صبيا أرجو الدخول

فارس النور

كاتب جيد جدا

الحضارةُ أنـثـى ، ماذا عـن الســيجارة !!؟


إنَّ الثّوراتَ الرقميةَ المتتاليةَ التي اجتاحتْ و ما تزالُ تجتاحُ حياتنا بكلِّ تفاصيلها أصبحتْ مثارَ جدلٍ عميقٍ و كبيرٍ في عالمنا العربي الذي أصبحتْ مجتمعاته ( المريضةُ و لن أقولَ الميَّتةُ ! ) مهووسةً بالتّشبهَ بمن صدّر هذه الثورات بكلّ الطرقِ المتاحة ، و تبنّي الجّانب السّلبي و الأسود من نظرياتهم و فلسفاتهم و حتّى عقائدهم ، فكانَ أنْ يسّرتْ هذه الثورات على النّاس في الكثير في أمورهم و أحوالهم و عَقّدتْ بآنٍ واحدٍ ، سَهّلَتْ و أتعبَتْ ، عَلّمتْ و دَمّرتْ ، و بكلّ أسفٍ فإنّ أغلب الاختراعات المذهلة التي وصلتْ لعالمنا العربي ( المحافظ ! ) ساهمتْ بشكلٍ أو بآخر بزيادةِ مصائبنا الأخلاقية و الاجتماعية و الفكرية و العقدية ، و أفرزتْ بالمقابل المزيد من الأسئلةِ الكبيرةِ حولَ أمل هذه الأمّةِ الموغِلةِ في فسادها و تخبّطِها الأخلاقي في أنْ تستعيدَ عبرَ هذه الأجيالِ المُخَدَّرَةِ بـ ( الريموت كونترول ) دورها القيادي الذي كانَ لها فيما مضى ، فصنعتْ الحضارة و صَدّرتها بقوّة المنطقِ لا بمنطقِ القوّة ، و بالأخلاقِ الكريمة و المُعاملةِ الحسنة لا بـ ( إف 16) و لا بالقنبلة النووية ! .
7a1b52c71179dd6c48db4f4b48a294d2_lm.jpg
http://www.4uarab.com/vb/showthread.php?p=317017

مؤامراتٌ خفيةٌ و خبيثةٌ تُديرها مجموعاتٌ منظّمةٌ و غيرُ منظّمةٍ ، موجّهةٌ أو تعملُ اعتباطياً دونَ أدنى حسابٍ و لا مسؤولية وحَسَبَ مصالحها أو رؤاها السوداءَ ، و كُلٌّ لأسبابهِ و مصالحهِ .
هذه المؤامراتُ الكبيرةُ و غيرُ المرئيةِ للكثيرين - للأسف - تستهدفُ الأعمدةَ الرّئيسيةَ التي تقومُ عليها مُجتمعاتُنا لتشغلَ القيّمينَ على قوّتهِ و سلامتهِ عن قضايا الأُمّة الكبيرةِ و المصيريةِ .

و من أخطرِ الأدواتِ التي تستخدمُها هذه المجموعاتُ المشبوهة هي التلفاز لكونهِ الوسيلةَ الأكثرَ شعبيةً لدى كلِّ فئاتِ المُجتمعِ و قِطّاعاتهِ ، و لذا فلا غرابةَ في أنْ نُشاهِدَ هذا الكمَّ الهائلَ منَ القنواتِ العربيةِ و عَبْرَ أكثرِ من قمرٍ صناعيٍّ يغزو بيوتنا و أفكارنا ، و يبثُّ سُمومهُ المصنوعةَ بعنايةٍ في العقولِ العربيةِ المنهكةِ أصلاً و المتهالكة و التي لا تشبعُ جهلاً و تخلّفاً .

أيُّ ( رَجُلِ أعمالٍ ) حتّى لو لم يكنْ يملِكُ شهادةَ التّعليم الابتدائي بإمكانهِ أنْ يمتلِكَ قناةً تلفزيونيةً يُديرها بالمنطقِ الذي يعجبُهُ بغضِِّ النّظر عمّن وافقَ أم لم يوافق ، رَضي أم لمْ يرضى ، أُعجِبَ أمْ لم يُعجبْ ، لنُشاهِدَ من خلالِ هذه القناةِ أو تلكَ ما يمكنُ أنْ نُسَمّيَهُ " المُختصرُ في الفِكرِ العَربي في القرنِ الواحِدِ و العشرين " ! .

