الكذب أقرب الطرق ألى نار جهنم

[FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]إن الكذب هو رأس الخطايا وبدايتها، وهو من أقصر الطرق إلى النار،كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وإيّاكم والكذِبَ، فإنّ الكَذِبَ يَهْدِي إلَى الفُجُورِ، وإِنّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النّارِ وَمَا يزَالُ العبْدُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرّى الكَذِبَ حَتّى يُكْتَبَ عِنْدَ الله كَذّابا".[رواه البخاري ومسلم[/FONT][/FONT]].
[FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]والكذب إخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه. وهو مذموم عند كل العقلاء، ولو لم يكن من مضاره إلا أنه يجعل صاحبه في ريبة لا يكاد يصدق شيئًا لكفى، كما قال بعض الفلاسفة: من عرف من نفسه الكذب لم يصدِّق الصادق فيما يقول، ثم إن من عرف بالكذب فإنه لا يكاد يُصَدَّق في شيء أبدًا، وإن صدق، بل إن سمع الناس بكذبةٍ ربما خرجت من غيره فإنهم ينسبونها إليه[/FONT][/FONT]:
[FONT=arial (arabic)][FONT=arial (arabic)]حسب الكذوب من البلـ ـية بعضُ ما يُحكى عليه[/FONT][/FONT]
[FONT=arial (arabic)][FONT=arial (arabic)]فمتى سمعت بكـذبة مـ ـن غـيره نـسبت إليـه[/FONT][/FONT]
[FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]وفي الحديث[/FONT][/FONT]​

:
[FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]للكذب دواعٍ تدعو إليه وأمارات تدل عليه، ولا شك أن معرفة هذه الدواعي وتلك الأمارات مما يساعد في محاولة العلاج؛ لأن الخُطوة الأولى في علاج أي مرض تنحصر في معرفة أسبابه وتحديد أعراضه، للقضاء عليها والتخلص منه، وقد ذكر الماوردي من هذه الدواعي أو الأسباب[/FONT][/FONT]:
1- [FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]اجتلاب النفع واستدفاع الضر، فيرى الكذَّابُ أن الكَذِبَ أسلمُ وأغنمُ، فيُرخِّصُ لنفسه فيه اغتراراً بالخُدع واستشفافًا للطمع[/FONT][/FONT].
2- [FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]أن يُؤْثِرَ أن يكون حديثُهُ مُستعْذبًا، وكلامُهُ مُستظرفًا، فلا يجد صدقًا يعذُبُ ولا حديثًا يُستظرفُ، فيستحْلِيَ الكذب الذي ليست غرائُزُه مُعْوزَةً ولا طرائِفُهُ مُعجزَةً[/FONT][/FONT].
3- [FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]أن يقصد بالكذب التشفي من عدُوِّهِ، فيسمُهُ بقبائح يخترعُها عليه، ويصفُهُ بفضائح يَنْسبُها إليه[/FONT][/FONT].
4- [FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]أن تكون دواعي الكذب قد ترادفت عليه حتى ألفها، فصار الكذب له عادةً ونفسُهُ إليه مُنقادةً[/FONT][/FONT].
5- [FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]حُبَّ التَّرَأُسِ، وذلك أنَّ الكاذِبَ يرى له فضلاً على المُخبر بما أعلمَهُ، فهو يتشبَّهُ بالعالِمِ الفاضل في ذلك[/FONT][/FONT].
[FONT=arial (arabic)][FONT=arial (arabic)]أما أمارات الكذب فمنها[/FONT][/FONT]:
- [FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]أنك إذا لقنته الحديث تلقنه ولم يكن بين ما لقَّنُتَهُ (إياه) وبين ما أورده فرقٌ عِندَهُ، أي أنه يَخْلِطُ بين ما سمِعَهُ منك وما اخترَعَهُ من عِنْدِهِ[/FONT][/FONT].
- [FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]أنك إذا شكَّكْتَهُ في الحديث تشَكَّكَ حتى يكادُ يرجعُ فيه[/FONT][/FONT].
- [FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]أنك إذا رددت عليه قوله حَصِر وارْتَبَكَ، ولم يكن عندهُ نُصْرَةُ المُحتَجّين ولا بُرهان الصادقين[/FONT][/FONT].
- [FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]ما يظهر عليه من ريبة الكذَّابين، ولذلك قال بعض الحكماء: "الوجوه مرايا، تُريك أسرارَ البرايا". وإذا اتَّسم بالكذبِ، نُسبتْ إليه شواردُ الكذِبِ المجهولةِ (أي الشائعات وما في حُكمها)، وأضيفت إلى أكاذيبه زياداتٌ مُفْتَعَلَةٌ، حتَّى يصيرَ هذا الكاذبُ مكذُوبًا عليه، فيجمعُ بين معرَّةِ الكذب منه، ومضرَّةِ الكذب عليه[/FONT][/FONT].​

