ابو العلاء المعري

أبو العلاء المعري
( 973 ـ 1057 ) م
المهندس جورج فارس رباحية

هو أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد بن سليمان المعري ، التنوخي (1) وُلِدَ ببلدة معرّة النعمان (2) سنة (363 هـ ـــ 973 م ) . كُنِّيَ بأبي العلاء ، ولقَّبَ نفْسه : ( رهين المحبسين ) ، المحبس الأول : فقده بصره ، المحبس الثاني : ملازمته داره واعتزاله الناس . استقرّت أسرته بلدة المعرّة وكانت أسرة علم وقضاء ، فأكثر قضاة المعرة وفضلائها وعلمائها وشعرائها مـــن عائلة بني سليمان فقد تولّى أجداده قضاء المعرة وجده أبو الحسن سليمان تولّى قضــاء حمص ولما توفّي جده عُهِدَ قضاء حمص إلى أخيه عبد الله , أمّا أمّه فهي من آل سبيكة وهي أســــرة حلبية الأصل معروفة بالفضل والأدب ، وكان لأبي العلاء عدد من الأخوة أكثرهم شــــــعراء .
ألَمَّ بأبي العلاء مرض الجدري فأُصيب بالعمى وهو طفل لا يتجاوز الرابعة من عمره فَحُــرِمَ نعمة البصر ، وعاش عمره لا يذكر من الألوان إلاّ اللـــــون الأحمر فقال : ( لا أعـــرف من الألوان إلاَّ الأحمر لأني أُلْبِسْتُ في الجدري ثوباً مصبوغاً بالعصفر ، لا أعقل غير ذلك) . يعتبر بعض الباحثين أن المصيبة التي ألمَّت به كانت سبباً في لفّ حيـــــاته بالتشاؤم وصبغها بالسواد إلاّ أن أبا العلاء وقفَ أمام قدَرِهِ بكبرياء وثبات وقال :
( أحمد الله على العمى كما يحمده غيري على نعمة البصر ، فقد صنع لي وأحسن بي إذ كفاني رؤية الثقلاء البغضاء)
ظهرت على المعري ملامح العبقرية والنبوغ منذ حداثته ، فقد كان حاد الذكاء قوي الحافظة ، فطناً ، مرهف الإحساس والشعور ، رقيق العاطفة ، لاذع الانتقاد ، كان يلعب الشطرنج والنرد ويدخــــــل في كل فن من الجَد والهزل ، امتنع عن الزواج واستفاد من بيت والده الذي كاــــن مجمـــــــعاً للضـــــــيوف والخصـــــوم فكان أحمــــد الصغير يجـــلس في زاويــــــة من زوايا المنزل يســتمع إلى الأحاديث والنقــــاش الذي يــــــدور بين المجتمـــــعين ويحفظ في صـــدره كل ما يسمع وهو الذي قال :
( ما سمعت شيئاُ إلاّ حفظته وما حفظت شيئاً ونسيته )
بدأ أبو العلاء صغيراً في تلقي العلم على أبيه وأول ما بدأ بعلوم اللسان والديــــــن على دأب الناس في ذلك العصر فبدأ بقرض الشعر وله إحدى عشرة سنة ثم ذهب إلى حلب ليسمع اللغــة والآداب من علمائها تلاميذ ابن خالويه (3) وكانت حلب في ذلك العصر من المــراكز الكبرى بالعالم الإسلامي حيث تضم جمعاً من العلماء ممن اســـتدعاهم سيف الدولjjjjة الحمداني (4) إبّـــــان عنفوان دولته ولم تذهب نهضتها بموته بل استمرّت بعده ، وفي حلب برز المعري في مجـالي الأدب والشـــعر وقد رُوِيَ أنه صحّح رواية شيخه ابن ســعد . ومن حلب توجّـــــه إلى أنطاكية ، وكانت فيها مكتبــة عظيمة تحــوي على نفائس من الكتب فحفظ منـــها ما شاء الله أن يحفظ ثم سافر إلى اللاذقية ثم إلى مدينـــــــة طرابلس (شمال لبنان ) ووجد بها مكتبة كبيــــرة .
في السادسة والثلاثين من عمره وفي سنة 399 هـ ذهب إلى بغداد عاصمة الفكر وأم العـــلوم والتقى علماءها الكبار وجهابذة الفكر ، وشيوخ اللسان وأئمّــــــة المذاهب ، وأقطاب الطــــرق ، ودخـــل بيوت الأشراف ، واقتحم حلقات البحث والعلم ، واستوعب كل شيء وأصبح ذا ثقـــافة واسعة وشاملة ســـاعده على ذلك حافظته العجيبة النادرة التي تلتقط كل ذرّة ولا تغفل عن شيء .