و لذا فإنّ التلفازَ أصبحَ أخْصَبْ أرضيةٍ يُمكنُ من خلالها زرعُ الألغامِ لتنفجر في أفكارنا و سلوكياتنا كيفما اِتُفِقَ ، و بدأتْ كُلُّ جهةٍ مشبوهةٍ تَبثُّ رسائلها المُلغَمةَ بكلِّ يُسرٍ ، و بمباركةِ الجهاتِ الرّسميةِ التي يُفترضُ أنْ تحمِلَ عِبَْءَ وَصْفِ ( مسؤولة ) فتُراقِبَ و توّجِهَ و تُحاسِبَ من لمْ يردعُهم وازِعٌ دينيٌّ ولا وازعٌ أخلاقيٌّ فعاثوا في عقولنا و عقولِ أبنائنا فساداً .

حَربٌ أخلاقيةٌ و ثقافيةٌ و اجتماعيةٌ شاملةٌ تُخاضُ ضِدنا ، و مشاريعٌ استعماريةٌ خطيرةٌ تُؤسَّسُ بمَكرٍ في رؤوسنا ، و أفكارٌ تُطرحُ بخُبثٍ ما بعدهُ خُبثٌ يتمُ تسويقها للعامّة ليتمَّ تقليدُها و تداولُها باعتبارِ أنّ من يظهر في برنامجٍ ما أو في مسلسلٍ آخرَ منْ شخصياتٍ معروفةٍ و محبوبةٍ بحسبِ القسمِ الأكبرِ من المتلقين يُعتبرُ قدوةً يُحتذى بها و مثلاً أعلى يَجِبُ تقليدَهُ بكلامهِ و سلوكياتهِ و ملبسِهِ و بقصَةِ شَعره و بأدقّ التفاصيل لنكونَ قد ركِبْنا رَكبَ المتحضّرين و الحداثيين بغضِ النّظرِ عن التقييمِ الصحيحِ لهذا الشخص و فيما إذا كان يجوزُ لنا أنْ نُقلِّدهُ !! .

و لأنّ المُقامَ ( أو المَقَامَ ) لا يتسِعُ للخَوضِِ في كلِّ أشكالِ و أنواعِ هذه الحربِ المسعورةِ ، لأنّ كُلاً منها يحتاجُ للكثيرِ من التحليلِ و التشريحِ و التوضيحِ لمخاطرها و طُرُقها و أدواتها و أهدافها ، فإنني أكتفي بالموضوعِ الذي مَهدّتُ لهُ ( و قد أكونُ أطلت ) و هو يختصُّ بإحدى الظواهر السلبية و الخطيرة التي أصبحتْ مشهداً شبهَ عاديٍّ في شاشاتنا برغمِ قُبحها و وقاحةِ الأدوات التي تُستعمَلُ في تقديمها للمُشاهِدِ الذي تورّطَ بمُشاهدةِ مُسلسلٍ تلفزيونيٍّ أو فيلمٍ أو برنامجٍ ليُدّسَ لهُ السُمُّ بين الحدثِ و الحدث ، بين الفِكرةِ و الفكرة ، و كُلُّ هذا ليصبح مشهداً اعتيادياً بل و أكثر !! .



