهبي، وذلك بجرها على الطرق البري الواقع بين الميناءينمبتعداً عن ( حي غلطة ) خوفاً على سفنه من الجنوبيين ، وقد كانت المسافة بينالميناء نحو ثلاثة أميال ، ولم تكن أرضاً مبسوطة سهلة ولكنها كانت وهاداً وتلالاًغير ممهدة.

جمع محمد الفاتح أركان حربه وعرض عليهم فكرته، وحدد لهم مكانمعركته القادمة، فتلقى منهم كل تشجيع، وأعربوا عن إعجابهم بها
.

بدأ تنفيذالخطة، وأمر السلطان محمد الثاني فمهدت الأرض وسويت في ساعات قليلة وأتى بألواح منالخشب دهنت بالزيت والشحم، ثم وضعت على الطريق الممهد بطريقة يسهل بها انزلاج السفنوجرها، وكان أصعب جزء من المشروع هو نقل السفن على انحدار التلال المرتفعة ، إلاأنه بصفة عامة كانت السفن العثمانية صغيرة الحجم خفيفة الوزن
.

وجرت السفن منالبسفور إلى البر حيث سحبت على تلك الأخشاب المدهونة بالزيت مسافة ثلاثة أميال ،حتى وصلت إلى نقطة آمنة فأنزلت في القرن الذهبي ، وتمكن العثمانيون في تلك الليلةمن سحب أكثر من سبعين سفينة وإنزالها في القرن الذهبي على حين غفلة من العدو ،بطريقة لم يسبق إليها السلطان الفاتح قبل ذلك ، وقد كان يشرف بنفسه على العمليةالتي جرت في الليل بعيداً عن أنظار العدو ومراقبته
.

وقد تم كل ذلك في ليلةواحدة ، واستيقظ أهل المدينة البائسة صباح يوم 22 أبريل على تكبيرات العثمانيينالمدوية ، وهتافاتهم المتصاعدة ، وأناشيدهم الإيمانية العالية ، في القرن الذهبي ،وفوجئوا بالسفن العثمانية وهي تسيطر على ذلك المعبر المائي ، ولم يعد هناك حاجزمائي بين المدافعين عن القسطنطينية وبين الجنود العثمانيين ، ولقد عبر أحد المؤرخينالبيزنطيين عن عجبهم من هذا العمل فقال : (ما رأينا ولا سمعنا من قبل بمثل هذاالشيء الخارق ، محمد الفاتح يحول الأرض إلى بحار وتعبر سفنه فوق قمم الجبال بدلاًمن الأمواج ، لقد فاق محمد الثاني بهذا العمل الإسكندر الأكبر).ظهر اليأس في أهلالقسطنطينية وكثرت الإشاعات والتنبؤات بينهم، وانتشرت شائعة تقول: ستسقطالقسطنطينية عندما ترى سفن تمخر اليابسة
.

وكان لوجود السفن الإسلامية فيالقرن الذهبي دور كبير في إضعاف الروح المعنوية لدى المدافعين عن المدينة الذيناضطروا لسحب قوات كبيرة من المدافعين عن الأسوار الأخرى لكي يتولوا الدفاع عنالأسوار الواقعة على القرن الذهبي إذ أنها كانت أضعف الأسوار، ولكنها في السابقتحميها المياه، مما أوقع الخلل في الدفاع عن الأسوار الأخرى
.

وقد حاولالإمبراطور البيزنطي تنظيم أكثر من عملية لتدمير الأسطول العثماني في القرن الذهبيإلا أن محاولته المستميتة كان العثمانيون لها بالمرصاد حيث أفشلوا كل الخططوالمحاولات
.

واستمر العثمانيون في دك نقاط دفاع المدينة وأسوارها بالمدافع ،وحاولوا تسلق أسوارها ، وفي الوقت نفسه انشغل المدافعون عن المدينة في بناء وترميمما يتهدم من أسوار مدينتهم ورد ا لمحاولات المكثفة لتسلق الأسوار مع استمرار الحصارعليهم مما زاد في مشقتهم وتبعهم وإرهاقهم وشغل ليلهم مع نهارهم وأصابهماليأس
.