إن مناخ بغداد لم يطب لأبي العلاء فقد كان موبوءاً بمرض العصر ـــ كما كان يُطلق عليــه ـــ وهو مرض اجتماعي لم يستطع التعايش مع ذلك الوباء فأصبح عبئاً كبيراً على من يتعاطـــــون النفاق والرياء والخداع فكثر خصومه وأعداؤه ، لأنه صريح القول ، قوي الحُجّة ، واسع الإدراك لا يطمح على ثواب ولا يخشى من عقاب كالذي حصل له في منزل الشريف المرتضى (5) فقـد جرى ذكر المتنبي في مجلسه حيث كان الشريف يبغض المتنبي بعكس أبي العــــلاء الذي كــان معجباً بشعره وذمّه أبو العلاء فاستعظم الشريف أن يُذَم في عقر داره ومن رجل غريب فأمر بجرّ المعري من رجليه وإلقائه خارج المنزل .
ترك أبو العلاء بغداد عائداً إلى المعرّة سنة 400 هـ ماراً بالموصل فحلب تنفيذاً لقرار العزلة ، التي لم يدخلها وعاد آسفاً على كل ما رآه وسمعه وهو يقول :
رحلْتُ فلا دنيا ولا دين نلتُهُ ***** وما أوبتي إلاّ السفاهةُ والخُرْقُ
توفّيت والدته وهو في طريق العودة فرثاها في قصيدتين وكثير من النثر فزادت عزلتـــــه وعبّر عن ثلاثة سجون يعيشها بقوله :
أراني في الثلاثة من سجوني ***** فلا تســــــأل عن الخبر النبيثِ
لفقدي ناظري ولزوم بيتـــي ***** وكون النفْس في الجسم الخبيثِ
قرّر أبو العلاء الانقطاع عن الدنيا ومفارقة لذاتها ، فكان يصوم النهار ويســـــرد الصيام سرداً
ولا يفطر إلاّ العيدين ، ويُقيم الليل وكان نباتياُ لا يأكل اللحوم والبيض والألبان ويكتفي بما يخرج من الأرض من بقول وفاكهة . وبالنسبة لثيابه كان يكتفي بما يستره من خشنها وفراشه عبارة عن حصيرٍ من بردى أو لبّاد . وظلّ ملتزماً بقرار العزلة 49 سنة فلم يخرج إلاّ مرّة واحدة مُكْرَهاً بعد إلحاح أهل المعرّة طالبين شفاعته لدى الأمير أسد الدولة صالح بن مرداس لأمْرٍ حدث في البلدة .
استجاب المعري لطلب أقاربه ففتح داره لطلاّب العلم لكل مَنْ طرقَ بابه وصارت داره جامعة يؤمّها الزائرون من شتّى البقاع ، وكاتَبَه العلماء والوزراء ووجهاء القوم .
كان تلاميذه كلّهم قضاة وخطباء وأهل تبحُّرْ بالعلم واستفادوا منه ، منهم :
ــ أبو الحسن علي بن همام .
ــ أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي القاضي .
ــ أبو طاهر محمد بن أبي الصقر الأنباري .
ــ أبو الخطاب العلاء بن حزم الأندلسي .
ــ أبو زكريا يحي بن علي الخطيب التبريزي .
ــ جعفر بن أحمد صالح التنوخي .
أمّا أشهر كُتَّابه الذي كان يُملي عليهم شعره ونثره وذكرهم بالخير في شعره ونثره منهم :
ــ ابن أخيه أبو محمد عبد الله بن محمد القاضي .
ــ جعفر بن احمد بن صالح التنوخي .
عَمَّرَ أبو العلاء طويلاً وأصابته الشيخوخة بالوهن ووصفها بقوله :
(( الآن علت السن ، وضعف الجسم ، وتقارب الخطو ، وساء الخلق ))
وإن ذلك إذ أصاب جسمه فلم يُصب عقله وصفاءه وقريحته وتوقّدها وحافظته القويّة ، فلم ينسَ شيئاً ممّا حصّل ، وفي اليوم الثالث عشر من شهر ربيع الأول سنة 449 هـ توفي أبو العـــــلاء المعري وأوصى أن يُكتَب على قبره :
هذا جناه أبي عليّ ***** وما جَنَيْتُ على أحد
ورثاه على قبره أربعة وثمانون شاعراً . ومن أشهر ما قيل فيه الرثاء الذي ألقاه تلميذه أبي الحسن علي بن همـــــــام :
إن كنتَ لم ترقَ الدماء زهادة ***** فلقد أرقت اليوم من جفني دماً
يقع قبره في معرة النعمان ضمن المركز الثقافي العربي الذي كان بيته سابقاً . ويوجــــــد له في المعرة تمثال نصفي يُخَلِّد ذكره . ومما يؤسف أنه قامت جماعة ــ غير مكترثة بالعــــلم والثقافة والحفاظ على التراث ــ في شهر شباط 2013 بقطع رأس التمثال وتشويه الكتابات على جداره كما ذكر موقع ( سيريا بوليتك ) .
