صراع الحضارات أم صراع الأخلاق

الدكتور اس او اس

كاتب جديد
صراع الحضارات أم صراع الأخلاق

تقدم الطفل ذو الملامح الغربية إلى المحاسب في البوفِيْه ، وبدأ حديثه باللغة الإنجليزية :
( Excuse me sir,ممكن بطاطس، ولو سمحت عصير فراولة ، الله لا يهينك إبئه حطلي قطعة تلج ، وزجاجة ميه لو سمحت. )
ليتبعه مباشرةً طفلٌ آخر يملي طلباته :
"هي يا ولد يا محمد .... عطنا واحد همبرجر .... و.... واحد بطاط و .... واحد ببس ، هاه"
كنت أقف خلفهما منتظراً دوري ، بل كنت شاهداً على صراع الحضارات الثقافي أعلاه ، الحضارة العربية وحضارة الفلوس .... إلخ .... صراعٌ في مخيلتي فجره طفلان لم يبلغا العاشرة من العمر ، وحتى دون أن يشعرا بذلك ....
أطرقت برهة من الزمن .... و في رأسي عشرات الأسئلة ، لم أكن أبحث عن إجاباتٍ لها بقدر ما كنت أحاول ترتيب عشوائيتها، أسئلةٌ يصب بعضها في التربية وبعضها في الدين ، والآخر في الآداب .
تضمنت كلمات الطفل الأجنبي ( آسف العربي ولكنهم يعتبروه أجنبي ) عباراتٍ مثل: عفواً .... لو سمحت .... في حين لم يكن من الطفل "إبن البلد" إلاّ أن بدأ حديثه بِـ "يا محمد" ، قالها كأسلوب نداءٍ رسمي ومعتبر ، وأتبع ذلك بأوامر عدةٍ كما لو كان العامل مملوكاً له .... لا زلت أجهل السّر وراء استخدام كلمة "محمد" كاسمٍ لكل من هو غير معلومٍ لدينا من العمالة الأجنبية ، مع أن الله سبحانه وتعالى فضل نبيه "محمداً" - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - على العالمين ، ولا أظن أنّ امتهان اسمه بهذا الشكل أمرٌ مقبول ، بل لماذا لا يَعتَبر كل واحدٍ فيناأن العامل يحمل نفس اسمه هو، ألن يعتبر ذلك انتقاصاً لذاته ؟
ربما من الأجدى لنا إضافة تلك الطريقة في النداء إلى اللغة العربية ، ونخصص استخدامها للمنادى النكرة بالنسبة لنا .... ليس تقليلاً من شأن العامل الأجنبي لا سمح الله ، إنما من باب أنها الطريقة المثلى المزعومة لمناداة أي عامل لا نعرف اسمه ، ومن دون الأخذ بعين الاعتبار أصله أو ديانته ... أسلوب الطفل "ابن البلد" المتسم بالفظاظةِ، والتي كانت تكفي لزخرفة العبارة أعلاه بعناصر من الرق والعبودية ، فيه من التهجم والتهديد ما يكفي لعقف حاجبي العامل وغضبه من الطفل ، فلم يكن محتوياً حتى على أقل كلمات الطلب شأناً مثل "ممكن" ، والأدهى من ذلك أن ينهي عبارته بـ "هـــــــاه" والتي لم أجد ما يعادلها في اللغة العربية أو حتى في آداب التحدث مع الناس.
شيءٌ يدعو إلى التأمل حقاً ، أن يكون الطفل الغربي، الأجنبي ، العربي ( سمه ما شئت ) أكثر تأدباً من الطفل الذي يتشدق والده بالعادات والتقاليد وابن الأصل والفصل وابن العائلة الفلانية ، وأن يكون أكثر تمسكاً بتلك الآداب حين الحديث مع الأغراب بغض النظر عن وظائفهم .... وأن يكون الطفل الثاني المتشدق بعاداته وتقاليده مثالاً لنقيض ذلك ....
شيءٌ يبعث على الخجل ، أن يكون لدينا القرآن الكريم وسنة نبيه المصطفى - عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم - ولا نتذكر قوله تعالى { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } (*) ، أن يُبعثَ الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - ليتمم مكارم الأخلاق ، ونحن نستمر في الإعراض عن كل ذلك.
قبل سنواتٍ قليلة فقط، قامت قائمتنا ولم تقعد عندما أساء الغرب لنبينا الكريم ، ولم نحرك ساكناً أمام كل الابتذال الذي يحصل بشكل يومي منا ومن غيرنا ، وأعلنا مقاطعة منتجاتهم ولم نفكر في إصلاح نتاجنا الشخصي و لفكري قبل ذلك ، أحرقنا أعلامهم ولم نعتقد بوجوب التخلص من جهلنا أولاً ....
وصل دوري بينما كنت غارقاً في خضم كل تلك التساؤلات ، فلمحت الطفل الأجنبي يأخذ طلبه و يقول: "Thank you"
رغم أنني لا أحب أن يتكلم أطفالي بالإنجليزية في بلاد عربية. (قلت هالمرة معلش وبلعتها غصباً عني) .
وقبل أن أبدأ التفوه بطلبي سمعت الطفل "إبن البلد" يقول: "وين الكتشب يا خويييييييي ..... شفييييييك انت؟" " هـــــــــــاه"!
ارتسمت على شفتي ابتسامة صفراء ، لُمتُ نفسي قبل أن ألوم الطفل ، لأن من حق الطفل علي، بل من أبسط حقوقه علي هو زرع مكارم الأخلاق فيه ....
ومالنا غيرك يا رب
الدكتور ا س او اس
 

تيفاني

كاتب جيد
رد: صراع الحضارات أم صراع الأخلاق

السلام عليكم
اخي اسلوب الاب والام بالتعامل مع الاخرين يعنكس على الاطفال
الابوين يعاملون الخدم في البيت كالعبيد وهذا ينعكس على الطفل
واصبح الاطفال يعتبر كل شخص اريد ان اعطيه فلوس هو عبد لدي
واللاسف هذا التفكير متفشي في الخليج وجميع الدول الذين يوظفون خدم في البيت
وهذا التصرف يعطي الطفل انطباع السيادة
لاحظ في الشعوب الغربية لايوجد لديهم خدم وليس لديهم انطباع العبودية مع انهم اخبث الشعوب
هذا الفرق بينهم
 

حور

كاتب جديد
رد: صراع الحضارات أم صراع الأخلاق

للاسف واقع مرير والصراع مستمر
 

♪♪ Rabya RT ♪♪

كاتب جيد جدا
رد: صراع الحضارات أم صراع الأخلاق

الأخلائ أكبر حضارة برأي هيك ناس لا أخلائ ولا حضارة هدول ناس عندهم مرض جنون العظمة المال وسيلة الحياة مو وسيلة استعباد ...~ :wub:
 

الدكتور اس او اس

كاتب جديد
رد: صراع الحضارات أم صراع الأخلاق

الأخوات
تيفاني،حور و رابية
بداية أعتذر عن تأخري بالرد.
أتفق معكم بالرأي، واسمحوا لي أن أهمس في أذن كل الأمهات اللاتي لديهنّ مدبرات منزل ( عاملات) .... يا أختي يا بنتي .... تربيتك انت منبع التربية ... وليست العاملة ... تخرج هذه النماذج من تربية الشغالات في البيوت فاحذري .... لأن ابنك سيعاملك في المستقبل بنظرة مشابه .
لن اخوض أكثر في الفكرة .....وشكرا.
 

مواضيع مماثلة

أعلى