مَنْدوبِ خَبِّر دُولِتَكْ .. لُنْدُنْ مَرابِطْ خِيلِنا..

عبدالحي عداربه

كاتب جيد جدا
لنْدُنْ مَرابِطْ خِيلِنا..!

من الأهازيج الّتي اشتَهرت في أثناء إضراب فِلَسطين

وثورتها الكُبرى على الاستعمار البريطانيّ (ما يُسمّى كذِبًا بالانتداب)

عام ألف وتسعِماِئة وستّة وثلاثين، أُهْزُوجة طريفة للثّوّار، تقول:

“مَنْدوبِ خَبِّر دُولِتَكْ / لُنْدُنْ مَرابِطْ خِيلِنا”

والحديث موجّه، طبعًا، إلى المندوب السّامي البريطانيّ على فِلَسطين،

حينها، سِير هِرْبِرْت صَمُوئِيل (1870 – 1963)، السّياسيّ والدّبلوماسيّ البريطانيّ اليهوديّ،

عضو البرلمان البريطانيّ عن الحزب اللِّيبِراليّ، وزير الدّاخليّة في الحكومة البريطانيّة، وأوّل مندوب سام بريطانيّ على فِلَسطين.

***

الناطق الرسمي للدولة الإسلامية يقول: لا نقبل بأقل من باريس وروما ولندن

***

ملك الصين يصاب بالصمم

يبقى المسؤول قويًّا حتّى يطلبَ لنفسه

بينما المنصور {هو عبد الله، أبو جعفر المنصور، المُتوَفّى سنة 158 هجريّة / 775 ميلاديّة، باني بغداد، الّتي سمّاها مدينة السّلام، فشتّان بين بغداد اليوم وبغداد الأمس! وجعلها عاصمته. نظّم إدارة الدّولة والماليّة والبريد. تُوُفّي مُحْرِمًا في الحجّ} يطوف ليلاً، إذ سمع قائلاً يقول: اللّهمّ! إنّي أشكو إليك ظهور الفساد والظّلم في الأرض، وانتشار الطّمع بين النّاس. فأرسل المنصور إلى الرّجل يدعوه، فصلّى الرّجل رَكعتيْن وأقبَل مع الرّسول {مسلِّمًا على الخليفة المنصور}.

فقال المنصور: لقد سمعتك تتحدّث عن ظهور الفساد في الأرض وانتشار الطّمع بين النّاس، وقد آلَمني ذلك.

قال الرّجل: يا أمير المؤمنين! إنْ أمَّنتني على نفسي (إن أعطيتني الأمان) أنبأتك بالأمور من أساسها، وإلاّ كتمتُ عنك كلّ شيء.

فقال المنصور: أنت آمن في نفسك، فقُلْ. فقال: إنّ الّذي استولى الطّمع عليه هو أنت.

قال المنصور: وكيف يدخُلُني الطّمع وعندي ما أريد من مال؟

قال الرّجل: إنّ الله وَكَلَ إليك أمور {النّاس} فأغفلتَهم واهتتمتَ بجمع أموالك، وجعلت بينك وبينهم حجابًا من الحجر وأبوابًا من الحديد وحرّاسًا معهم السّلاح، وبذلك حبَستَ نفسك عنهم، ثمّ أرسلتَ رجالك فجمعوا لك المال من الرّعيّة، ولم تسمح بالدّخول عليك إلاّ لفئة من النّاس، ثمّ أخذتَ تُنفِقُ ما جمعتَ {من} دون أن تساعد أحدًا من الفقراء والمحتاجين.

ولمّا رأى رجالك الّذين حولَك أنّك قد حبَستَ نفسك في قصرك، أطلقوا أيديَهم في العمل، ومنعوا عنك أخبار رعيّتك، وأبعدوا وسجنوا من يُحاول مقاومتهم، فخافهم النّاس وتقرّبوا إليهم بالهدايا، فساءت الأمور وعمّ الظّلم.

وقد كنتُ يا أمير المؤمنين! أسافر إلى الصّين، فقدِمتُها مرّةً وقد أصيب ملكها بسمْعه فبكى، يومًا، بكاءً شديدًا، فحثّه جلساؤه على الصّيد، فقال: لستُ أبكي للمصيبة الّتي أصابتني في سمْعي، ولكنّني أبكي المظلومَ يقفُ بالباب صارخًا، فلا أسمعُ صوتَه، ثمّ قال: لئن ذهبَ سمْعي فإنّ بصَري لا يزال سليمًا، نادوا في النّاس ألاّ يلبَس ثوبًا أحمرَ إلاّ متظلّم، ثمّ كان يركب الفيل ويبحث عن المظلوم.

فهذا يا أمير المؤمنين! مشرك بالله، ولكنّ رأفته غلبت طمعه، وأنت مؤمن بالله ومن أهل بيت نبيّه، فإن كنتَ تجمع المال لولدك، فالله هو الّذي يرزق من يشاء، وإن كنتَ تجمع المال لتقوية دولتك، فقد رأيتَ ما نزل ببني أميّة {من} دون أن تنفعهم أموالهم شيئًا.

وماذا ستصنع عندما تقف بين يديّ الله ليحاسبك على ما فعلت؟

فبكى المنصور وقال: يا ليتني لم أخلَق يا هذا! قُل لي كيف أُنقِذُ نفسي؟ قال: يا أمير المؤمنين! في رعيّتك رجال أخلصوا لدينهم، فاجعلهم بِطانتك وشاورهم في ما تصنع.

قال المنصور: بعثتُ إليهم فهربوا منّي.

قال الرّجل: خافوا أن تُرغِمَهم على العمل بما تريده لا بما يريدونه، ولكنِ افتح بابك وانصُرِ المظلوم وعاقبِ {الظّالم}… ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!

لَشَدّما يبعث فيّ السّرور ويُضيء فيّ الأمل، تلقّي تعليقاتكم على، وتساؤلاتكم عمّا تطرحه هذه الزّاوية، عبر العُنوانيْن المُسجّليْن أدناه. وإلى لقاء آخر، إن شاء الله! وحديثنا، أبدًا، عن لغتنا ونَحْن!
 
التعديل الأخير:
أعلى