eeec551ae1609bcf2e44e0d96f2d9c19_lm.jpg


75096eb06d4d580d25b27deb3584c663_lm.jpg


هذه الظّاهرةُ القبيحةُ و الخطيرةُ و المذمومةُ هي ظاهرةُ التّدخينِ عندَ النّساءِ ، و التي أصبحتْ إحدى أكبرِ المصائبِ التي تشغَلُ مجتمعاتنا في ظلّ النِسَبِ العاليةِ جدّاً و غيرِ المسبوقةِ التي سُجّلتْ بناءً على إحصاءاتٍ عِلميةٍ تمّتْ في أكثرَ من بلدٍ عربيّ ، حيثُ وصلَ عددُ النّساء المُدخناتِ في السّعودية مثلاً إلى مليون امرأة من أصل ستة ملايين أي بنسبةِ تفوق 16.5% مما خوّلها لتكون الدّولة الثانية في الخليج فقط ( !!! ) بعدَ البحرين (1) ، فيما أشارت إحصائيةٌ أُخرى أنّ أكثر من 6% من الطبيبات السعوديات مدخنات !!! (2) ، و كَشفَ آخرُ تقريرٍ لمنظمة الأمم المتحدة بمناسبة اليومِ العالمي لمكافحةِ التدخينِ وكانَ محصّلةََ دراساتٍ ميدانيةٍ أُجريتْ على مستوى دولِ العالم وطالتْ جميعَ الفئاتِ العُمريةِ أنّ 3% من فتيات الكويت اللواتي تتراوح أعمارُهُنَ بين 13 و15 سنة مُدخنات وهي نسبةٌ تجعلُ من الكويتِ الأولى على مستوى الخليج والسّادسة على مستوى الشرق الأوسط ( !! ) من حيث انتشار عادة التدخين بينَ الفتياتِ الصغيرات ، فيما جاءت اللبنانياتُ على قمّة المدخناتِ ليسَ فقط على مستوى المنطقة بل على مستوى العالمِ أجمع و بنسبة 54.1% !!!!!! . (3) و في إحصائيةٍ شملتْ عيّنةً من الطالباتِ السورياتِ تبيّنَ أنّ نسبةَ المُدخنات منهنَّ 12% و أنّ 19% منهنَّ يدّخنَّ ( النرجيلة ) رغم أنّ كُلّ الدّراسات أثبتتْ أنّها أخطرُ و أشدُّ فتكاً من السجائر(4) ، بينما كشفت دراسةٌ أخرى أنّ العدد الإجمالي للمدخنات في سورية يصل إلى 23% !!! (5) ، بينما وصلت النسبة في السعودية للمدخنات في المدارس و الجامعات بناءً على إحصاءاتٍ رسمية إلى 35% !!! (6). مع العلم أنّ هذه الأرقام تعدُّ السّقف الأدنى للحقيقة نظراً لامتناع الكثيراتِ عن التصريحِ عن كونها مُدخنةً لاعتباراتٍ اجتماعيةٍ و أخلاقية فيما يُسمّى بالتدخين السرّي .

هذه النّسبُ المُرعبةُ في ازديادٍ مطّردٍ للأسفِ الشديد و أحدُ أهمِّ الأسبابِ لهذه الزيادة هو أنّنا ألِفنا الرّبط المصنوعَ بخُبثٍ و حرفنةٍ بين الأنثى النّاضجة و المتحضّرة و المتحرّرة و المنفتحة و بين السيجارة أو النرجيلة ، هذا الرّبطُ ساهمَ في ترسيخِ صورهِ ما قُدّم و يُقدّمُ على الشاشاتِ العربيةِ الصغيرةِ و الكبيرةِ من صور الأنثى المتميّزة و النّاجحة في شخصيتها و في أُسرَتِها و بيتها و في عملِها و المُتحرّرةِ و المنفتحةِ و التي لا تُفارقُ سيجارتها كدليلٍ إضافيٍّ على كلِّ مميزاتها الخارقة و مواصفاتها الكاملة !!! ، و صارتْ السيجارة علامةً مُهمّةً و إضافية على المساواةِ بين الرّجل و المرأة ، و لمْ تعدْ كما كانتْ سابقاً رمزاً للفساد الأخلاقي و النّقص الفكري و الشذوذ النّسبي في تكوينِ أيّةِ أُنثى تُدخنّ بل و تُجاهر بسيجارتها !! .

إقحامٌ مشبوهٌ في مُعظم الإنتاجاتِ التلفزيونية و السينمائية العربية الضّخمة لصورةِ الأنثى المُدخنة زادتْ صورهُ بشكلٍ كبيرٍ في السنوات القليلة الماضية توازياً مع التنامي الكبير و غير المحدود لشركاتِ الإنتاجِ الرّبحية الصِبغةِ ، و لضمانِ هذهِ الرّبحية كانَ لا بُدّ من طَرقِ كلّ الأبوابِ المُتاحةِ بغضّ النظرِ عن شرعيتها سواء سمحَ لنا الدّين و المجتمع أم لم يسمحا .
و لذا فإنّك لن تفاجأ مثلاً من جوابِ إحدى المعلّمات عن رأيها في ظاهرة تدخين الطالبات بشكلٍ خاصٍّ و النّساء بشكل عام لمّا قالتْ " من تريدُ أنْ تبدوَ أنيقةً ومتكلفةً وتجذبً عريساً فلتُدخّـنْ مثل ( سلاف فواخرجي ) في مسلسل ( أسمهان ) " !!! ، بينما أيّدت إحدى طالباتُها و زادتْ قائلةً " المرأةُ يمكنها أن تذوّبَ الرّجل بسيجارةٍ شريطة أن تعرِفَ كيف تُدخنها بطريقة جذّابة " !!!! ، و هذه ليستْ الأنثى الوحيدة التي تُؤخذُ بما يُعرضُ بطرقٍ خبيثةٍ و مسمومةٍ على شاشات التلفاز التي تصوّر أنثى تحمل علبة سجائرها و تدّخن أمام زوجها و إخوانها و أهلها و المحيطِ الذي حولها في المدرسة و الجّامعة و العمل و المقهى و السّوق لتظهر بصورةٍ طبيعيةٍ تألفُها العينُ و تنساقُ لها القلوبُ و تندفعُ لتقليدها و الاقتداء بها .