كان المعري رقيق القلب رحيماً عطوفاً على الضعفاء وفيّاً لأصدقائه وأهله ن ومن خصــــاله الحياْء الذي كلّفه ضروباً من الأذى والمشقة وكان سيئ الظن بالناس يعتقد فيهم الشر والســــوء ويمقت فيهم خصال الكذب والنفاق والرياء . وكانت صلته بالناس حسنة جداً بالرغم من عزلــته
وكريماً بالرغم من فقره فيساعد المحتاج ويُنفِق على مَنْ يقصده ، يهدي ويُهدى إليه ، يُكـــــــرِمُ زائريه وعلى سبيل المثال لا الحصر إنه لم يقبل من تلميذه الخطيب التبريزي ذهباً كان دفعه إليه لقاء إقامته عنده ، لم يردّه المعري إليه في حينه حتى لا يُحْرَج ، لكنه احتفظ له به يوم غـــادره ، فوَدَّعه وردَّ إليه ما دفع .
إن فقده لبصره دفعه لتحدّي الصعاب والرغبة في التكيّف واكتساب العلم والمعــرفة والتفوُّق فيهما على البصيرين ، وكان يلعب النرد والشطرنج ، بالرغم من كل هذا التكيّف إن عاهتــــــه أورثته شعوراً عميقاً بالألم والحزن ملأ شعره بالزفرات الحارة مما يدل على أثرها الشديد على نفسه .
اتُّهِمَ المعري بالزندقة من بعض معاصريه ، ولا شك أنه كان يُناقش في جلساته أمور الفلسفة ويشرح للجلساء أشعاره ويُفَسِّر لهم ما صعب منها . وهذا الشرح يقوده للحـــــــديث عن مختلف الآراء الفلسفية التي لا يرتضيها بعضهم ويتطرّق إلى فلسفات البراهمية والهندية وقيل أنه درس
النصرانية واليهودية وسمع في تجواله حكايات أقرب إلى علم ما وراء الطبيعة وهذا ما يظــــهر في لزوميّاته ، فتأكّد من شكّه فيما ظهر من أديان فقال :
في اللاذقية ضــــجةٌ ***** ما بين أحمد والمســــيح
هـذا بناقوسٍ يـــــدقّ ***** وذا بمئـــــــذنة يصــــيح
كـلُ يُعـــزِّزُ دينَـــــه ***** يا ليت شعري ما الصحيح
من هنا اعتُبرَ المعري مُلحداً كافراً بكل الأديان ، رغم أنه كان فاطمي النزعة ، اســـــماعيلي المذهب ، عقلي المعتقد يقول بإمامة العقل ، ويُهاجم التحجّر الفكري والرياء البشري ويدعو إلى التحرّر من قيود الشكل والخرافة والتقليد ، كما يدعو إلى تحكيم العقل في أمور الديـــــن والدنــيا والتطلع الجريء إلى حقائق الوجود والمصير .
لقد وجد المعري من يدافع عنه نافياً هذه التهمة ومنهم ابن العديم الذي سمّى كتابه : ( الإنصاف والتحري في دفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري ) وقال في مقدمـــــة كتابه : ( رمــــوه بالإلحاد والتعطيل ، والعدول عن سواء السبيل ، فمنهم من وضع على لسانه أقوال ملحدة ومنهم من حمل كلامه على غير المعنى الذي قصده فجعلوا محاسنه عيوباً وحسناته ذنوباً وعقله حمــقاً وزهده فسقاً ، ورشقوه بأليم السّهام وأخرجوه عن الدين والإسلام ) .
ونقرأ ما قاله الإمام الذهبي المتوفي سنة ( 747 هـ ــ 1346 م ) عن المعري : ( وفي الجملة فكان من أهل الفضل الوافر والأدب الباهر والمعرفة بالنسب وأيام العرب . وله في التوحيـــــــد وإثبات النبوّة وما يحضّ على الزهد وإحياء طرق الفتوّة و المروءة ، شعر كثير والمشكّل من فله ــ على زعمه ــ تفسير ) . وقد عدّوه المستشرقون شاعراً عالمياً سبق زمانه بآرائه العقليـــــــــة والأخلاقية والسياسية والدينية .