كما وضع العثمانيون مدافع خاصة على الهضاب المجاورة للبسفور والقرنالذهبي، مهمتها تدمير السفن البيزنطية والمتعاونة معها في القرن الذهبي والبسفوروالمياه المجاورة مما عرقل حركة سفن الأعداء وأصابها بالشلل تماماً
.

سادساً: الحرب النفسية العثمانية:


وشرع السلطان محمد الفاتح في نصب المدافع القويةعلى الهضاب الواقعة خلف (غلطة)، وبدأت هذه المدافع في دفع قذائفها الكثيفة نحوالميناء وأصابت إحدى القذائف سفينة تجارية فأغرقتها في الحال ، فخافت السفن الأخرىواضطرت للفرار ، واتخذت من أسوار (غلطة) ملجأ لها ، وظل الهجوم العثماني البري فيموجات خاطفة وسريعة هجمة تلوى الأخرى، وكان السلطانمحمد الفاتح يوالي الهجماتوإطلاق القذائف في البر والبحر دون انقطاع ليلاً ونهاراً من أجل إنهاك قوىالمحاصرين ، وعدم تمكينهم من أن ينالوا أي قسط من راحة وهدوء بال ، وهكذا أصبحتعزائمهم ضعيفة ونفوسهم مرهقة كليلة ، وأعصابهم متوترة مجهدة تثور لأيسبب.

واضطر الإمبراطور ( قسطنطين )إلى عقد مؤتمر ثاني، اقترح فيه أحد القادةمباغتة العثمانيين بهجوم شديد عنيف لفتح ثغرة توصلهم بالعالم الخارجي وبينما هو فيمجلسهم يتدارسون هذا الاقتراح، قطع عليهم أحد الجنود اجتماعهم وأعلمهم بأنالعثمانيين شنوا هجوماً شديداً مكثفاً على وادي( ليكونس )، فترك قسطنطين الاجتماعووثب على فرسه، واستدعى الجند الاحتياطي ودفع بهم إلى مكان القتال ، واستمر القتالإلى آخر الليل حتى انسحب العثمانيون
.

لجأ العثمانيون إلى طريقة عجيبة فيمحاولة دخول المدينة حيث عملوا على حفر أنفاق تحت الأرض من مناطق مختلفة إلى داخلالمدينة وسمع سكانها ضربات شديدة تحت الأرض أخذت تقترب من داخل المدينة بالتدريج،فأسرع الإمبراطور بنفسه ومعه قواده ومستشاروه إلى ناحية الصوت وأدركوا أنالعثمانيين يقومون بحفر أنفاق تحت الأرض، للوصول إلى داخل المدينة، فقرر المدافعونالإعداد لمواجهتها بحفر أنفاق مماثلة مقابل أنفاق المهاجمين دون أن يعلموا، حتى إذاوصل العثمانيون إلى الأنفاق التي أعدت لهم ظنوا أنهم وصلوا إلى سراديب خاصة وسريةتؤدي إلى داخل المدينة ففرحوا بهذا، ولكن الفرحة لم تطل إذا فاجأهم الروم، فصبواعليهم ألسنة النيران والنفط المحترق والمواد الملتهبة، فاختنق كثير منهم واحترق قسمآخر وعاد الناجون منهم أدراجهم من حيت أتوا
.

لكن هذا الفشل لم يفت في عضدالعثمانيين، فعاودوا حفر أنفاق أخرى، وفي مواضع مختلفة، من المنطقة الممتدة بين (أكرى فبو) وشاطئ القرن الذهبي وكانت مكاناً ملائماً للقيام بمثل هذا العمل، وظلواعلى ذلك حتى أواخر أيام الحصار، وقد أصاب أهل القسطنطينية من جراء ذلك خوف عظيموفزع لا يوصف حتى صاروا يتوهمون أن أصوات أقدامهم وهو يمشون إن هي أصوات خفية لحفريقوم به العثمانيون ويملئون المدينة ، فكانوا يتلفتون يمنة ويسرة ، ويشيرون هناوهناك في فزع ويقولون : (هذا تركي ، … هذا تركي) ويجرون هرباً من أشباح يحسبونهاأنها تطاردهم
.