و هكذا وجدنا أنّ كاتبي و مخرجي هذه الأعمال و من ورائهم شركاتُ الإنتاج ( لأنّ المسؤولية مشتركة ) يُصرّونَ مثلاً على مَشهدِ الكاتبةِ المثقفةِ تكتبُ قصصها أو مقالاتها و منفضةُ السجائر بجوارها تعبأُ بحِملِها ، و مَشهدُ المديرةِ صاحبةِ الشّركةِ أو مجموعة الشركات و هي تُشعِلُ السيجارةَ الفاخرة تلو الأخرى كدليل كثرةِ الأشغال و ضغطِ العمل و الرّفاهية بآنٍ واحدٍ ، و على مشهدِ الزّوجةِ التي تتناول سيجارةً من علبةِ سجائرِ زوجها كدليلٍ على التفاهمِ و الشراكة !! ، و مشهدِ مجموعةٍ من الصديقات في أحدِ المقاهي و كُلُّ واحدةٍ منهنّ تمسكُ ( نربيش ) نرجيلتها و صوتٌ أنثويٌّ يفترضُ أنّه ناعمٌ يُطالبُ بالمزيدِ من الجمر بينَ الفَينَةِ و الأخرى !!! ، و مشهدُ الأمّ التي تُدخنُّ بحضرةِ أبنائِها و هي تدندنُ على نغماتِ الأغاني الراقصة ، و مشهدٌ لواحدةٍ تُطفِئ سيجارتها على عجلٍ احتراماً ( !! ) لوالدِها لمّا تُحسّ أنّه قد قدِمَ فجأةً إلى البيت و أخرى لا يعنيها أن تحترمهُ و لا هو أساساً ينتظر منها ذلك ! ، و مشهدُ البطلةِ في حضنِ البطل في مشهدٍ يتمُّ التلاعبُ فيهِ بحرفنةٍ ليبدوَ بأقصى درجاتِ الرومانسيةِ في جوٍّ لن يبدوَ ربما بوجهةِ نظرِ المخرجِ مبهراً و مقنعاً إذا لم يُملأُ جوّهُ الفاسدُ أصلاً بدخانِ سجائرهما المشتعلة كدليل وئامٍ و نشوة !!! ، و مشهدُ الأختِ الغاضبةِ تهدِّئ من فورةِ غضبها بسيجارةٍ تلتهمها بعصبيةٍ و تنفضُ رمادها بفوضويةٍ ، و عشراتُ المشاهدِ القبيحةِ التي تُقحمُ بشكلٍ مكرّر و متعمّدٍ و بأكثر من أسلوب و وجه و لأهدافٍ تتجاوز طيب النّية و خدمة العمل الدرامي و سياق الأحداث كما يتحجّجُ و يتبجّحُ أغلبُ أولي أمر هذه الأعمال ، و ليترسّخ في ذهنِ المُتلقي ذاكَ الرّبطُ الشّريرِ بين ظواهرَ و أحداثٍ يُفترضُ أنّها جميلةٌ و محبّبةٌ و بين السّموم التي تسمّى تعدّياً بالسجائر .