مؤلّفــــــــات المعــــرّي :
كتب المعري الكثير الكثير من الشعر والنثر ضاع أكثرها ولم يبق منها إلاّ النذر اليسير ويقول القفطي والذهبي أن أكثر كتبه لم تخرج من المعرّة وحرقها الصليبيون فيما حرقوا من المعرّة ، وقد أُحْصيا له من الكتب 55 كتاباً في أربعة آلاف كراس ، شملت الشعر والنثر ويذكر الرحّالة الفارسي ناصر خسرو أن أبا العلاء نظم مائة ألف بيت من الشعر وذلك سنة 438 هـ أي قبــــل وفاته بإحدى عشرة سنة . أما ياقوت الحموي فقد عَدَّ له 72 مصنّفاً . وأهم مؤلّفاته :
ــ رسالة الغفران .
ــ اللزوميات .
ــ سقط الزند .
ــ رسالة الصاهل والشاحج .
ــ لسان الصاهل والشاحج والقائف :
ــ رسالة الملائكة .
ــ رسالة الهناء .
ــ رسالة الفصول والغايات .
ــ كتاب استغفر واستغفري : فيه 10000 آلاف بيت لكن ضاع مع من ضاع .
ــ الدرعيّــات .
ــ شرف السيف .
ــ اللامع العزيزي : في شرح شعر المتنبي .
ــ ذكرى حبيب : في شرح شعر أبي تمّام .
ــ عبث الوليد : في شرح شعر البحتري .
ــ المختصر الفتحي وعون الجُمَل .
ــ تاج الحُرّة : خاص بوعظ النساء .
ــ جامع الأوزان : في العروض والقوافي .
ــ تضمين الله : وهو عظات وعبر وحثّ على تقوى الله .
مقتطفـــــــــات من شعــــره :
1 ــ مرثية أبي العلاء المعري قال فيها :
غيرُ مجدٍ في ملّتي واعتقــــــادي ***** نــــوح بــاكٍ ولا تـــرنّم شادِ
وشبيهٌ صــوتُ النـــــــعيّ إذا قيـ ***** س بصوت البشير في كلّ نادِ
أبَكَـــــت تلكم الحمــــــــامة أم غ ***** نَت على فرع غصنـها الميّـاد
صاح هذي قبورنا تمــــــلأ الرُح ***** بَ فأين القبور من عهد عــاد
خفّف الوطء ما أظـــــــنّ أديم الـ ***** أرضِ إلاّ من هذه الأجســــاد
وقبيـــــــــح بنا وإن قدُم العهــــــ ***** د هـــــوان الآباء والأجــــدادِ
سر إن اسطعتَ في الهواء رويداَ ***** لا اختيالاً على رُفــــات العباد
رُبَّ لحدٍ صـــــار لحداً مـــــراراً ***** ضاحكٍ من تزاحم الأضـــــداد
2 ــ توفي والده وهو في الرابعة من عمره فحزن عليه كثيراً ورثاه بقصيدة قال فيها :
أبي حكمت فيه الليالي ولم تـزل ***** رماح المنـــــايا قادرات على الطعنِ
فيا ليت شعري هل يخفّ وقاره ***** إذا صار أحد في القيامــــة كالعهن ؟
وهل يرد الحوض الري مبادراً ***** مع الناس أم يخشى الزحام فيستأني ؟
3 ــ إن زهده وتقشّفه بالحياة فامتنع عن أكل اللحوم والمنتجات الحيوانية واقتصر طعامه على
على النبات من بقول وخضروات وفاكهة فقال :
فلا تأكلنَّ ما أخرج المــــاء ظالماً ***** ولا تبغِ قوتاً من غريض الذبائحِ
ودع ضرب النحل الذي بكرت له ***** كواسب من أزهار نبت فوائــح
ولا تفجعن الطيــــر وهي غوافل ***** بما وضعت فالظلم شــرّ القبائحِ
4 ــ يُحاول المعري وصف الأشياء المحسوسة ، ويُزَيّن ولفظه حتى يعوّض ما يحسّ به من نقص تجاه وصف المبصرين فقال :
رُبَّ ليل كأنه الصبح في الحُسنِ ***** وإن كان أســــــود الطيلسانِ
ليلتي هذه عـــــروس من الزنج ***** عليـــــــها قلائـد من جمـــانِ
هرب النوم مـن جفـــــوني فيها ***** هرب الأمن عن فؤاد الجبانِ
وكان الهلال يهوى الثريّــــــــا ***** فهمــــا للـــوداع معتنقـــــانِ
