اكتشف الباحثون قدرة عجيبة للمادة على إخفاء الأجسام

ستطيع كاميرات الأشعة تحت الحمراء تصوير الأشخاص والأجسام الأخرى بسبب الحرارة المنبعثة منها.

الآن، اكتشف الباحثون قدرة عجيبة للمادة على إخفاء الأجسام، عن طريق إخفاء خصائصها الحرارية. يقول الباحثون إن التأثير يعمل على نطاق حراري وقد يشمل مستقبلًا درجات حرارة الأشخاص والمركبات، ما يجعلها جزءًا من تقنيات التخفي في المستقبل. ما يميز المادة هي طبيعة خصائصها الكمومية التي لا يمكن تفسيرها بالفيزياء الكلاسيكية.

تشكّل الدراسة التي نُشرت اليوم في الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية، خطوة نحو الإمكانيات اللامحدودة للمواد الكمومية. أجرى هذا العمل علماء ومهندسون من جامعة ويسكونسن ماديسون وجامعة هارفارد وجامعة بوردو ومعهد MIT ومختبر بروكهافن الوطني.

إن خداع كاميرات الأشعة تحت الحمراء ليس بالشيء الجديد. ففي الأعوام القليلة الماضية، طور الباحثون مواد أخرى مصنوعة من الجرافين والسيليكون الأسود، تتلاعب بالإشعاع الكهرومغناطيسي وتخفي الأشياء عن مرأى الكاميرات.

لكن كيف تخدع المادة الكمومية كاميرات الأشعة تحت الحمراء ؟
تفصل المادة الكمومية درجة حرارة الجسم عن إشعاعه الضوئي الحراري، وهو أمر غير بديهي عمّا هو معروف عن سلوك المواد وفقًا لقوانين الفيزياء الأساسية. يسمح هذا الفصل بإخفاء معلومات حول درجة حرارة جسم ما عن كاميرات الأشعة تحت الحمراء.


لا ينتهك هذا الاكتشاف أيًا من قوانين الفيزياء، لكنه يشير إلى أن هذه القوانين قد تكون أكثر مرونة مما كان يعتقد سابقًا.

تميل الظواهر الكمومية إلى مفاجأتنا دائمًا. كانت العديد من خواص مادة أكسيد نيكل الساماريوم، لغزًا منذ اكتشافها قبل بضعة عقود.

حقق أستاذ هندسة المواد من جامعة بوردو، شريرام راماناثان، في أكسيد نيكل الساماريوم على مدى العشر سنوات الماضية.

في وقت سابق من هذا العام، اكتشف مختبر راماناثان أن المادة لديها أيضًا قدرة غير متوقعة على عزل التيار الكهربائي بشكل جيد في البيئات منخفضة الأكسجين، بدلًا من موصل غير مستقر عند إزالة الأكسجين من بنيته الجزيئية.
بالإضافة إلى ذلك، يُعد أكسيد نيكل الساماريوم من المواد القليلة التي يمكن أن تتحول من حالة العزل إلى حالة التوصيل عند درجة الحرارة العالية.

شكك ميخائيل كاتس -باحث من جامعة ويسكونسن ماديسون- في قدرة المواد التي تمتلك هذه الخصائص على فصل درجة الحرارة عن الإشعاع الحراري.

قال كاتس، أستاذ مشارك في الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات: »هناك وعد بهندسة الإشعاع الحراري للتحكم في نقل الحرارة، وجعل رصد الأجسام والتحقق منها أسهل أو أصعب بالتصوير بالأشعة تحت الحمراء«.

صنع مختبر راماناثان أغشية من أكسيد نيكل الساماريوم على ركائز من الياقوت الأزرق لمقارنتها بالمواد المرجعية.

قاست مجموعة كاتس الإشعاع الطيفي والتقطت صور الأشعة تحت الحمراء لكل مادة أثناء تسخينها وتبريدها
على عكس المواد الأخرى، بالكاد ظهر أكسيد نيكل الساماريوم أكثر سخونة عندما سُخّن وحافظ على هذا التأثير بين 105 و 135 درجة مئوية.

عادة عندما تسخن أو تبرد أي مادة، فإن مقاومتها الكهربائية تتغير ببطء. قال راماناثان: «بالنسبة لأكسيد نيكل الساماريوم، تتغير المقاومة بطريقة غير تقليدية من حالة عازلة إلى حالة توصيل، والتي تجعل خصائص الإشعاع الضوئي الحراري نفسها تقريبًا في نطاق حراري معين».

نظرًا إلى أن الإشعاع الضوئي الحراري لا يتغير عندما تتغير درجة الحرارة، فهذا يعني أن الاثنين لا ينفصلان حتى مدى 30 درجة.

وفقًا لكاتس، تمهد هذه الدراسة ليس فقط لإخفاء المعلومات عن كاميرات الأشعة تحت الحمراء، ولكن أيضًا لصنع أنواع جديدة من البصريات وحتى تحسين كاميرات الأشعة تحت الحمراء نفسها.

قال كاتس: «نتطلع لاستكشاف هذه المادة ودمجها في بعض مكونات كاميرات الأشعة تحت الحمراء مثل المرشحات القابلة للضبط والمحددات الضوئية التي تحمي المستشعرات، وكاشفات ضوئية جديدة حساسة»