و السُؤالُ الذي يستدعي نفسهُ هنا : ألا يكونُ التعبيرُ عن الرفاهيةِ و عن صفاءِ الفكرِ أو عكرِهِ و عن الرّاحةِ و التفاهم و النّشوة و القوّة و الغضبِ و التعبِ و التفكير و الشّرود و غيرها من الحالاتِ و المشاعرِ التي يُمكنُ لأيّةِ أنثى أنٍْ تمرّ بها إلا من خلال علبةِ السجائر أو قرقعةِ النرجيلة !!؟ ، أَمَا مِنْ مَخْرَجٍ دراميٍ يملكُهُ هؤلاء المخرجون المحترفون الذين يُذهلونَ كلّ من يُشاهدُ أعمالهم بالسَويةِ العاليةِ التي تُنفّذُ فيها أعمالُهم يجعلهم يستعيضون عن هذه المشاهدِ الأنثويةِ المُلوّثةِ بدخانِ السجائر و رائحتها بخياراتٍِ أخرى يتصدّى لها ممثلاتٌ أثبتنْ قدرتهنّ على تجسيد أعقدِ الأدوار بدون الحاجةِ لا لسيجارة و لا لنرجيلة حتّى في المشاهدِ التي ربما يكونُ وجودُ هذه المصائبِ وارداً كأنْ يكون المشهدُ في مقهى أو في ملهى !! .
كيف أُفسّرُ هذه المبالغة في إسقاطِ عشراتِ المشاهدِ بداعٍ أو بدونهِ لامرأةٍ بغايةِ الأنوثةِ و الرّقةِ و الجمالِ و الرّقيِ تحمِلُ سيجارتها و تنفثُ دخانها و تتأملهُ و كأنّها في ملهىً ليليٍ قد يكونُ وجودُ مثلِِ هذه المشاهدِ فيه أمراً طبيعياً !!؟ .
نعم .. قد يكونُ من المُلحِّ استخدامُ المحظور أو المكروه لخدمةِ الفكرةِ في حالاتٍ استثنائيةٍ ضمنَ أيّ عملٍ تلفزيونيٍّ أو سينمائيّ ، لكنْ أنْ يتمَ تحويلُ هذا المشروع الفنّي الذي يفترض أن يكون مشروعاً ثقافياً ، اجتماعياً ، حضارياً ، ذا رسالةٍ إنسانيةٍ و أخلاقيةٍ إلى مؤسسةٍ منظّمةٍ و مشبوهةٍ تحرّضُ النّساءَ على التّحرر و التحضّر و المطالبةِ بحقوقها على طريقةِ المخرج و وفق مزاجهِ و أفكارهِ و بشكلٍ مقزّزٍ و مُثيرٍ للريبةِ و عبرَ مسلسلٍ يتابعهُ عادةً كُلّ أفراد البيتِ و يشدُّ انتباههم و يؤثّرُ فيهم خاصةً في ظلّ التحييدِ الكبيرِ الذي أُصيبَ به دور الآباءِ الغائبين أو المُغيبين ! .

و هكذا نكتشِفُ أنّ الأجواءَ الفاسدةَ التي تحيطُ بنساءِ مجتمعاتنا كانتْ وراءَ هذا الوضعِ المُزري الذي أصبحنا نُشاهدهُ و نَعيشهُ في يومياتنا بعد أن كانَ مشهدُ امرأةٍ تُجاهر بسيجارتها أمام العامة في جامعةٍ أو في حديقة أو في مقهى أو في وظيفة كما هو الحال اليوم أمراً لا يكادُ يُصدّقُ قبلَ سِنينَ عديدة ، بينما أصبحَ اليومَ مشهداً مألوفاً و اعتيادياً و بالتالي غيرَ مستهجنٍ و غير مُنكرٍ و لا مستغربٍ كما كان قبل الثورات الرّقمية التي تركنا حسناتها للآخرين و أخذنا عنها كلّ مصائبها !! .

فهلْ ستتحملُ أجهزةُ الإعلامِ المسؤوليةََ الأخلاقيةََ المُلقاةََ على عاتِقها كأجهزةٍ مؤثّرة و فاعلةٍ في تغيير أنماطِ العيشِ و سلوكياتِ النّاس و توجيهها كيفما يُراد ، و تُصحّحَ عبر القيّمين عليها و العاملين فيها المسارَ الأخلاقيَ الذي تمشي عليهِ باعوجاجٍ و دونما رقيبٍ و لا حسيبٍ ؟ ، و هل تعي الحكوماتُ العربيةُ أنّ الرّقابةَ على هذه المشاهدِ المدسوسةِ في المسلسلاتِ و الأفلام مهمّةٌ و ضروريةٌ و مُلحّةٌ كأي رقابةٍ تُمارسُ على أيّ عملٍ يُعرضُ خشيةَ أن يحرّض النّاس على حكومتهم أو على مسؤوليهم !!؟ .