وسهيل كوجنة الحب في اللونِ ***** وقلب المُحبّ في الخفقـــــانِ
5 ــ ونقرأ في دواوينه مقطوعات غزلية رقيقة :
يا ساهر البرق أيقظ راقد السّـمر ***** لعل بالجزع أعواناً على السّــهرِ
وإن بخلت عن الأحيـــــاء كلّـهم ***** فأسق المواطر حياً من بني مطرِ
ويا أسيرة حجليها أرى سفهـــــاً ***** حمل الحلي لمن أعيا عن النـظرِ
ما سرت إلاّ وطيف منك يتبعني ***** سرى أمامي وتأويباً على أثـري
6 ــ كان للمعري مشاركات جادّة في جميع المجالات من أدب ونقد وفلسفة ومع ذلك كان يتواضع ويضع من شخصه وعلمه فقال :
ماذا تريدون لا مال تيسّر لي ***** فيســتماح ولا علم فيقتبسُ
أتسألون جهـــولاً أن يثفيدكم ***** وتحلبو سقيّاً ضرعها يبسُ
7 ــ أما في الهجاء فقد انتقد المعري ظواهر متعدّدة في مجتمعه ، منها الادّعاء باسم الدين
والرياء ، وخصّ بنقده الواعظ المنافق فقال :
يحرم فيكم الصهباء صرفاً ***** ويشربه على عمد مساء
إذا فعل الفتى ما عنه يُنهى ***** فمن جهتين لا جهة أساء
8 ــ وقال عن الدنيا ووجود الناس فيها :
لو أن كلَّ نفوسِ النـــــاسِ رائيَةٌ ***** كرأي نَفس ، تناءت عن خـــزاياها
وعطّلوا هذه الدنيا ، فما وُلِدُوا ، ***** ولا اقتَنَوْا ، واستراحوا من رزاياها
==============
1/4/2013 المهندس جورج فارس رباحية

المفـــــــــــــردات :
(1)ــ قبيلة تنوخ : قبيلة عربية مسيحية من الحيرة ( العراق ) اختلف النسابون في أصلها فقال
ابن خلدون إنها من بني أسد بينما أكّد الزمخشري إنها تحلف من أصول متفرّقة تجمّعت
في البحرين ، وقال أبو عبيد إنهم ثلاثة بطون ( نزار ــ الأحلاف ــ فَهم ) . انتقلت تنوخ
إلى حلب والمعرّة ( معرة النعمان ) .
(2)ــ معرة النعمان : مدينة في سوريا مركز منطقة تابعة لمحافظة إدلب تقع على الطريق العام
شمال دمشق بـ 280 كم وشمال حمص بـ 115 كم وجنوب حلب بـ 75 كم . اسمها القديم
(أرَّا ) دعاها الصليبيون ( مارّ ) احتلها العرب سنة 637 م . سُمّيَت معرة النعمان نســـــبة
إلى النعمان ابن بشير الأنصاري والي حمص وقنّسرين أيام معاوية ويزيد وعبد المــــلك .
لأنه اوّل من بنى بيتاً فيها وكان قد مر بها فمات له ابن فدفنه فيها فيكون معناها الشــِدَّة أي
شدّته أو حزنه .
(3)ــ ابن خالويه : هو أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن حمـــدان الهمذاني ( 285 ــ 370 ) هـ
إمام مبدع باللغة وعالم في النحو . أصله من همذان .
(4)ــ سيف الدولة الحمداني : هو علي بن عبد الله ( 915 ــ 965 ) م وُلِدَ في ديار بكر وتوفي
في حلب ، أكبر ملوك الحمدانيين في سورية حكم حلب ومدّ نفوذه على شمال ســــورية
سنة 945 م نبغ في بلاطه المتنبي وأبو فراس الحمداني وأبو نصر الفارابي الفيلـــسوف
وإليه قدّم أبو الفرج الأصفهاني كتاب الأغاني .
(5)ــ الشريف المرتضى ( 966 ــ 1044 ) م وُلِدَ وتوفي في بغداد ، فقيه الشيعة في عصره
شاعر مُجيد ومؤلّف مُكثر . كان الأول في أهل زمانه علماً وحديثاً وكلاماً وشعراً .

المصـــــــادر والمـــــــراجع :
ـــ روائع الأدب : فؤاد أفرام البستاني . بيروت 1930
ـــ تاريخ الأدب العربي : حنا الفاخوري
ـــ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
ـــ مواقع على الإنترنت :
 

مواضيع مماثلة

أعلى