سابعاً: مفاجأة عسكرية عثمانية:


لجأ العثمانيون إلىأسلوب جديد في محاولة الاقتحام وذلك بأن صنعوا قلعة خشبية ضخمة شامخة متحركة تتكونمن ثلاثة أدوار، وبارتفاع أعلى من الأسوار، وقد كسيت بالدروع والجلود المبللةبالماء لتمنع عنها النيران، وأعدت تلك القلعة بالرجال في كل دور من أدوارها، وكانالذين في الدور العلوي من الرماة يقذفون بالنبال كل من يطل برأسه من فوق الأسوار،وقد وقع الرعب في قلوب المدافعين عن المدينة حينما زحف العثمانيون بهذه القلعةواقتربوا بها من الأسوار عن باب( رومانوس)، فاتجه الإمبراطور بنفسه ومعه قوادهليتابع صد تلك القلعة ودفعها عن الأسوار، وقد تمكن العثمانيون من لصقها بالأسوارودار بين من فيها وبين النصارى عند الأسوار قتل شديد، واستطاع بعض المسلمين ممن فيالقلعة تسلق الأسوار ونجحوا في ذلك، وقد ظن قسطنطين أن الهزيمة حلت به، إلا أنالمدافعين كثفوا من قذف القلعة بالنيران حتى أثرت فيها وتمكنت منها النيرانفاحترقت، ووقعت على الأبراج البيزنطية المجاورة لها فقتلت من فيها من المدافعين،وامتلأ الخندق المجاور لها بالحجارة والتراب.

ثامناً: المفاوضات الأخيرة بينمحمد الفاتح وقسطنطين
:

أيقن محمد الفاتح أن المدينة على وشك السقوط، ومع ذلكحاول أن يكون دخولها بسلام، فكتب إلى الإمبراطور رسالة دعاه فيه إلى تسليم المدينةدون إراقة دماء ، وعرض عليه تأمين خروجه وعائلته وأعوانه وكل من يرغب من سكانالمدينة إلى حيث يشاؤون بأمان ، وأن تحقن دماء الناس في المدينة ولا يتعرضوا لأيأذى ويكونوا بالخيار في البقاء في المدينة أو الرحيل عنها ، ولما وصلت الرسالة إلىالإمبراطور جمع المستشارين وعرض عليهم الأمر ، فمال بعضهم إلى التسليم وأصر آخرونعلى استمرار الدفاع عن المدينة حتى الموت ، فمال الإمبراطور إلى رأي القائلينبالقتال حتى آخر لحظة ، فرد الإمبراطور رسول الفاتح برسالة قال فيها : (إنه يشكرالله إذ جنح السلطان إلى السلم وأنه يرضى أن يدفع له الجزية أما القسطنطينية فإنهأقسم أن يدافع عنها إلى آخر نفس في حياته فإما أن يحفظ عرشه أو يدفن تحت أسوارها) ،فلما وصلت الرسالة إلى الفاتح قال : (حسناً عن قريب سيكون لي في القسطنطينية عرش أويكون لي فيها قبر
).

وعمد السلطان بعد اليأس من تسليم المدينة صلحاً إلىتكثيف الهجوم وخصوصاً القصف المدفعي على المدينة، حتى أن المدافع السلطاني الضخمانفجر من كثرة الاستخدام، وقتل المشتغلين له وعلى رأسهم المهندس المجري( أوربان )الذي تولى الإشراف على تصميم المدفع، ومع ذلك فقد وجه السلطان بإجراء عملياتالتبريد للمدافع بزيت الزيتون، وقد نجح الفنيون في ذلك، وواصلت المدافع قصفهاللمدينة مرة أخرى، بل تمكنت من توجيه القذائف بحيث تسقط وسط المدينة بالإضافة إلىضربها للأسوار والقلاع
...


تحيــــاتي أنــا ...