21925f5f4b05da3145f9a9be8bcca3d7_lm.jpg




3020ee748a1a7e9e39f4e36febbcd778_lm.jpg


في بحثٍ ميدانيّ قامَ بهِ أحدُ الأطباءِ و تناول فيهِ النّساءَ المُدخنات (7) حيثًُ وجّه لهنّ من خلالهِ مجموعةً من الأسئلةِ و من ضمن الأجوبةِ الغريبةِ و المثيرةِ للاستهجانِ أنّ 53% من العيّنة التي شملتْ سيداتِ أعمالٍ مُدخناتٍ و 24% من العينة التي شملت طالبات الجّامعات اعتبرنَ أنّ التدخين يُعدُّ مظهراً من مظاهر التحرّرِ للمرأة ! ، و لمّا كانَ أحدُ الأسئلة الموجهة هو " لماذا تُدخنين ؟ " كانت إجابة 50% من العينة المختارة أنّهنَ بدأنَ بالتدخين كنوعٍ من التسلية و 32 % اتهموا الضّغوط النفسية و باقي الإجابات تراوحت بين التقليد للآخرين و لفت الأنظار و لكنّ الجواب الأكثر غرابة هو أنّ بعضَ النساءِ اعتبرن أنّ التدخينَ يُعدُ علامةً إضافيةً تسجّلُ لصالحهن في سبيلِ الحصولِ على فتى الأحلام !!!! . و عندما كان السؤال : " هل فكّرتِ يوماً كيف ينظرُ إليك المجتمعُ كامرأة مدخنة ؟ " كان الجواب من قبل 76% من طالبات الجّامعات أنّهنَ لا يكترثنَ و 14% منهنّ قُلنَ بأنّهن يتضايقنَ و لكنْ يتجاهلنْ !! و القسمُ الباقي قال إنّه يُفضّلُ عدم التدخين في الأماكن العامة ، بينما كانتْ النِسَبُ لسيدات الأعمال 38% لا يكترثن و 32% يتجاهلن و 34% يُقنّن !!! .

في موقعٍ آخر و عبر استطلاعٍ ميدانيٍّ (8) قام به أحدُ الصحفيين أوضحتْ إحدى المُدخناتُ رأيها فقالت : " أدخّنُ كنوعٍ من التحدي لكلّ التقاليد البالية والمتخلفة ، من الظُلمِ أنْ يتّهموا كلّ فتاةٍ مدخنة بأوصافٍ لا أساس لها من الصحة . نعم أنا أدخنُ نكايةً ( أي تشفّياً !! ) من أجل أن أظهرَ أمامهم بأنّني حُرّة وأنّ رأيهم لا يهمُني " !!!! . و تقولُ أخرى : " إنّ التدخين حقّ طبيعي لكلّ فتاةٍ أو شابٍ ، وأنّ من يقول غير ذلك هو « موضة قديمة » فأنا أشعرُ بسعادةٍ حقيقيةٍ عندما ينظر الجميع إليَ وأنا أدخنُ ، هذا يعني أنني « كول » !!! " و ختمتْ أخرى هامسةً : " قد يذبحني أبي إذا علِم أنّني أدخن "، وأضافت ساخرةً : " وضعْتُ خِطّة بوليسية محكمةً و وجدتُ مكاناً آمناً أخبئ فيه عُلبَ السجائر بحيثُ لا يمكن حتى للجنِّ الأزرق أنْ يجده ، أخبرتُ أمّي أنني أدخن أما أبي و إخوتي فأعوذ بالله " !!!!!! . بينما كان في الاستطلاع بعض الآراء التي تثلجُ الصّدر خاصّة أنها تأتي ضمنَ " وَ شَهِدَ شاهدٌ من بناتِ جنسها ! " حيثُ قالتَ إحداهُنّ بكلّ جرأةٍ و صراحةٍ : " التدخين بالنسبة إلينا يعتبر من قلة التهذيب والأدب ، هذه هي الصورة التي نقلتها الأفلام الأجنبية والعربية ، التي ارتبط فيها التدخين براقصات الملاهي الليلية وسيدات الأعمال اللواتي يتاجرن بالمخدرات وغيرهن . أخافُ أن ألمِسَ سيجارة بيدي ، لا أدري كيف تتجرأُ بعضُ الفتيات ويُدخنّ علناً و بكلِّ وقاحة ، ربما فقدنَ أصول الاحترام والذوق " .
هذا الرأي يُعبّرُ عن النظرةِ العامةِ و السّائدة للنساء المدخناتْ ، هذه النّظرة ستكونُ مخطئةً و ظالمةً إذا ما تناولتْ كلّ المدخنات بالمطلق رغم أنّها تعبّر عن حقيقة قسمٍ كبيرٍ من المدخنات ، لكنْ يَجِبُ أنّ نُقِرَّ أنّ هناكَ حالاتٍ خاصّةٍ يحقُّ لها أنْ تُعذر بشكلٍ أو بآخر على تدخينها دونَ أن يعني هذا أنْ نباركَ لها فعلتها .


