تستعد أمةُ الإسلام لاستقبال نعمة عُظمى شهر رمضان المبارك

لورنس

كاتب جيد جدا
تستعد أمةُ الإسلام لاستقبال نعمة عُظمى من نِعَم رب العالمين سبحانه وتعالى.. نعمة لم يُختص بها فردٌ أو جماعة أو دولة.. بل هي تتنزَّل سنويًّا على سائر الأمة، أيامٌ معدودات ويُهلُّ هلال شهر رمضان المبارك، أسأل الله تعالى أن يُبلِّغنا جميعًا إياه، وأن يرزقَنا فيه الصلاة والصيام والقيام، وصالح الأعمال، فالسعيد حقًّا من أحسن استقبالها.. تلك هي نعمة شهر رمضان. كيف وصف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تلك النعمة الغالية؟.. لقد روى الإمام أحمد والنسائي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا حَضَرَ رَمَضَانُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ فِيهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ» (صححه الألباني) . فالمحروم حقا من حرم الخير في رمضان. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال «آمين آمين آمين» قيل يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين فقال «إن جبريل عليه السلام أتاني فقال من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين» (رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحه والطبراني رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد وصححه الألباني). ورواية الترمذي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَىَّ وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلاَهُ الْجَنَّةَ» قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَأَظُنُّهُ قَالَ أَوْ أَحَدُهُمَا. قَالَ وَفِى الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ وَأَنَسٍ وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. فاحذر دعاء من جبريل أمَّن عليه النبي صلي الله عليه وسلم... مثلُ الشهور الاثني عشر، كمثلِ أولاد يعقوب، وكما أن يوسف أحَبُّ أولاد يعقوب إليه، كذلك رمضان أحب الشهور إلى الله، وكما غفر لهم بدعوة واحدة منهم وهو يوسف... كذلك يغفر ذنوب أحد عشر شهراً ببركة رمضان. الإمام ابن الجوزي. قال يحيى بن أبي كثير ممن لقيَ بعض الصحابة وأخذ عنهم الحديث: كان من دعائهم: اللهم سَلِّمني إلى رمضان، وسلِّم لي رمضان، وتَسَلمهُ منِّي متقبلًا. الاستعداد لرمضان: المعروف في دنيانا أن التاجر المجتهد هو من يضع في ذهنه مواسم أرباح تجارته على مدار السنة، فيضع لكل موسم ما يناسبه من خطة واستعداد، فكيف برمضان، وفي الحديث: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِى، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ...» (البخاري ومسلم). فالمتتبع لأحوال الناجحين والفائزين في مسارات الحياة الدنيا المختلفة يجدهم يجتهدون في الإعداد والاستعداد؛ فالطالب المتفوق تجده يُعد للسنة الدراسية قبل بدايتها والفلاح يعد أرضه قبل زراعتها والعدَّاء الماهر يعد للسباق قبل حينه والأمثلة في واقعنا على هذا كثيرة متنوعة. والأرض تحتاج إلي تجهيز قبل زراعتها من حرث وتقليب وتحميص للتربة ورش للمبيدات وري وغيرها، وإلا ما أنبتت ولا أثمرت، وعلي قدر الإعداد والتجهيز تكون الثمرة. والرياضي لو لم يعمل عملية إحماء وتسخين لعضلاته لأصابته انتكاسة وشد في عضلاته ومن ثم خسارة وإحباط وكذلك القلب يحتاج إلي تدريب وتسخين واستعداد قبل رمضان ومعرفة لقيمة ما نحن مقبلون عليه وما فداحة وعظم الخسران والبوار لمن أدرك هذا الشهر ولم يصبه من خيره. والمشاهد أن ليس كل من يُعد ينجح في الإعداد ولا كل من أّعَدَّ واستعد يصل للقمة فحتى الإعداد يختلف من شخصٍ لآخر، وكل بحسب ما بذله من جهد وتعب تجد حصيلته تشير عليه، فما بالك بمن لم يستعد بل لم يفكر بذلك بتاتاً فأنَّى له الفوز؟! لا بد أن تكون لنا وقفة؛ ولا بد من الاستعداد لدخول شهر العتق من النيران، شهر رمضان شهر القرآن، فانظر وتأمل في طالبي الفوز بالمسابقات الدنيوية وما يبذلونـه... فما بالك بطلاب الآخرة، ولا يُقارن الثَرى بالثُريا... ألستَ أولى منهم؟! أهل الشهوات يعدون لرمضان من المفسدات شهورا طوالا من تجهيز للمسلسلات والبرامج والفوازير ليفسدوا علي المسلمين صيامهم ورمضانهم {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء: 27] «افعلوا الخير دهركم، و تعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده و سلوا الله أن يستر عوراتكم و أن يؤمن روعاتكم» (رواه الطبراني وحسنه الألباني). إنه موسم التجارة مع الله: كان السلف رحمهم الله بعد رمضان يدعون الله أن يتقبله منهم لستة أشهر ثم في الستة أشهر الباقية يدعونه أن يُبلغهم رمضان القادم فانظر لمدى استشعارهم لمكانة رمضان وأيامه الغالية. قال الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133] وقال تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26


 
أعلى