°·.¸.•°°·.¸.•° دمــ ع العيــون °·.¸.•°°·.¸.•°

 

عفاف

كاتب جيد
رد: •ღ• فتح القسطنطينية.. خطوة بخطوة .. حتى الفتح •ღ•

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
 

mohanad

كاتب جيد جدا
رد: •ღ• فتح القسطنطينية.. خطوة بخطوة .. حتى الفتح •ღ•

[align=center]
جزاكي الله خيرا
على المعلومات القيمه
دمتي بتميز
[/align]
 

عاشقة فلسطين

صديقة نعتز بوجودعا
رد: •ღ• فتح القسطنطينية.. خطوة بخطوة .. حتى الفتح •ღ•

مرسي حبيبتي
على الشرح الوافي
والمعلومات الرائعة
يسلمو بيبي
والله يعطيكي العافيه
تحياتي الورديه ...
 

دمع العيون

(حكاية وطـن )
رد: •ღ• فتح القسطنطينية.. خطوة بخطوة .. حتى الفتح •ღ•

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


مرسي عفاف على تواجدك الوردي
منوره بيبي ... :SnipeR (69):
 

دمع العيون

(حكاية وطـن )
رد: •ღ• فتح القسطنطينية.. خطوة بخطوة .. حتى الفتح •ღ•

[align=center]
جزاكي الله خيرا
على المعلومات القيمه
دمتي بتميز
[/align]

مرسي أخي مهند على مرورك العذب
نورت الصفحه بطلتك الحلوه ...
:SnipeR (69)::SnipeR (69):
 

دمع العيون

(حكاية وطـن )
رد: •ღ• فتح القسطنطينية.. خطوة بخطوة .. حتى الفتح •ღ•

مرسي حبيبتي
على الشرح الوافي
والمعلومات الرائعة
يسلمو بيبي
والله يعطيكي العافيه
تحياتي الورديه ...

الله يسلمك عنوني
والله يعافي قلبك من كل شر
نورتي عشوقتي ...:SnipeR (69):
 

دمع العيون

(حكاية وطـن )
رد: •ღ• فتح القسطنطينية.. خطوة بخطوة .. حتى الفتح •ღ•

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .


مرسي خيوط الشمس على المرور الرائـــع
منوره ... :SnipeR (69):
 

دمع العيون

(حكاية وطـن )
رد: •ღ• فتح القسطنطينية.. خطوة بخطوة .. حتى الفتح •ღ•

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
مارد فلسطين
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
 

دمع العيون

(حكاية وطـن )
رد: •ღ• فتح القسطنطينية.. خطوة بخطوة .. حتى الفتح •ღ•

مرسي على المعلومات الرائعة
واللع رائعة بإطروحاتك
تحيتي إلك
الأروع مروركــ خيي
الشيخ بن نايف
تواجدك أسعدني
منور ... :SnipeR (69):
 

زهرة الربيع

زهرة لا تذبـل
رد: •ღ• فتح القسطنطينية.. خطوة بخطوة .. حتى الفتح •ღ•

معلـــومات قيّمــه
مرسي دموووعه
على المعلومات القيّمه
والله يعطيكي العافيه ..
دوماً مبدعـــه ..
تحيتي ...
 

دمع العيون

(حكاية وطـن )
رد: •ღ• فتح القسطنطينية.. خطوة بخطوة .. حتى الفتح •ღ•

معلـــومات قيّمــه
مرسي دموووعه
على المعلومات القيّمه
والله يعطيكي العافيه ..
دوماً مبدعـــه ..
تحيتي ...

مرسي لتواجــدكــ غاليتي
زهرة الرييـــع الشذيّهـ
لك ِ كل الود :wub:
 

رحيق الزهور

الإدارة
رد: •ღ• فتح القسطنطينية.. خطوة بخطوة .. حتى الفتح •ღ•

get-4-2008-puntf9jy.gif
 

املي بربي كبير

كاتب جيد جدا
رد: •ღ• فتح القسطنطينية.. خطوة بخطوة .. حتى الفتح •ღ•

محمد الفاتح

قال عنه الرسول نعم الفاتح فاتح القسطنطينيه ونعم الجيش ذلك الجيش

صدقت ياحبيبي يارسول الله
موضوع راااائع

يعطيك العافية

تحيااااتي
 

مواضيع مماثلة

أعلى