المُضحكُ المُبكي في الأمرِ أيضاً أنّ بعضَ النساءِ تستنكرُ و تُنكِر السيجارة لبناتِ جنسها بينما تُحلّلُ لنفسها نرجيلتها و كأنّ النرجيلة تعتبرُ من أنواع ( الكولا ) أو العصير لا من أخطر أنواعِ التدخين بل و أقبحهِ ، و الغريبُ أنّ بعض الأهلِ يباركونَ لبناتهم جلساتهم المسمومةَ بحضرة النرجيلة و يعترضون على السجائر !!! ، و في إحدى الاستطلاعات التي تمّ ذكرها في فقرةٍ سابقةٍ قال أحد الآباء : " النرجيلة أمرٌ مختلفٌ فمن حقِّ الجميع تدخينها ، أتقبلُ أن تُدخنَ ابنتي النرجيلة أمّا السيجارة فلا أسمحُ بها مطلقاً " !!!! .



4a040d7a8c405bdf1c09ad423e2c9d49_lm.jpg


39e1e5095a01edd76cda773d540dd046_lm.jpg


من زرعَ في رؤوسنا و رؤوس نسائنا هذه الأفكار !!؟ ، و من أوصلنا إلى الزمان الذي نعتادُ فيهِ القباحة و نبارِكُها بلْ و نتواطأُ لصالحها عن جهلٍ أو عن قناعةٍ و في كلتا الحالتين مصيبتنا كبيرةٌ كبيرة !!؟ .
من المتورّط في إخفاءِ بياضِ الياسمينِ بسوادِ دخانِ السجائر المغشوشِ ببياضهِ !؟ ، و مَنْ المستفيدُ مِن تلويثِ رائحة الوردِ برائحة التبغِ ، و مِنْ خَدْشِِ نعومة الورد بأظافرِ التبغ الخشنة و المُلوّثة !؟ ، و مَنْ حرَّضَ و أغرى المرأة أن تجمعَ في حقيبتها أدواتِ زينتها و قارورةَ عطرها ، و عُلبةَ السجائر و الولاعة !!؟ .
من المسؤول عن تحويلِ السيجارة إلى ثقافةٍ و حضارةٍ !!؟ ، و من أقنعَ نساءنا أنّ السيجارة أنثى و النرجيلة أنثى و أنّهما مرتبطتان بكونِ أنَّ الحضارة أنثى و الثقافة أنثى و الأناقة أنثى !!؟ ، من يتمكنُ من إقناعِ نسائنا أنّهُنَ أجملُ و أشهى و أطهرُ و أنقى و أطيبُ و أكملُ و أروعُ بلا سجائر و لا نرجيلة !!؟ ، و أنّ الأنثى مرتبطةٌ ارتباطاً أبدياً بالحضارةِ و الأناقةِ و الدّهشةِ و الأسطورة بلا تدخين !!؟ .
من يُقنِعُ النّساءَ أنّ رائحتهُن لا يجبُ أنْ تُذهبهُ مجرّد سيجارة ، و أن طَعم شفاههنّ يجبُ أن لا تُفسِدَهُ مجرّدُ سيجارة ملفوفةٍ على حشائشَ مسمومةٍ ؟ ، من يستحلفُ نساءنا بالذي أبدعَ في تكوينهنّ ليكنْ رمزْ النقاءِ و الصفاءِ و العذوبةِ و الطّهر و الجمال أنْ لا يكفرنْ بأنوثتهنّ بإيحاءٍ و تحريضٍ من أعداءِ الجمالِ و الأنوثة ؟ .


