قصص شعبية....

محاكم

لآ يُـمـيزنيِّ لَـقَـبْ
طبعاً بعترف انو فكرة الموضوع مسروقة ......

(كأنو هالبشر ما عادت بشر)

وقف أبو هيثم ..حسن عبد العظيم الخضيري أمام المكتب الوحيد الذي يجاور المحكمة ليكتب عريضة طلبها الكاتب بالعدل ليرفق بها طلبه المائة بعد الألف والذي بدا له أنّه سيدخل موسوعة غينيس بعدد مرات التكرار ...
وعندما اعترض أبو هيثم ضرب الكاتب بالعدل كفاَ بكف وقال :
_يا أبو هيثم .. يا حبيب قلبي .. هادا شغلي مو شغلك ..كلّ مرّة بدنا نتناقر على نفس الموضوع
-بس يا سيدي والله العظيم كتبت الطلب مليون مرّة من عشر سنين لهلق ...
يعني إلاّ ما يكون عندك نسخة منه...
_ روح حبيبي روح اكتب الطلب وارجع لعندي ..طلباتك تواريخها قديمة ..
المكتب المجاور للمحكمة كان المكتب اليتيم في الشارع والآلة الكاتبة الموجودة فيه منقرضة تصدر أصواتاً غريبة في الذهاب والإياب .. ويبدو أنّ الكاتب توفيق الذي يعمل عليها منذ زمن طويل قد اعتاد على سماعها ويعرف عند أي حرف تتغير النغمة مع تغيّر الوجوه المتقاطرة حوله حيث كلّ يتلّهف الى انتهاء طلبه ..تمشي عيونهم معها للآخر .. ثم تعود الرؤوس للبدء من جديد
عند باب المكتب وقف أبو هيثم منتظراً دوره .وهو يراقب ماسح الأحذية يعالج بمعاناة حذاء قروي رفع شرواله بكلتا يديه ليتثنى للولد مسح الوحول العالقة في النعل ...كان كلّ شئ يوحي بالمقت بدءاً من الصباط الموحل الى رائحة الآباط التي تزكم الأنوف الى ثرثرة الواقفين عن شكواهم ... أبو هيثم شق طريقه وسط اعتراضات الحشد أحدهم أخذ يتمتم : إي .. إي ..حاج تدّفش متل البغل ...ولكنّه لم يأبه ..كان همّه الوحيد الوصول الى طاولة الآلة الكاتبة .. .. وخمسين ليره يدسّها في يدّ توفيق ليحلّ الأمر..
عند وصوله الى الطاولة رأى أبو هيثم الكاتب توفيق من فوق الحشود ....
كان محمّراً منكوش الشعر يكتب معروض لأمرأة متوسطة أحمر شفاهها فاقع وكحلها يسيح من طرفي عينيها ..وتوفيق يردد وهو يكتب :.......ثمّ ضرَبني وشدني من شعرها ..
اعترضت المرأة على الجملة ..
- بس يا توفيق أفندي .. ما ضربني ...هو تف بوجهي صحيح بس ما ضربني ..
قال توفيق بغضب :
ما بيصير اكتب تف بوجهي يا مدام ...المحكمة ما بتتعاطف مع التف ...لازم تكتبي ضربني ليصبح الطلب قيد الدراسة وتاخدي حقك ..
- يعني اتبلّى عالرجال ...
- ما زال بتحبيه كلّ هالقد ليش معطلتيني ومعطلة كلّ هالطرش ...
- بحبوووو ... لعنة الله عليك .. شو هاالكلام العيب هاد ..ما بتخجل على شيبتك يا قليل الحيا..
- الله يجيبك يا طولة البال ... يا ستي بتكرهيه بس خلّصيني ..
- بكرهووو .. الله لا يسامحك ...كيف اكره أبو ولادي ...
- يا عالم .. يا هو.. شو بعمل مع هالمرة الله يلعنك يا شيطان ..إي شو هالشغلة اللي بتسمّ البدن
لو اشتغلت زبّال كان أرحم ....