:
[FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]الكذب أنواع متعددة، فمنه ما يكون في الأقوال، ومنه ما يكون في الأفعال، ومنه ما يكون في النِّيات[/FONT][/FONT].
[FONT=arial (arabic)][FONT=arial (arabic)]أولاً: الكذب في الأقوال[/FONT][/FONT]:
[FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]وهو أن يخبر بخلاف الصدق، وبخلاف الواقع، وهذا أيضًا أشكال متعددة، تتفاوت في الإثم بحسب كل شكل منها، فأعظمها وأكبرها إثما الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: [/FONT][/FONT][FONT=arial (arabic)][FONT=arial (arabic)](وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً)[/FONT][/FONT][FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)] [الأنعام:21[/FONT][/FONT]].​

[FONT=arial (arabic)][FONT=arial (arabic)](وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ)[/FONT][/FONT][FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)] [النحل:116].وقال تعالى: [/FONT][/FONT][FONT=arial (arabic)][FONT=arial (arabic)](أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[/FONT][/FONT][FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)] (الشورى:21[/FONT][/FONT])
[FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]والنبي صلى الله عليه وسلم حذَّر من الكذب عليه، فقال: [/FONT][/FONT][FONT=arial (arabic)][FONT=arial (arabic)]"مَنْ كَذَبَ عَليَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"[/FONT][/FONT][FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)] [صحيح الجامع الصغير:6519[/FONT][/FONT]].​

.
[FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]ومنه الكذب في المزاح ليُضحك الناس، وقد جاء في الحديث:[/FONT][/FONT][FONT=arial (arabic)][FONT=arial (arabic)] "وَيْلٌ لِلّذِي يُحَدّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ، وَيْلٌ لَهُ".[/FONT][/FONT][FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)] [رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسَّنه[/FONT][/FONT]].​

.
[FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]فإن الكذب في الحديث من علامات النفاق: [/FONT][/FONT][FONT=arial (arabic)][FONT=arial (arabic)]"آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خانَ[/FONT][/FONT]".
[FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]والكذب ليس من شِيم الأكابر، بل هو من شِيم الأصاغر، الذين هانوا على أنفسهم فهان عليهم الكذب، ولو كانوا كبارًا في أعين أنفسهم لنأوا بها عن الكذب. قال الشاعر[/FONT][/FONT]:
[FONT=arial (arabic)][FONT=arial (arabic)]لا يكذب المرء إلا من مهانته أو فعله السوء أو من قلة الأدب[/FONT][/FONT]
[FONT=arial (arabic)][FONT=arial (arabic)]لبعض جيفة كلب خير رائحة من كذبة المرء في جدٍّ وفي لعب[/FONT][/FONT]
[FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "لأن يضعني الصدق -وقَلَّما يضع- أحبَّ إليَّ من أن يرفعني الكذب- وقلَّما يفعل[/FONT][/FONT]-".​

:
[FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]فقد يفعل الإنسان فعلاً يوهم به حدوث شيء لم يحدث، أو يعبر به عن وجود شيء غير موجود، وربما يكون الكذب في الأفعال أشد خطرًا أو أقوى تأثيرًا من الكذب في الأقوال، ومن أمثلة ذلك، ما حكاه الله لنا من أقوال وأفعال إخوة يوسف عليه السلام، إذ جاءوا أباهم عشاءً يبكون بكاءً كاذبًا.. وجاءوا على قميص يوسف بدم كذب، فجمعوا بين كذب القول وكذب الفعل.[الأخلاق الإسلامية 1/529[/FONT][/FONT]].​

:
[FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]وهو أن يقصد بنيته غير وجه الله تعالى، ويدل عليه حديث الثلاثة الذين تُسعَّر بهم النار: "الشهيد والمُنْفِقْ والعالِم". حين يدَّعِي كل منهم أنه فعل ذلك لوجه الله، فيقال لكل منهم: كذبت ولكن قاتلت ليقال جريء فقد قيل. وللآخر: كذبت ولكن تصدَّقت ليقال جواد. وللثالث: كذبت ولكن تعلمت ليقال عالِم[/FONT][/FONT].
[FONT=times new roman (arabic)][FONT=times new roman (arabic)]فالكذب هو رأس كل خطيئة، وهو عارٌ على صاحبه[/FONT][/FONT].​