إنّ حديثي عن النّساء المُدخناتِ لا يعني أنّني أُرّخِصُ للرجلِ سيجارته و نرجيلته و أُحلّلُها له بينما أحظُرها و أنبُذُها و أحرّمها على المرأة لأنّها ( ضِلعٌ قاصرٌ ) ! ، فأنا ضدّ المفاهيم المغلوطةِ التي ارتبطتْ بفِكرِ الرّجلِ الشرقيّ عن السيجارة التي تحوّلت إلى علامةٍ من علاماتِ الفحولة و الرّجولة و القوّة ، و لطالما حاربتُ هذه النّظرة الذكورية المريضة للسيجارة و للنرجيلة .
لكنّني لا بدّ أنْ أعترف أنّني متعصّبٌ جدّاً في الاعتراض على الجّنسِ النّاعم ، اللطيفِ ، الرّقيقِ الذي آثر قسمٌ من المحسوبين عليهِ أن يَخدِشَ نُعومتهُ بسيجارةٍ أو نرجيلةٍ ارتبطت لفتراتٍ طويلةٍ بالمجتمع الذكوريّ الخشنِ و خاصّةً في مجتمعاتنا الشّرقية .
أنا ضدّ تدخينِ الرجل لأكثرَ من اعتبار و ضدّ تدخين المرأة لكلِّ الاعتبارات ، فالمرأةُ أمّاً و زوجةً و أختاً و بنتاً نِصفُ المجتمعِ حسبَ كلّ الأعرافِ و بما أنّ النِصْفَ الآخر( أي النصف الذكوري ) قدْ لوَّثَتْ صورتُهُ لفافةُ تبغٍ و نرجيلة و منذ زمنٍ بعيدٍ ، فلا يجوزُ أنْ نُحرّض و نُلهِِمَ النّصفَ الآخرَ ( النصفَ الأطهر و الأجمل ) و نبارِكَ لهُ سيجارةٌ أو نرجيلةٌ تعطيهِ المساواةَ بالنصفِ القبيحِ من مجتمعنا فالأنثى خُلقتْ بالأصل كما ذكرتُ ذاتَ مرّةٍ " لتكونَ في ميزانِ الكون ثِقلاً يرجّح كفّة الجمالِ على كَفّة القباحة أو توازيها على الأقل " و لذا فلا يمكنُ أن نرضى للأنثى أنْ " تستحيلُ إلى شكلٍ آخر و أبشع للقباحة بعينها ".



cad0925b11a45b732fd92e2fce0dbda9_lm.jpg


36b9a5ffca95a6f26afbd9a601df6bf2_lm.jpg


032d35b45f72fa8b0df3993ab51add87_lm.jpg

15972cd28f67f939499f86ad834d124a_lm.jpg


فارس
نقلا عن صديقي
الغالي
نائل شيخ خليل

 

ترانيم العشق

كبار الشخصيات
رد: صبيا أرجو الدخول

التدخين ظاهرة بشعة
باتت تؤرق صحة المجتمعات الانسانية
وتهددها بشتى انواع الامراض
وعلى الجميع محاربتها
في البيت والمدرسة والجامعة والشارع
واينما وجدت
وعلى الحكومات فرض غرامات عالية على مصنعي ومستوردي ومستهلكي السجائر
بهذه الطريقة فقط نستطيع القضاء على خطرها الداهم
اشكرك لهذا الطرح القيم اخي
واتمنى الصحة للجميع
كن بخير
 

امنياااات

كاتب جيد جدا
رد: صبيا أرجو الدخول

مشكلة التدخين ليست وليدة اليوم او الامس

أسأل الله السلامه

اخي

بارك الله فيك ع نقلك المفيد

مووفق
 

صياد الطيور

كاتب جيد
رد: صبيا أرجو الدخول

[align=center] شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
تقبل مروري اخي العزيز
[/align]
 

بنت اليمن

قسم الأزيـاء و الموضـة
رد: صبيا أرجو الدخول

صحيح ما عادوا استحوا النسوان صاروا متل الرجال واكتر كمان
دمروا مجتمعاتنا بهالمنتج الضار
مع انهم بيعرفوا اضراروا الا انهم بيواصلوا تدخين


تسلم اخي عالنقل المفيد
تحياتي الك
تقبل مروري وردي
 

آنفآس آلمطر

كبار الشخصيات
رد: صبيا أرجو الدخول

ظاهرة خطيرة جدا

وغير حضارية برأي الخاص

مشكلة فعلا ليست وليدة اليوم

هي ظاهرة تدعو للاشمئزاز حقا

تضيع انوثة المراة

ولكن ..
اشكرك اخي فارس على
الطرح القيم
تحيتي لك
 

ابتسامة طفلة

كاتب محترف
رد: صبيا أرجو الدخول

التدخين ظاهرة خطرة تهدد المجتمع

الله يهدي الجميع

بتمنى الاستفاده من الجميع

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ...

لك مني أجمل تحية .
 

شهرزاد النساء

كاتب جيد
رد: صبيا أرجو الدخول

شرا تير
نحنا صحيح عم نطالب بالمساواة بس ما وصلت لهون
لا السيكارة ولا الأركيلة
ضرر صحي ومظهر اكيد مو حضاري
هاد رأيي بها الموضوع مشكور سلمت يمناك
 

مواضيع مماثلة

أعلى