اختي روحي اعرفي شو بدّك وبعين ارجعي لأكتبلك المعروض ...
وانتو يا شباب .. والله ما بكتب ولا كلمة إذا ما وقفتو عالدور ..
وقف أبو هيثم ببراءة في أول الصف وكأنّه أتى من ساعة .. قال الرجل الواقف بعده :
- يا أخينا أنا قبلك اجيت من ساعة ..
نظر أبو هيثم ببلاهة وقال .. يعني كيف من ساعة وأنا زوج المرة اللي راحت من شوي وهي قبلك ...
قال توفيق :
والله يا أبو هيثم جننتوني انت وهالمرة يا أخي اكتبوا معروضكم بخط اليد وأنا بطبعو عالآلة الكاتبة ..
يعني ما صارت هالشقفة الأرض اللي عم تتدابحوا عليها ...كأنكم أعداء ... يا أخي شو صاير بالدنيا
الأخ صاير عم يدبح أخوه كرمال كام متر ...
- يعني يا توفيق بيرضيك سجلّها باسمها مشان الضرايب ضربني العمى ما تتنازل عنها بعدين..
حط نفسك مكاني ...
- والله حفظت القصة ...اعطيني هالمعروض لأكتبه ..
جلس توفيق يكتب وبين الفينة والفينة تصدر عنه كلمة من المعروض .. مقدمه عـ... بد ... العا.... ظيــــــــــم ...
ووثق ...تُُ ... وسجّ ... لت ..... غدرت....ني ...
انتهى توفيق وقال :
- هذا المعروض يا أبو هيثم .. حط طابع بعشرين ليرة ووقع هون ..
مسك أبو هيثم المعروض وقال :
- لا وحياة بيّك يا توفيق بدّك ترجع تعيده ...
- شو ...لاوالله ما بعيده والسما زرقة ..
- شو يعني ... بدّك تعيده ورجلك فوق راسك ....المعروض فيه خطأ ..
- شو الخطأ حبيبي ...
- أنا عبد العظيم .. ما غبد العظيم .. كيف صارت معك العين ..غين .. والتفت الى رجل بجانبه ..
بالله العظيم شوف ... ..شوف هاد المعروض شوف.. بعدين أنا مواليدي 1960 وين راح الصفر يعني طلعت من مواليد ما قبل الميلاد ..نظر أبو هيثم الى الرجل فرآه أحوَل ولم يعرف أيّ من عينيه على الورقة .. فصمت برهة كأنّه مصدوم ثمّ التفت الى توفيق :
- شوف يا توفيق لاتخرّب صحبتنا كرمال حرف ونقطة الله يرضى عليك ...
-والله ما بعيده لو يتشفّعلك موسى ... يعني ما شايف كلّ هالزحمة ..
-يا أخي هاد غلطك وأنت مسؤول عنه ..
ارتفع صوت توفيق .. وارتفع عويل أبوهيثم ...
وقال الحشد ما في غير المحكمة ...
أغلق توفيق المكتب .. وذهب الرجلان يبحثان عن كاتب آلة كاتبة في منطقة أخرى ليكتب لهما معروض
كان ماسح الأحذية قد انتهى من تلميع حذاء القروي فأعطاه عشرين ليرة ..
نظر الصبي الى المبلغ ورماه في وجه القروي ..
- وين الكاتب وينو ؟؟!!!!...
من ساعة صباطك وشروالك بأنفي كرمال عشرين ليرة .... لاقيلي عالمحكمة لاقيلي ...
القروي :
- العمى ولوووووو ... ما عاد حدا اتحمّل حدااااااا ... كأنّو هالبشر ما عادت بشر

محاكم.....
 

محاكم

لآ يُـمـيزنيِّ لَـقَـبْ
رد: قصص شعبية....

متفرج بصمت ان القصص الشعبية ذات المضمون دائماً تكون في المقدمة
لبساطتها يحلو الكلام ....

شكرا صديقي على مرورك...
 

مواضيع مماثلة

أعلى